أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن التسريبات الصادرة عن مقربين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن اتخاذ قرار بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة وصلت إلى عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية. وجاءت هذه التصريحات، التي أدلى بها “مسؤولون مقربون من نتنياهو” رفضوا الكشف عن هوياتهم، بعد ساعات من تأكيد نتنياهو خلال اجتماع حكومته أنه سيعقد جلسة للكابينت لتوجيه جيش الاحتلال نحو تحقيق “الأهداف الثلاثة للحرب: حسم حركة حماس، تحرير الأسرى، وضمان ألا يشكل قطاع غزة تهديدًا على إسرائيل مرة أخرى”.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو سيعقد مساء اليوم جلسة خاصة لمناقشة مسار الحرب في غزة بمشاركة قيادات أمنية ووزراء، من بينهم رئيس الأركان إيال زامير، الذي يعارض خطة الاحتلال الكامل، ووزير الجيش يسرائيل كاتس الذي وُصف بأنه “متأرجح”، إضافة إلى الوزير رون ديرمر. ولفتت إلى أن هذا الاجتماع لا يُعد اجتماعًا رسميًا للكابينت، سواء الموسع أو المصغر، اللذين يتوقع أن يجتمعا في وقت لاحق من الأسبوع.
الحدث الإسرائيلي
وفي السياق، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصدر “إسرائيلي” مطّلع تحدث قوله إنه “رغم التهديدات والتأكيدات بأن القرار اتخذ، فإن النقاشات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول استمرار الحملة العسكرية لا تزال جارية”، مضيفًا أن هناك “فهمًا متزايدًا بأن حماس غير معنية بالتوصل إلى صفقة”.
وأوضحت يديعوت أحرونوت أن البيت الأبيض يرفض حتى الآن التعليق على خطة نتنياهو المتعلقة بالسيطرة الكاملة على القطاع، والتي جاءت بعد أيام قليلة من زيارة المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى الأراضي المحتلة، ولقائه عائلات الأسرى، حيث صرّح بأن “النهج الجديد هو الذهاب إلى صفقة شاملة وفق قاعدة الكل مقابل الكل”، لافتًا إلى أن الإدارة الأميركية تبلور خطة جديدة تقوم على مبدأ “الكل أو لا شيء”، إلا أن تفاصيلها لم تُعلن بعد ولم تُعرض على الوسطاء.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين في قطر ومصر، الوسيطين في المفاوضات غير المباشرة بين الاحتلال وحركة حماس، أكدوا أنهم لم يتلقوا حتى الآن أي مقترح شامل بهذا الخصوص من الولايات المتحدة أو إسرائيل، على الرغم من المزاعم الإسرائيلية بأن واشنطن منحت الضوء الأخضر لخطوة عسكرية واسعة ضد حماس.
وأشارت إلى أن تفاصيل هذه الخطة أو “النهج الجديد” لا تزال غير واضحة، وفق ما أفاد به دبلوماسيون وعائلات الأسرى الذين أُحيطوا علمًا من الجانب الأميركي ببعض الأفكار الأولية. وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مصدر إسرائيلي، فإن “نتنياهو قرر احتلال قطاع غزة بالكامل، ما يعني أن العمليات العسكرية ستجري أيضًا في المناطق التي يُحتجز فيها الأسرى”.
ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن هذا القرار يتجاهل تحذيرات الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم الذين أكدوا أنهم تعرضوا لتهديدات من آسريهم أثناء فترة أسرهم، بأنهم سيُعدمون في حال اقتراب قوات الاحتلال من أماكن احتجازهم.
كما حذّرت مصادر في جيش الاحتلال من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان جميع الأسرى الأحياء وحتى استحالة استعادة جثامين القتلى منهم، مشيرة إلى أن هذا أحد أسباب امتناع الاحتلال حتى الآن عن إصدار أوامر بتنفيذ عمليات عسكرية واسعة داخل مخيمات وسط القطاع ومدينة غزة.
وبيّنت الصحيفة أن المخاطر المرتبطة بخطة الاحتلال الكامل للقطاع واضحة، إذ تشمل إمكانية المساس بحياة الأسرى، وسقوط عدد كبير من القتلى في صفوف قوات الاحتلال، إضافة إلى معضلة لوجستية كبيرة تتعلق بمصير نحو مليون مدني لا يزالون في مدينة غزة. وأشارت إلى أن جيش الاحتلال دمّر مساحات واسعة من القطاع في رفح وخان يونس والشمال ضمن عملية “مركبات جدعون”، ولا توجد حاليًا مناطق يمكن نقل هؤلاء السكان إليها. أما خيار إقامة “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح أو خان يونس فيتطلب شهورًا من العمل وتمويلًا دوليًا، والأهم – بحسب الصحيفة – الحصول على شرعية دولية لهذه الخطوة، وهو أمر غير متوفر حاليًا لا لمواصلة الحرب على غزة ولا لإقامة مدينة للاجئين على أنقاضها.