ترجمة الحدث
نشرت قناة “12” العبرية أن الدائرة المقرّبة من وزير جيش الاحتلال، إسرائيل كاتس، الذي أعلن أمس أنه “لا ينوي التراشق في الإعلام”، عادت هذا الصباح إلى مهاجمة رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، على خلفية الانتقادات الحادّة التي وجّهها الأخير. وكان كاتس قد أعلن تجميد جميع التعيينات العسكرية لمدة شهر، وإعادة فحص تقرير لجنة تورجمان، فيما قال زامير إنه اطّلع على القرار عبر الإعلام، ما فجّر مواجهة علنية هي الأشد منذ تعيينه.
وبحسب ما نقلته القناة، فإن المقربين من كاتس شددوا هذا الصباح على أنه “مع اكتمال التحققات، لن يكون هناك مفرّ من اتخاذ خطوات ضد ضباط كبار إضافيين في جيش الاحتلال، وتشديد الإجراءات ضد آخرين”. وتضيف القناة أن عدداً من المواقع الحساسة ما تزال بلا تعيينات، وبينها قيادة سلاح الجو، وقيادة سلاح البحرية، ومنصب الملحق العسكري في واشنطن، وهو منصب يقف في قلب الاشتباك بين الطرفين: زامير أراد تعيين العميد تال بوليتيس، نائب قائد سلاح البحرية، بينما أصرّ كاتس على تعيين أمين سرّه العسكري، العميد غاي ماكريزانو.
وفي تطوّر لافت، قالت القناة إن ماكريزانو نفسه أبلغ مقرّبيه أنه مستعد للتنازل عن المنصب وعدم شغل موقع الملحق العسكري في واشنطن، بعدما رأى “حجم الضرر” الذي تُلحقه هذه الأزمة بجيش الاحتلال. ومع ذلك، يستمر الصراع على خلفية تقرير لجنة تورجمان، الذي شدد زامير في بيانه أمس على أنه أُعِد “لاستخدام رئيس الأركان” من أجل مراجعة جودة التحقيقات العسكرية واستخلاص دروس هجوم 7 أكتوبر.
من جهتها، سرّبت الدوائر المحيطة بوزير جيش الاحتلال صباح اليوم أن “رئيس الأركان عمل ضمن صلاحياته، لكنه اعتمد معلومات جزئية وغير مكتملة”. وادعى المقربون من كاتس أن الأخير هو الذي أصر، زمن رئيس الأركان السابق، على استكمال تحقيقات الجيش ونشرها للرأي العام، وأن ذلك هو ما أدى إلى “التغيير الكبير” داخل المؤسسة العسكرية. وأضافوا أن كاتس سيصرّ الآن أيضاً على فحص كل ما يتعلق بإخفاقات 7 أكتوبر، وفق توصيات لجنة اللواء احتياط سامي تورجمان، وأن النتائج “يجب أن تُعرَض أمام الجمهور وعائلات القتلى”، وأنه “لن يُسمح بأي عملية طمس أو تبرئة”.
وتحت وطأة هذا الاشتباك العلني، استدعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كلاً من كاتس وزامير إلى جلسة توضيحية عاجلة، من المتوقع عقدها اليوم.
وكان وزير جيش الاحتلال قد أعلن أمس عن تجميد جميع التعيينات العسكرية لمدة 30 يوماً، وتكليف مراقب وزارة جيش الاحتلال بإعادة فحص نتائج لجنة تورجمان التي راجعت تحقيقات جيش الاحتلال حول فشل 7 أكتوبر. وقال كاتس إن مهمة المراقب تشمل أيضاً تحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى تحقيقات إضافية في مجالات لم تُفحص سابقاً.
وتشير القناة إلى أن كاتس ما زال متمسكاً برأيه القاضي بمنع ترقية كل من خدم في قيادة الجبهة الجنوبية يوم الهجوم، مؤكداً أنه اطّلع على خلاصات زامير الشخصية لأول مرة عبر الإعلام. وهنا بالتحديد بدأت رسائل التصعيد التي مررتها وزارة جيش الاحتلال إلى مكتب رئيس الأركان، عبر مقربين وتوجيهات مسرّبة، تضمنت ثلاثة محاور مركزية فجّرت الأزمة.
الرسالة الأولى تمسّ جوهر تحقيقات الجيش: مقربو كاتس أكدوا أنه “لا يمكن استخلاص استنتاجات شخصية من تحقيقات شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وشعبة العمليات، لأن لجنة تورجمان نفسها أشارت إلى أن بعض تلك التحقيقات “لا يلبّي المعايير المهنية”. وبناءً عليه، يرى وزير جيش الاحتلال أنه لا يمكن لزامير أن يبني عليها قرارات تتعلق بمستقبل الضباط.
أما الرسالة الثانية فتمسّ وثيقة “حومات يريحو” (جدار أريحا)، وهي خطة اجتياح حماس التي كانت بحوزة الاستخبارات الإسرائيلية قبل الهجوم. ويقول كاتس إن الوثيقة وصلت إلى المؤسّسة الأمنية خلال فترة تولي زامير قيادة الجبهة الجنوبية، وإن هذا الملف يجب أن يخضع لتحقيق كامل. بينما ردّ رئيس أركان جيش الاحتلال بأن “لا حاجة لتذكير من وزير الجيش لفتح هذا التحقيق”، لأنه، وفق قوله، فتحه مسبقاً.
أما الرسالة الثالثة فتركز على شمولية المساءلة: وزير جيش الاحتلال يطالب بأن تطال الاستنتاجات كل من شغل مناصب مرتبطة بالسابع من أكتوبر، حتى لو لم يكونوا في مواقعهم يوم الهجوم نفسه. ويطال هذا الموقف، بصورة مباشرة، قائد المنطقة الجنوبية السابق إليعزر توليدانو الذي غادر موقعه قبل نحو شهرين فقط من الهجوم، إضافة إلى منسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة الغربية.
بهذه الرسائل، تقول القناة، بات الاشتباك بين وزير جيش الاحتلال ورئيس أركانه يتجاوز الخلاف الإداري إلى صراع على إعادة كتابة رواية الإخفاق، وعلى من يتحمل المسؤولية التاريخية عن هجوم 7 أكتوبر، في لحظة تهتزّ فيها المؤسسة العسكرية من القاعدة إلى القمّة.
المصدر:
الحدث