الحدث الإسرائيلي
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالة حول قمة "السلام 2025" التي عُقدت في منتجع شرم الشيخ، مشيرةً إلى أن أحد المواقف المحرجة التي شهدتها القمة – حين حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب توجيه الشكر لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ليتبين أنه غير حاضر – كان كافيًا ليعكس مستقبل الخطة الأميركية الضخمة المسماة "خطة النقاط العشرين".
فغياب بن زايد، إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وسلطان عُمان، عن القمة التي شاركت فيها نحو عشرين دولة، عُدّ مؤشرًا على تصدعات عميقة بين العواصم العربية المشاركة في المفاوضات التي سبقت التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
توضح الصحيفة أن الخلاف بين مصر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى تفجّر خلال الأسابيع الأخيرة بسبب إدارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمفاوضات دون تنسيق مسبق معهما. إلا أن جوهر الخلاف يتمحور حول مستقبل حركة حماس في قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال.
وتطالب الرياض وأبوظبي بأن تتضمن الخطة نصًا صريحًا على تفكيك حماس بالكامل ومنعها من الوجود كتنظيم سياسي أو عسكري، فإن صيغة ترامب – التي وافقت عليها القاهرة والدوحة وأنقرة – تكتفي بالإشارة إلى نزع السلاح دون المساس بوجود حماس ككيان سياسي يمكنه المشاركة في الانتخابات لاحقًا، ما اعتبرته السعودية "تنازلًا مفرطًا" للحركة.
وتشير "هآرتس" إلى أن أربع دول فقط – مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة – وقّعت على "إعلان ترامب للسلام والازدهار المستدام"، بينما امتنعت السعودية والإمارات عن التوقيع رغم أنهما تشكلان العمود المالي المفترض للمشروع. إذ تعتمد الخطة على تمويل يتجاوز 70 مليار دولار لتغطية إنشاء إدارة مدنية جديدة في غزة، وتدريب قوات شرطة محلية، وإعادة إعمار القطاع. غير أن البيان الختامي الذي تكررت فيه كلمة "السلام" ثلاث عشرة مرة، لم يتضمن أي التزامات مالية واضحة، ما جعل الصحيفة تشير إلى أن "السلام المنتظر قد يبقى على الورق فقط".
وتُذكّر الصحيفة بأن تجارب المؤتمرات السابقة، مثل مؤتمر المانحين في القاهرة عام 2014، انتهت بفشل كبير، إذ لم يُنفذ سوى 45% من التعهدات، معظمها من قطر، فيما امتنعت السعودية حينها عن المشاركة. لذلك سيكون من المثير معرفة إن كانت ستشارك هذه المرة في مؤتمر الدول المانحة الذي يخطط السيسي لعقده الشهر المقبل.
أما البند الأكثر إلحاحًا في خطة ترامب فهو تشكيل "قوة الاستقرار الدولية" المكلفة بتأمين المناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال الإسرائيلي ومساندة الشرطة المحلية. وقد أبدت كل من إندونيسيا والإمارات استعدادًا مبدئيًا للمشاركة فيها بشروط؛ فجاكرتا اشترطت تفويضًا أمميًا، بينما ربطت أبوظبي مشاركتها بدعوة رسمية من السلطة الفلسطينية وبإجراء إصلاحات داخلها. في المقابل، أرسلت واشنطن بالفعل نحو 200 عسكري لتنسيق مراقبة وقف إطلاق النار، دون أن تشارك في أي عمليات ميدانية داخل غزة.
تضيف الصحيفة أن غياب الحسم في هوية الدول المشاركة وعدد القوات وصلاحياتها يثير تساؤلات حول جدية المشروع، خصوصًا مع استمرار حماس في فرض سيطرتها الميدانية ومهاجمة الميليشيات والعشائر التي تعاونت مع إسرائيل خلال الحرب. وتشير إلى أن نحو عشرين شخصًا من عائلة دغمش قُتلوا مؤخرًا في اشتباكات مع عناصر حماس، وأن ميليشيا "أبو شبّاب" المدعومة من "الشاباك" والجيش الإسرائيلي باتت مكشوفة بلا حماية بعد الانسحاب.
وتختم "هآرتس" بالقول إن الهوة بين قدرة ترامب على إلزام إسرائيل بوقف النار وانسحابها من غزة، وبين قدرته على إلزام الدول العربية والغربية بإرسال قوات أو تمويل الإعمار، لا تزال شاسعة. فنجاح الخطة مرهون بإيجاد شريك فلسطيني فعلي يشارك في إدارة القطاع في المرحلة الثانية من الخطة، وهو ما لم يتحقق بعد، إذ إن كل ما قام به ترامب تجاه السلطة الفلسطينية اقتصر على مصافحة محمود عباس التي انتُزعت منه بوساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لذلك، بحسب الصحيفة، فإن "حلم السلام الإقليمي لترامب يشبه طائرة تُبنى وهي تحلّق، لكنها بلا أجنحة وتطير فوق هواء ساخن".