خاص الحدث
كشفت مصادر مطلعة لصحيفة "الحدث" أن شهر أكتوبر الماضي سجّل ارتفاعًا لافتًا في إيرادات الخزينة الفلسطينية من عائدات ضرائب التبغ، تجاوز 45 مليون شيقل مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وعزت المصادر هذا الارتفاع إلى زيادة وتيرة عمليات التدقيق والمتابعة التي اتُّخذت خلال الشهر الماضي، والتي تزامنت مع إحالة المدير العام السابق للهيئة العامة للمعابر والحدود نظمي مهنا إلى التقاعد، بالتوازي مع تقارير أشارت إلى خضوعه لتحقيقات تتعلق بشبهات فساد، بعضها مرتبط بعمل المعابر، وتعيين أمين قنديل مديرًا عامًا للهيئة في 13 نوفمبر، بعد تكليفه قائمًا بأعمال المدير العام منذ 4 أكتوبر، وهو الأمر الذي انعكس على السياسات المتخذة على جسر الكرامة الذي يُعدّ المنفذ الرئيسي في مسار تهريب التبغ من الأردن إلى الضفة الغربية.
وكانت صحيفة "الحدث" قد فتحت ملف تهريب التبغ على مدار السنوات الماضية، ونشرت تحقيقات وتقارير ومعطيات حول الظاهرة، نظرًا لكونها من التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة. وتُقدّر خسائر الخزينة الفلسطينية من الضرائب غير المحصلة بسبب التهريب بنحو مليار شيقل سنويًا في بعض السنوات، وهو ما يعادل حوالي 270 مليون دولار أمريكي، وفقًا لتقديرات رسمية وغير رسمية.
وتوضح الزيادة الأخيرة في إيرادات التبغ خلال شهر أكتوبر الماضي بصورة مباشرة أن الإجراءات الإدارية لا تكون ذات أثر حقيقي إلا إذا رافقتها إرادة سياسية واضحة، ومتابعة دقيقة، وشفافية في إدارة المنافذ الحدودية. فكل موجة تشديد على حركة التهريب، كما تقول المصادر، تقابلها زيادة ملموسة في الإيرادات، وهو ما يؤكد العلاقة المباشرة بين مكافحة التهريب واستقرار الوضع المالي، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية.
ويرى مراقبون أن ما حدث في أكتوبر قد يشكل مؤشرًا على ما يمكن تحقيقه إذا استمرت الإجراءات الرقابية والسياسات الصارمة، مع ضرورة توسيع التحقيقات في شبكات التهريب التي نشطت في السنوات الماضية، وضمان عدم استمرار الحماية الرسمية التي أسهمت في تضخم شبكات وعمليات التهريب على مدار سنوات.
ووفق معلومات نشرتها صحيفة "الحدث" سابقًا، بلغت خسائر الخزينة العامة في عام 2019 نحو 500 مليون شيقل نتيجة تهريب منتجات التبغ عبر المعابر، خاصة من الأردن. وفي 2020 أدى إغلاق المعابر بسبب جائحة كورونا إلى انخفاض عمليات التهريب، مما ساهم في زيادة إيرادات الحكومة من التبغ بنسبة تزيد على 40% خلال العام. أما في 2021 فقد بلغت الخسائر نحو 480 مليون شيقل، وفي 2022 تفاوتت التقديرات بين 520 و550 مليون شيقل، مع الإشارة إلى أن معبر الكرامة كان نقطة مركزية في عمليات التهريب. وفي 2023 ارتفعت الخسائر إلى أكثر من 880 مليون شيقل، ووصلت في 2024 إلى نحو مليار شيقل.
وتعكس الأرقام التي نشرتها "الحدث" في تلك التقارير فجوة كبيرة بين الإيرادات الممكنة والإيرادات الفعلية من قطاع التبغ، وهي فجوة ترتبط مباشرة بمدى قدرة المؤسسات الرسمية على ضبط المعابر وإغلاق مسارات التهريب. وتشير التقديرات التي استندت إليها الصحيفة إلى أن الخسائر الناجمة عن التهريب تتبدل من سنة إلى أخرى، وأنها مرتبطة بفترات التشديد أو التراخي في الرقابة على المعابر.
المصدر:
الحدث