محمد أبو علان دراغمة: التوازن الحالي يخدم إسرائيل جزئياً والسيناريو الأقرب استمرار الخروقات الإسرائيلية مع الحفاظ على إطار التهدئة
نبهان خريشة: هذا التصعيد خطوة محسوبة تحمل ملامح سياسة إسرائيلية تسعى لتغيير قواعد الاشتباك عبر نقل "النموذج اللبناني" إلى غزة
سري سمور: المقاومة ليست في وارد العودة إلى "مربع الإبادة" بعد الدمار الهائل والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدتها غزة خلال الحرب
ياسر مناع: إسرائيل تتذرع بأي مبررات لشن عمليات محدودة ما يجعل الاتفاق غطاء يسمح بالضربات دون العودة إلى الحرب بصورتها السابقة
محمد الرجوب: الاختلال الواضح في تطبيق الاتفاق يجعل احتمالات انفجاره مسألة وقت إذا استمر غياب التوافق على كون وقف النار التزاماً متبادلاً
عماد موسى: إسرائيل عادت للتصعيد لرفضها السماح لأي قوة عربية أو إسلامية بالتواجد بغزة تحت أي مسمى خشية كشف مزيد من حقائق الإبادة
يعيش اتفاق التهدئة في قطاع غزة مرحلة مفصلية حساسة، وأصبح مهدَّداً بالانهيار بفعل الخروقات الإسرائيلية المتلاحقة.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن الاتفاق رغم أنه لا يزال قائماً من الناحية الرسمية، فإن استمرار الاستهدافات العسكرية الإسرائيلية المحدودة يضعه في دائرة الخطر، ويُضعف إمكانات صمود الاتفاق في المدى القريب، فإسرائيل تنفذ ضربات جزئية لتثبيت قواعد اشتباك جديدة، في وقتٍ تعمل فيه الولايات المتحدة على منع الوصول إلى مواجهةٍ واسعةٍ قد تعرقل حساباتها الإقليمية، مشيرين إلى أن اتفاق التهدئة في منطقة رمادية، إذ إنه مهدَّدٌ في كل لحظةٍ بالانزلاق نحو مواجهةٍ مفتوحة، إذا استمرت الخروقات مع تراجع دور الوسطاء، بما قد ينسف الاتفاق والجهود بشأنه.
حكومة نتنياهو تسعى لإنهاء اتفاق وقف النار
يؤكد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن السياسة الإسرائيلية الحالية في قطاع غزة، المتمثلة في القصف المتقطع وعمليات الاغتيال المستمرة، تشير إلى سعي حكومة بنيامين نتنياهو نحو إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار والعودة إلى العمليات العسكرية الشاملة التي كانت قائمة قبل التوصل إلى اتفاق شرم الشيخ وفق خطة ترمب لإنهاء الحرب على القطاع.
ومع ذلك، يوضح أبو علان دراغمة أن ما يمنع الحكومة الإسرائيلية من الانزلاق نحو مواجهة واسعة ليس التزامها بالاتفاق، بل إصرار الإدارة الأمريكية على الحفاظ على وقف النار والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق لما فيه من مصلحة أمريكية.
ويشير دراغمة إلى أن حركة "حماس"، على عكس ما تناولته بعض وسائل الإعلام، غير معنية بإنهاء وقف إطلاق النار، بل أكدت للوسطاء استمرار التزامها بالاتفاق على الرغم من الخروقات الإسرائيلية المستمرة.
ويوضح أن استمرار التهدئة قائم على عاملين رئيسيين: رغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على الاتفاق والانتقال للمرحلة الثانية، وإرادة "حماس" في عدم العودة إلى الحرب مع إسرائيل في الوقت الحالي.
ويشير دراغمة إلى أن خروقات إسرائيل قد تكون مفتعلة، إذ إن الاحتلال يمتلك أدوات داخل القطاع، من بينها ميليشيات مسلحة على غرار جماعات أبو شباب، التي قد تُستخدم لتبرير عمليات القصف والاغتيال.
ويلفت دراغمة إلى أن حكومة نتنياهو تعتبر الوسطاء بلا وزن فعلي، حيث يقتصر تأثيرهم على مراقبة الخروقات، بينما تكتسب الإدارة الأمريكية الدور الأساسي في السماح أو تقييد العمليات الإسرائيلية.
