آخر الأخبار

معضلات خطة ترامب بالنسبة للإسرائيليين: حماس باقية متجذرة

شارك

الحدث الإسرائيلي

اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي نداف إيال أن المخاوف التي تحيط بالصفقة المقترحة مع حركة حماس مشروعة ولا يمكن تجاهلها. فالخشية من أن تخدع الحركة إسرائيل وتحتفظ ببعض الأسرى، أو أن تستعيد قوتها بعد وقف إطلاق النار، تبقى قائمة. كما أن الوضع على الأرض معقد إلى درجة أن المعلومات حول مضمون الصفقة تتغير كل ساعة تقريبًا، الأمر الذي يجعل من الصعب الحكم على النتائج مسبقًا.

يشير إيال إلى أن ما يمكن إنجازه عسكريًا قد تحقق بالفعل، وما تبقى لا يمكن تحقيقه بالقوة. فبينما أحرزت إسرائيل نجاحات في مواجهة حزب الله وإيران، فإنها فشلت في غزة رغم الجهد العسكري الهائل وسقوط عشرات آلاف القتلى، كثير منهم من المدنيين. هذا الثمن الإنساني المروع، من قتل جماعي ودمار واسع، هو السبب الرئيس لتدهور صورة إسرائيل في العالم. الجيش، كما يصفه قادة كبار، وجد نفسه أمام “أكبر تحدٍ في تاريخه”، نتيجة معضلة الأسرى، والأنفاق، والكثافة السكانية، والضغط الدولي المتزايد. حتى لو سقطت مدينة غزة بالكامل، فإن الحرب لم تكن لتنتهي، لأن الأمر يتطلب السيطرة على المخيمات والجنوب أيضًا، وهو ما رفضت الولايات المتحدة السماح باستمراره إلى ما لا نهاية.

ويرى إيال أن الصفقة المطروحة تحمل إنجازًا لإسرائيل، لأنها تجبر حماس منذ البداية على التخلي عن ورقته الأهم: الأسرى. لكنها تضع في المقابل الجيش الإسرائيلي أمام انسحاب تدريجي من القطاع، وتسليم الإدارة لسلطة فلسطينية مع إدخال قوات عربية أو إقليمية لتولي المسؤولية الأمنية. هذا الترتيب يقيّد حركة الجيش ويترك حماس قائمة كحركة شعبية متجذرة، حتى لو جرى تدمير معظم بنيتها العسكرية. إيال يوضح أن الحديث عن “القضاء التام على حماس” لم يكن يومًا هدفًا معلنًا، لا من الحكومة ولا من المؤسسة الأمنية. فالشرط الوحيد لتحقيق ذلك هو الاحتلال العسكري المباشر لسنوات طويلة، وهو خيار لم يكن مطروحًا أصلًا.

منذ أكثر من عام، عرض رئيس الأركان ثلاث خيارات لإدارة غزة: إما بقاء حماس، أو عودة فتح، أو إدارة عسكرية إسرائيلية. لكن إسرائيل لم تختر أيًا منها، وفضّلت إبقاء فراغ سياسي وإداري. النتيجة أن المجتمع الدولي والإقليمي هو من يملأ هذا الفراغ، بينما تتحول الصفقة الحالية إلى مخرج إجباري. وفي المقارنة بين ما كان يمكن تحقيقه في مارس 2025 وبين ما يُعرض الآن في أكتوبر، يرى إيال أن إسرائيل دفعت ثمنًا باهظًا من دماء وصورة وشرعية دولية، دون عائد عسكري يذكر.

ويحذر إيال من أن المعضلة الكبرى تكمن في المستقبل: كيف تضمن إسرائيل ألا تعود حماس للسيطرة مجددًا على القطاع؟ والإجابة، في تقديره، أن الحركة ستبقى طالما بقي الفلسطينيون، وأن المواجهة معها ستأخذ شكل صراع طويل الأمد يشبه الصراع مع حزب الله. لذلك تحتاج إسرائيل إلى مزيج من الحنكة السياسية والضغط العسكري المتجدد، لأن حماس كفكرة وحركة اجتماعية لا يمكن القضاء عليها بالكامل.

في المقابل، تكشف استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين باتوا مع إنهاء الحرب مقابل استعادة الأسرى. فقد أظهر استطلاع “القناة 13” أن أكثر من 70% يؤيدون خطة ترامب، فيما أظهر استطلاع “القناة 12” في يوليو أن 74% يدعمون إنهاء الحرب مقابل استعادة الأسرى، بما في ذلك غالبية من ناخبي الائتلاف الحاكم. هذه الأرقام تعكس رغبة إسرائيلية عارمة في إنهاء الحرب، حتى ولو ظل الصراع مع حماس مفتوحًا.

ويخلص إيال إلى أن الصفقة، رغم تعقيداتها، تعكس إدراكًا إسرائيليًا متأخرًا لحقيقة الواقع: لا هزيمة شاملة لحماس، ولا سيطرة إسرائيلية طويلة الأمد على غزة. ما يمكن تحقيقه هو استعادة الأسرى وفتح نافذة لإدارة بديلة، لكن المواجهة مع حماس ستظل قائمة ومفتوحة لسنوات، وربما لعقود.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا