في الوقت الذي يسمح فيه الاحتلال الإسرائيلي بمرور المساعدات والبضائع إلى قطاع غزة، يستمر في التمسك بمعادلة 'بقاء الرأس فوق الماء' مع أكثر من مليوني فلسطيني، بما يشبه حالة تركهم في دوامة التجويع دون التعافي من آثاره.
تظهر هذه السياسة من خلال تحكم إسرائيل في أصناف السلع الواردة وكمياتها وأسعارها، وذلك بهدف تصعيب توفّرها للمستهلكين الذين لا يزالون يعانون من تبعات حرب طاحنة تركت آثارها على أجسادهم.
الاحتلال يمتلك إحصاءات دقيقة حول استهلاك سكان القطاع للمواد الغذائية الأساسية شهريًا، حيث سمحت قوات الاحتلال بإدخال ما مجموعه 4453 شاحنة، تشمل جميع ما ورد إلى القطاع من مساعدات وسلع تجارية ومشتقات الوقود.
بلغ عدد الشاحنات الواردة إلى القطاع التجاري 1110 شاحنة، من بينها 354 شاحنة أغذية، أي ما نسبته 32% من مجمل الوارد إلى التجار.
اقتصر عدد شاحنات اللحوم على 10 شاحنات فقط، في حين بلغ عدد شاحنات الخضروات والفواكه 62 شاحنة.
يقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن متوسط عدد الشاحنات التي تدخل يوميًا يبلغ 171 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة يفترض دخولها وفق البروتوكول الإنساني.
قوات الاحتلال لا تزال تمنع 350 صنفًا من الأغذية الأساسية التي يحتاجها الأطفال والمرضى والجرحى والفئات الضعيفة، أبرزها البيض واللحوم الحمراء والدواجن والأسماك ومشتقات الألبان.
الاحتلال يملك إحصاءات دقيقة حول استهلاك سكان القطاع للمواد الغذائية الأساسية شهريًا بحكم تحكمه في المعابر التجارية.
يقول القائم بأعمال الإدارة العامة للدراسات في وزارة الاقتصاد محمد بربخ إن الاحتلال يعتمد سياسة 'إبقاء الرأس فوق الماء'، ويتحكم في السلع الواردة بما يضمن أن يعيش السكان حالة من الجوع دون أن يصلوا إلى الموت الجماعي الكامل.
تتحكم إجراءات الاحتلال في ثالوث الكميات والأسعار والأنواع، وتعيد توزيع السلع بأسعار متصاعدة، مما يجعل السوق هشة وسريعة التأثر بأي تصعيد.
قطاع غزة يعاني هذه الأيام من غياب البنية التحتية اللازمة لتخزين البضائع بعد تدمير المستودعات والمخازن خلال الحرب.
يؤكد المدير العام للدراسات في وزارة الاقتصاد أن الاحتلال الإسرائيلي يتحكم عمدًا في كمية إدخال السلع الأساسية بما يضمن استمرار سيطرته على السوق.
يبدو أن الاحتلال وضع حدا لكمية السعرات الحرارية التي يتناولها كل شخص في قطاع غزة، كي لا يصل لمستوى التعافي من المجاعة.
يقول طبيب التغذية أحمد الفرا إن سوء التغذية في غزة انتقل من مرحلة النقص الشديد في السعرات الحرارية إلى مرحلة نقص البروتين.
غياب البروتين يتسبب في انتفاخ الوجه والبطن والأطراف، كما يدمّر المناعة، مما يجعل الجسم عاجزًا عن مقاومة الأمراض.
النظام الغذائي في غزة بات مختلًا بشكل خطير، إذ يعتمد السكان على النشويات فقط، بينما تندر الدهون الطبيعية الضرورية.
يؤكد الفرا أن الوضع يزداد قسوة لدى الفئات الأكثر هشاشة مثل الجرحى والحوامل والأطفال الحديثي الولادة.
حالات الولادة الجديدة تعكس الكارثة بوضوح، حيث لا يتجاوز أوزان المواليد الجدد الكيلوغرام ونصف.
سوء التغذية أصبح شريكًا دائمًا للأمراض المزمنة، ونفقد كل يوم حالات في العناية المركزة.
المصدر:
القدس