مواصلة الخروقات مع الحفاظ شكلياً على التهدئة
ويستعرض دراغمة السيناريوهات المستقبلية، مؤكداً أن الوضع القائم سيستمر على المدى القريب، إذ من المرجح أن تستمر إسرائيل في عمليات خرق وقف النار، مع الحفاظ شكلياً على التهدئة، مستلهمة تجربة الجنوب اللبناني، حيث يتم تنفيذ اغتيالات تحت ذرائع واهية تشمل خرق وقف النار أو أهداف محددة.
ويلفت إلى أن هذا النهج سيؤدي إلى استمرار وقف النار الهش، مع تصاعد عمليات القتل والاستهداف والضغط على السكان المدنيين في غزة، ما يجعل القطاع في حالة توتر مستمر دون انفجار شامل إلا في حال تغير الموقف الأمريكي.
ويشير دراغمة إلى أن استمرار وقف إطلاق النار مرهون بالضغط الدولي، لكنه يؤكد أن التوازن الحالي يخدم إسرائيل جزئياً، ويجعل السيناريو الأقرب هو استمرار الخروقات الإسرائيلية مع الحفاظ على إطار التهدئة، ما يضع قطاع غزة تحت حالة دائمة من القلق والتوتر، وسط غياب قدرة الوسطاء على فرض التزام كامل على الجانب الإسرائيلي.
القطاع أمام واحدة من أخطر مراحل الاتفاق الهش
يحذّر الكاتب الصحفي نبهان خريشة من أنّ قطاع غزة يقف اليوم أمام واحدة من أخطر مراحل اتفاق وقف إطلاق النار الهش، وذلك بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مدينتي غزة ودير البلح، وأدت إلى استشهاد أربعة وعشرين مدنياً وإصابة العشرات.
ويرى خريشة أن هذا التصعيد لا يمكن اعتباره مجرد ردّ أمني محدود، بل هو خطوة محسوبة تحمل ملامح سياسة إسرائيلية جديدة ـ قديمة، تسعى لتغيير قواعد الاشتباك عبر نقل "النموذج اللبناني" إلى غزة، وهو النموذج الذي اعتمدته تل أبيب خلال العام الماضي في الجنوب اللبناني: تهدئة معلنة، مقابل ضربات جوية وانتهاكات متواصلة دون ثمن سياسي.
وبحسب خريشة، تتعامل إسرائيل مع اتفاق وقف إطلاق النار كإطار شكلي يسمح لها بفرض وقائع ميدانية من طرف واحد، فيما تضع غزة أمام معادلة معقدة.
ويشير خريشة إلى أن حركة "حماس"، التي سبقت أن حذّرت من محاولة إسرائيل استنساخ السيناريو اللبناني في قطاع غزة، تجد نفسها اليوم أمام معضلة مزدوجة: فهي لا تريد الانجرار إلى حرب واسعة تعيد القطاع إلى مشهد الدمار، لكنها في الوقت ذاته تدرك أن الصمت على استهداف المدنيين سيُفهم باعتباره قبولاً بتغيير قواعد اللعبة، الأمر الذي يهدد بتقويض الردع كلياً، وفي ظل هذا التوازن الدقيق، يصبح تدخل الوسطاء -قطر ومصر والأمم المتحدة- ضرورة لتثبيت خطوط حمراء تمنع الانفجار.
لكن التعويل على الوسطاء، وفق خريشة، يصطدم بموقف الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تُظهر استعداداً لفرض أي قيود جدية على إسرائيل.
ويشير إلى تصريحات لضباط أمريكيين في "كريات جات" يؤكدون فيها أن ""حماس" لن ترد، لأنها لا تملك أوراق تفاوض"، معتبراً أن هذه الرسائل ليست مجرد تقديرات أمنية بل إشارات سياسية تشجع إسرائيل على المضي في سياسة "القصف بلا كلفة"، وتضع الوسطاء في موقع ضعيف أمام الحكومة الإسرائيلية.
توتر دائم دون انفجار كبير
ويستعرض خريشة ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار الوضع في غزة: الأول، بقاء التهدئة شكلياً مع استمرار الغارات المتقطعة، وهو سيناريو يبقي القطاع في توتر دائم دون انفجار كبير ما دامت "حماس" تفضّل ضبط النفس.
