آخر الأخبار

خبير إسرائيلي في الشؤون العربية: هجوم الدوحة فاشل حتى لو نجح عملياتيا

شارك

الحدث الإسرائيلي

قال البروفيسور إيلي فودا، المحاضر في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطي في الجامعة العبرية، إن محاولة اغتيال قادة المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة على يد “إسرائيل” كانت مفاجئة وجريئة، لكنها فشلت عمليًا، وحتى لو نجحت فإن كلفتها كانت ستتجاوز فوائدها. وأكد أن هذا ليس استنتاجًا متأخرًا، إذ كان بالإمكان توقّع معظم النتائج مسبقًا.

وأوضح أن العلاقات التي بُنيت عبر سنوات بين “إسرائيل” وبعض دول الخليج، وفي مقدمتها قطر، استندت إلى قنوات ثقة واتصالات خلف الكواليس رعتها شخصيات بارزة من الموساد ووزارة الخارجية، بينهم رؤساء موساد ومديرو الوزارة. لذلك لم يكن مستغربًا أن يعارض رئيس الموساد العملية، على الأقل في توقيتها، لأنها تُلحق ضررًا مباشرًا بالعلاقات مع قطر، فضلًا عن كونها سابقة خطيرة بالمساس بوسيط يتمتع بحصانة بحكم موقعه. وأشار إلى أن “إسرائيل” اعتادت على خرق الثقة من قبل، مثل محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة في الأردن عام 1997، واغتيال محمود المبحوح في الإمارات عام 2010، وتسريب نتنياهو لقاءه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2020. وعلى عكس الضربات في إيران أو سوريا أو لبنان، وهي دول عدوة، فإن هذه العمليات استهدفت دولًا ترتبط بمعاهدات سلام أو علاقات سرية مع “إسرائيل”، ما جعلها تُفسَّر كخيانة وأدّت إلى تدهور العلاقات لسنوات.

وبيّن أن دول المنطقة، بما فيها دول السلام والتطبيع، تخشى من نزعة “إسرائيل” نحو فرض هيمنة إقليمية. فعندما طرح شمعون بيريس مشروع “الشرق الأوسط الجديد” بعد أوسلو، قوبل برفض عربي خوفًا من الهيمنة الاقتصادية. واليوم، مع النجاحات العسكرية والتصريحات المتطرفة لبعض وزراء الحكومة، تتعزز المخاوف من سعي “إسرائيل” لإقامة ما يُسمى “إسرائيل الكبرى” الممتدة من الفرات إلى النيل، وهو ما قد يدفع أطرافًا إقليمية إلى البحث عن بدائل. وأضاف أن العملية لم تكن مرتبطة فعليًا بإنهاء الحرب أو إطلاق سراح الأسرى، إذ لم يكن هناك ما يدعم فرضية أن اغتيال قادة حماس سيدفع الحركة لتليين مواقفها. بل على العكس، كان من المرجح أن يزيد ذلك من تصميمها على القتال حتى النهاية، وربما يدفعها إلى إعدام الأسرى أو خسارتهم نتيجة استمرار الحرب.

وأشار إلى أن العملية وضعت واشنطن في موقف محرج، إذ تُعد كل من قطر و”إسرائيل” حليفتين للولايات المتحدة. لكن هذه المرة ظهر الرئيس الأميركي ترامب وكأنه مضطر للاختيار بينهما، وبدا أنه انحاز لـ”إسرائيل” لأنه كان على علم مسبق بالعملية. لذلك جاءت تصريحاته مترددة ومرتبكة، قبل أن يسارع إلى لقاء رئيس وزراء قطر ويؤكد أنها حليف راسخ لواشنطن.

ورأى فودا أن الدوحة تحولت بعد العملية إلى وجهة سياسية يقصدها قادة عرب ومسلمون للتعبير عن تضامنهم، كما دعت إلى قمة عربية–إسلامية طارئة عززت مكانتها بعد سنوات من العزلة بين 2017 و2021. حتى خصومها التقليديون شعروا أن انتهاك سيادتها قد يشكّل تهديدًا عليهم أيضًا، في مشهد أعاد إلى الأذهان الموقف العربي الحازم تجاه غزو صدام حسين للكويت عام 1990.

واعتبر أنه من المبكر تقدير حجم الضرر الذي لحق بالعلاقات القطرية–الإسرائيلية، لكن التجارب السابقة تظهر أن خيانة الثقة غالبًا ما تؤدي إلى تعليق أو تجميد الاتصالات. وهناك من يرى أن العلاقة مع قطر مضرة أصلًا لـ”إسرائيل”، بحكم ازدواجية أدوارها، وقناة الجزيرة، ودعمها المالي لحماس ومؤسسات إسلامية في الغرب. ومع ذلك، فمنذ 1996، ورغم قطع العلاقات الرسمية بعد حرب “الرصاص المصبوب” عام 2009، استمرت قنوات خلفية، خصوصًا مع سماح “إسرائيل” بتحويل الأموال القطرية إلى غزة. الأجهزة الأمنية والموساد اعتبروا قطر وسيطًا ضروريًا، حتى لو لم يكن محايدًا دائمًا. نتنياهو نفسه دعم هذا الدور، وربما دفعته قضايا مثل “قطرغيت” إلى محاولة التخلص من عبء هذه العلاقة.

وختم بالقول إن حصيلة العملية جاءت سلبية أكثر من إيجابية. فربما أسهم الغرور الإسرائيلي الناتج عن نجاحات عسكرية في ساحات أخرى في اتخاذ قرار التنفيذ، لكن قطر ستظل دولة معقدة لا تسعى لعداء معلن مع أحد. وتصنيفها ضمن “محور الأعداء” إلى جانب إيران وحزب الله والحوثيين وحماس لا يخدم “إسرائيل” ولا يحظى بدعم واشنطن. والعلاقات بين “إسرائيل” وقطر أقرب إلى صيغة “عدو–صديق” (frenemies) التي تتأرجح بين الخصومة والتعاون وفق الظروف، وحتى لو تدخلت الولايات المتحدة لترميم القنوات، فإن مشاعر الإهانة وفقدان الثقة لدى قطر ستظل تلقي بظلالها على المدى الطويل.

الحدث المصدر: الحدث
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا