حدث الساعة
كشفت شبكة سي إن إن الأميركية، استنادا إلى مقاطع فيديو جديدة وتحليلات خبراء أسلحة، أن الهجوم الذي استهدف مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، الاثنين الماضي، نُفذ عبر ضربتين متتاليتين من قِبل جيش الاحتلال، ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من الصحفيين والمسعفين.
وأوضحت الشبكة أن الفيديو الجديد، الذي تم تحليله إطارا تلو الآخر، أظهر إطلاق قذيفتين بشكل شبه متزامن، أصابت إحداهما درجا خارجيا في المستشفى كان يتجمع فيه المسعفون، لتنفجر الأخرى بعد جزء من الثانية في نفس الموقع تقريبا.
وأشار تحليل خبير الأسلحة ومدير شركة "إن آر" لأبحاث التسلح، جنزن جونز، إلى أن القذيفتين قد تكونان من نوع "M339"، وهو صاروخ يُطلق من مدفع دبابات متعددة الأغراض تابعة لجيش الاحتلال، لافتا إلى أن نمط الأضرار الناتجة يتوافق مع هذا النوع من الذخائر، خصوصا من حيث قوة الانفجار وانتشار الشظايا.
وأكد جونز أن إطلاق قذيفتين في توقيت متقارب جدا يشير إلى احتمال أن تكون دبابتان من دبابات الاحتلال قد نفذتا الضربة في وقت واحد، ما يعكس هجوما منسقا بدقة، لا مجرد إطلاق نار فردي. وقال: "المدافع الحديثة للدبابات، المدعومة بأجهزة استشعار وأنظمة متقدمة، دقيقة للغاية".
وبحسب تقرير سي إن إن، فإن الضربة الأولى وقعت بعد الساعة العاشرة صباحا بقليل، عندما أصابت قذيفة دبابة شرفة في المستشفى، ما أدى إلى استشهاد المصور الصحفي حسام المصري المتعاقد مع وكالة "رويترز"، وآخرين. وتوقف بث كاميرته عند لحظة الضربة.
وبعد نحو تسع دقائق، وأثناء توافد طواقم الإسعاف والدفاع المدني وعدد من الصحفيين لإنقاذ الجرحى وتوثيق القصف، وقعت ضربتان جديدتان بشكل شبه متزامن، وهو ما يُعرف بتكتيك "الضربة المزدوجة" الذي يستخدمه جيش الاحتلال.
وقالت الشبكة إن الضربتين الثانية والثالثة، اللتين وقعتا في الساعة 10:17 صباحا بالتوقيت المحلي، أصابتا نفس الدرج الذي تجمع فيه المسعفون والصحفيون. وتم توثيق لحظة الهجوم بشكل مباشر عبر بث حي أجرته قناة "الغد" من أسفل المبنى، إضافة إلى تصوير المصور حاتم عمر، المتعاقد مع رويترز، من الأعلى، والذي أُصيب خلال القصف.
وصرّح عمر من سريره في المستشفى: "كان الصحفيون والمرضى والممرضات وأفراد الدفاع المدني على الدرج. لقد استُهدفنا بشكل مباشر".
وأكدت سي إن إن أن الصور التي التقطها أحد موظفي وزارة الصحة في غزة أظهرت بقع دم على عدة طوابق من الدرج داخل المستشفى، كما وثّق أحد المقاطع المصورة جثثا على الدرج في الطابقين العلوي والسفلي، في مشهد وصفته الشبكة بـ"المروّع".
وقد استشهد في الهجوم خمسة صحفيين، هم: محمد سلامة مصور قناة الجزيرة، وحسام المصري الصحفي المتعاقد مع وكالة رويترز، ومريم أبو دقة الصحفية المستقلة، ومعاذ أبو طه، وأحمد أبو عزيز، وهما صحفيان يعملان بشكل مستقل.
وأشارت سي إن إن إلى أن ما جرى في مجمع ناصر يعكس تصعيدا خطيرا في استهداف الصحفيين وطواقم الإغاثة في القطاع، ويؤكد استخدام أساليب قتالية ممنهجة لإلحاق أكبر قدر من الإصابات، حتى بعد وصول فرق الإنقاذ.