والسيناريو الثاني، وفق خريشة، انزلاق الوضع إلى مواجهة واسعة إذا أدى أي قصف مقبل إلى مجزرة كبيرة أو استهداف قيادات ميدانية.
أما السيناريو الثالث وفق خريشة، فيتعلق بنجاح الوسطاء في فرض تفاهمات جديدة تعيد ضبط قواعد الاشتباك، خاصة إذا اكتشفت إسرائيل أن تطبيق النموذج اللبناني في غزة غير واقعي بسبب اختلاف الظروف السياسية والإنسانية.
ويشير خريشة إلى أن مستقبل التهدئة يظل مرهوناً بمدى رغبة إسرائيل في اختبار حدود الاتفاق، وبقدرة الوسطاء على الفعل، بينما يبقى المدنيون في غزة الخاسر الأكبر أمام لعبة سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات.
مستقبل الاتفاق مرتبط بالموقف الأمريكي
يشدّد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور على أن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بات مرتبطاً بشكل مباشر بالموقف الأمريكي، وليس فقط بالسلوك الإسرائيلي. ويوضح سمور أن الاتفاق جرى برعاية وإشراف كاملين من واشنطن، ما يجعل السؤال الأساسي: هل ترغب الولايات المتحدة في تفجير الاتفاق أم في استمرار التهدئة؟ مشيراً إلى أن الهيمنة الأمريكية على الملف باتت واضحة ومهيمنة على مسار التطورات.
ويؤكد سمور أن المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً حركة "حماس"، ليست في وارد العودة إلى "مربع الإبادة" بعد الدمار الهائل والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدتها غزة خلال الحرب.
ويوضح سمور أن قدرات المقاومة تراجعت بفعل فقدان آلاف المقاتلين والقادة، ما يجعلها بحاجة إلى فترة لالتقاط الأنفاس، وبالتالي فهي غير معنية حالياً بالانجرار نحو مواجهة شاملة، بل تميل إلى امتصاص الاعتداءات والتعامل معها بحذر.
ويشير إلى أن إسرائيل تحاول تثبيت "النموذج اللبناني" ونقله إلى قطاع غزة، أي إدارة تصعيد محدود تحت غطاء تهدئة معلنة، تماماً كما تفعل في جنوب لبنان، إلا أن نجاح هذا المسار يبقى مرتبطاً بالسماح الأمريكي له، لأن واشنطن هي التي تضبط إيقاع السلوك الإسرائيلي وتحدد حدود التصعيد.
ويلفت سمور إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية معنيتان حالياً بتصعيد محسوب، لا بتفجير الاتفاق، في حين تواصل المقاومة ضبط النفس.
ويستعرض سمور ثلاثة سيناريوهات محتملة: السيناريو الأول: استمرار الوضع القائم، حيث تكتفي المقاومة بدعوة الوسطاء للتدخل والضغط على إسرائيل، مع إصدار بيانات إدانة للغارات والمجازر دون رد عسكري.
ويدخل ضمن هذا السيناريو وفق سمور، احتمال أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر للجم إسرائيل ودفعها إلى خفض التصعيد.
ويشير إلى أن السيناريو الثاني هو رد محدود من قبل المقاومة، يوجّه رسالة بأن جهوزيتها ما زالت قائمة، عبر استهداف قوات الاحتلال المتمركزة داخل أجزاء من القطاع، دون توسيع الاشتباك.
أما السيناريو الثالث وفق سمور، وهو السيناريو الأقل ترجيحاً لكنه يبقى وارداً، ويتمثل بعودة المواجهة الواسعة، عبر تفعيل الخلايا المتبقية داخل القطاع أو إطلاق ما تبقى من الصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي.
ويرى سمور أن الاتفاق سيصمد على الأرجح، ما دامت واشنطن غير راغبة في انهياره، وما دامت المقاومة تميل إلى تجنّب حرب جديدة، بينما تحاول إسرائيل استثمار التصعيد المحدود دون الوصول إلى مواجهة شاملة.
لا مؤشرات حتى اللحظة إلى اقتراب الانهيار
يؤكد الكاتب والباحث المختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن التصعيد العسكري المتجدد في قطاع غزة يضع الاتفاق الحالي تحت ضغط متزايد، لكنه لا يشير حتى اللحظة إلى اقتراب انهياره.
وبحسب مناع، فإن الأطراف كافة استثمرت سياسيّاً وأمنيّاً في المسار القائم، ما يجعل كلفة تفجير الاتفاق أعلى بكثير من كلفة احتواء الخروقات المتكررة.
ويقدر مناع أن مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية تتحرك بشكل نشط لتثبيت التفاهمات ومنع انزلاقها نحو مواجهة شاملة، في ظل إدراك دولي بأن العودة إلى الحرب الواسعة ستكون كارثية إنسانياً، وستقلب المشهد الإقليمي برمّته.
ويرى أن استمرار الخروقات قد يقود إلى حالة جديدة يمكن تسميتها بـ"الاتفاق المثقوب غير المنتهي"؛ وهو إطار عام يبقى قائماً رغم التصعيدات الموضعية التي تستخدمها إسرائيل لتثبيت معادلة "حرية عمل الجيش" داخل قطاع غزة، على غرار محاولاتها ترسيخ ذات المعادلة في لبنان والضفة الغربية.
استخدام الاتفاق غطاءً سياسيّاً
ويشير مناع إلى أن إسرائيل تتذرع بأي مبررات أمنية لشن عمليات محدودة، ما يجعل الاتفاق أشبه بغطاء سياسي يسمح بالضربات دون الانزلاق إلى حرب كما في صورتها السابقة، خاصة أنها تستعد لمرحلة ثانية أكثر تعقيداً على المستوى العسكري والأمني، في حين، يوضح أن الوسطاء سيواصلون الضغط المكثّف لمنع الانهيار الكامل للاتفاق، إدراكاً منهم أن أي انفجار واسع سيعيد المنطقة إلى نقطة الصفر.
ويؤكد مناع أن الطرفين -إسرائيل والمقاومة- غير مستعدين لتحمل تبعات مواجهة شاملة جديدة، ما يجعل إدارة التوتر داخل سقف الاتفاق الخيار الأكثر واقعية في المرحلة الراهنة.
الاتفاق يقف على حافة شديدة الخطورة
يرى الأكاديمي والباحث في الإدارة العامة والعلوم السياسية محمد الرجوب من أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يقف على حافة شديدة الخطورة، مشيراً إلى أنه بطبيعته اتفاق هشّ لا يمثل سلاماً دائماً، بل هدنة مرحلية تستند إلى إجراءات متتابعة وثقة متبادلة ضعيفة بين أطراف الصراع.
ويؤكد أن أي خرق ميداني من أي جهة، خاصة من الجانب الإسرائيلي، يساهم في تآكل الثقة ويقرب الاتفاق من الانهيار، فيما تتعامل كل جهة مع بنوده وفق رؤية مختلفة؛ فـ"حماس" ترى أن لا جدوى من اتفاق تُخرقه إسرائيل باستمرار، بينما تستخدم تل أبيب أي تحرك مسلح كذريعة لإعادة العمليات العسكرية.
ويشير الرجوب إلى أن الأسبوع الأخير كشف نمطاً متكرراً من الخروقات الإسرائيلية، من استهداف المدنيين إلى عمليات اغتيال لعناصر المقاومة، وهو ما يعمّق الشعور بأن الاتفاق يتحول تدريجياً إلى إطار يسمح لإسرائيل بحرية حركة عسكرية، فيما يُطلب من الفصائل الفلسطينية الالتزام الصارم ببنوده دون أي قدرة على الرد.
ويرى الرجوب أن هذا الاختلال الواضح في تطبيق الاتفاق يجعل احتمالات انفجاره مسألة وقت إذا استمر غياب التوافق على كون وقف النار التزاماً متبادلاً وليس خطوة أحادية تُفرض على طرف دون آخر.
ويلفت إلى أن هذا الواقع يستلهم النموذج الإسرائيلي المتبع في جنوب لبنان، حيث يتم الحفاظ على اتفاق تهدئة شكلي، بالتوازي مع خروقات إسرائيلية متكررة.
وبحسب الرجوب، فإن إسرائيل تحاول نقل هذا النموذج إلى غزة عبر استهدافات موضعية تُبقي الاتفاق قائماً شكلياً، لكنها تقضم تدريجياً من قوة الردع، ما يجعل القطاع عرضة لتوتر مستمر قد يتحول فجأة إلى مواجهة واسعة.
وفي ما يتعلق بالوسطاء، يؤكد الرجوب أن دور مصر وقطر والأطراف الدولية مهم ومحوري، لكنه يظل محدوداً، فهؤلاء الوسطاء قادرون على احتواء الخروقات الآنية، لكنهم ليسوا قوة قسرية قادرة على فرض الالتزام الكامل، خصوصاً في ظل الغطاء السياسي الأمريكي لإسرائيل.
ويشير الرجوب إلى أن واشنطن، رغم رعايتها الاتفاق، تسمح لإسرائيل بتنفيذ خروقات متواصلة، ما يضعف قدرة الوسطاء على منع التصعيد.
ويرى الرجوب أن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين استمرار الهدنة الهشة مع بقاء الخروقات، وبين انهيار كامل يعيد غزة إلى دائرة الحرب، فيما يظل السيناريو الأكثر تفاؤلاً مرتبطاً بضغط أمريكي فعلي على إسرائيل لتطبيق بنود الاتفاق بالكامل.
ويشير إلى أن استمرار التهدئة مرهون بثلاثة عوامل: التزام الطرفين، وفعالية الوسطاء، والاستعداد الدولي للضغط على إسرائيل؛ وإلا فإن انفجار الاتفاق سيصبح احتمالاً واقعياً قد يحدث في أي لحظة.
موجة التصعيد الأخيرة مخطط لها ومعدّة جيداً
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن موجة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة ليست حدثاً طارئاً، بل "مخطط لها ومعدة جيداً"، مشيراً إلى جملة من الأسباب التي تدفع الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو إلى استئناف سياسة الحرب والإبادة والتهجير في غزة وعلى جبهات أخرى.
ويوضح أن أول هذه الدوافع تتعلق برفض إسرائيل السماح لأي قوة عربية أو إسلامية بالتواجد في غزة تحت أي مسمى، سواء كان ذلك في سياق إعادة الإعمار أو الإشراف الميداني، خشية كشف مزيد من حقائق جرائم الإبادة التي ارتكبت خلال الحرب.
ويشير موسى إلى أن هذا المانع السياسي والأمني يمثل محوراً رئيسياً في حسابات الاحتلال خلال المرحلة الراهنة.
أما السبب الثاني -بحسب موسى- فهو رغبة نتنياهو في منع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاستحواذ على مشاريع إعادة الإعمار وملفات الطاقة والغاز، باعتبار أن نتنياهو "مرتبط بالشركات العابرة للقارات وغير مستعد للمجازفة بإغضابها"، ما يجعل ملف الطاقة عاملاً مؤثراً في مسار التصعيد.
ويبيّن موسى أن نجاح زهران ممداني وهو "رمز التحول الشبابي داخل أمريكا"، وكشف المخزون المعلوماتي جيفري ابستين المتهم بالعمالة للموساد، الذي قد تمتد تداعياته إلى "حلفاء نتنياهو"، دفعت نتنياهو إلى "فبركة الأحداث" لخلق ذريعة للعودة إلى الحرب وتوسيعها، منتقداً في الوقت ذاته دور الوسطاء.
السيناريو الأقوى: استئناف الإبادة والتهجير
وفي تحليله للسيناريوهات المحتملة، يشير موسى إلى أن السيناريو الأول والأقوى يتمثل في إعطاء نتنياهو أمراً رسمياً لقوات الاحتلال لاستئناف "الإبادة والتهجير" دون الاكتراث لمواقف ترمب أو إدارته، لأن "اللوبيات هي من أوصلت ترمب لاستكمال تسويق إسرائيل عبر القوة والسيطرة".
أما السيناريو الثاني، وفق موسى، فهو أن يفرض ترمب الاتفاق ويدفع نحو تنفيذ آلياته بالقوة.
ويشير إلى أن السيناريو الأكثر ضعفاً ويتمثل في دخول مصر بقوة لمنع الإبادة واستعادة دورها التاريخي في حماية حدودها ومجالاتها الحيوية، بينما قد يبرز سيناريو آخر يتمثل بعودة الحراك الدولي بقوة لفرض إجراءات عقابية على إسرائيل، ما قد يضع حكومة نتنياهو في عزلة شبيهة بما واجهته جنوب إفريقيا سابقاً.
ويحذر موسى من أن نتنياهو قد يلجأ إلى "آخر ما في جعبته من أوراق الخداع" لابتزاز ترمب والوسطاء، سعياً لتبرير توسيع العمليات العسكرية ضد "حماس".
المصدر:
القدس