الحدث الإسرائيلي
أعلن حزب "دَغَل هتوراه"، مساء الإثنين، انسحابه من الائتلاف الحكومي وحكومة الاحتلال، على خلفية ما وصفه بتجاهل مطلبه بإقرار قانون معدل يُعفي الحريديم (اليهود المتدينين) من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن حزب "ديغيل هتواره" الذي أعلن استقالته من حكومة نتنياهو، يشغل 4 مقاعد بالكنيست وينضوي ضمن تحالف "يهدوت هتوراه"، بينما أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية إلى أنه وبعد انسحاب حزب "دَغَل هتوراه"، يتراجع ائتلاف نتنياهو الحكومي إلى 63 مقعداً، وإذا انسحب حزب "أغودات يسرائيل" أيضاً (المنضوي في التحالف)، فإن الائتلاف سوف يتراجع بالفعل إلى 60 مقعداً، حينها لن تكون له أغلبية مضمونة في الكنيست.
جاء هذا الانسحاب بعد تهديدات وجهها الحزب صباح اليوم بأن نوابه سيستقيلون من الحكومة إذا لم يُعرض نص جديد لقانون الإعفاء من الخدمة في نفس اليوم. في المقابل، أبلغ رئيس لجنة الخارجية والأمن في كنيست الاحتلال، يولي إدلشتاين، قادة الحزب أنه لا يعتزم تقديم الصيغة الجديدة الآن، وأنه قد يطرح مقترحًا بديلاً يوم غدٍ الثلاثاء.
ردًا على تعنّت حكومة الاحتلال، أصدر الحاخامان البارزان شموئيل لاندو وسرائيل هيرش رسالة خطية وجّهاها أعضاء كنيست الاحتلال من حزب “يهدوت هتوراة”، طالبوهما فيها بإنهاء مشاركتهم “الفورية” في الائتلاف والحكومة، والانفكاك عن أي منصب مرتبط بها. وعلّلا ذلك بكون “السلطات الرسمية في الدولة ماضية في تضييق الخناق على طلاب التوراة، وتسعى لإذلالهم وسحقهم”، على حد تعبيرهما.
على إثر ذلك، عقد أعضاء الكنيست من الحزب اجتماعًا طارئًا في منزل رئيس الحزب موشيه غافني، تمهيدًا لتوقيع استقالات جماعية. وفي حال تفعيل الاستقالات، فإن نائب وزير الاحتلال مئير بوروش (مكليف) سيغادر الحكومة، بينما سيفقد النائب يتسحاق بروخي مقعده في الكنيست بموجب “القانون النرويجي”، ما سيؤدي إلى خسارة الائتلاف لأربع أصوات برلمانية.
وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أجرى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سلسلة من الاتصالات الهاتفية مساء اليوم، شملت إحداها مع رئيس لجنة الخارجية والأمن لدى الاحتلال إدلشتاين، سعيًا لإقناعه بتقديم صيغة القانون دون تأخير. وبحسب مصادر عبرية، فإن نتنياهو أمام ثلاثة خيارات: إقناع إدلشتاين بالموافقة، إقناع الحريديم بتأجيل الاستقالة، أو إقالة إدلشتاين. رغم ذلك، لا يزال الائتلاف يبدي تفاؤلًا، ويراهن على أن ضغوط الحريديم قد تُثمر عن توافق مفاجئ خلال ساعات.
في خضم الأزمة، وجهت المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، غالي بهراف ميارا، رسالة شديدة اللهجة إلى نتنياهو، اتهمت فيها حكومته بعدم تطبيق القانون فيما يتعلق بالتخلف عن الخدمة العسكرية، مشيرة إلى أن الحكومة “لا تتخذ أي إجراءات لتعزيز إنفاذ قانون التجنيد بحق المتهربين، مما يشكل ضررًا بالغًا بمبدأ المساواة وحقوق المجندين”، على حد وصفها.
وأضافت أن محاولات سابقة لمخاطبة الحكومة بهذا الشأن لم تلقَ أي تجاوب، وأنه بات من الضروري تدخل رئيس حكومة الاحتلال شخصيًا، خصوصًا أن الحكومة مطالبة بتقديم رد رسمي إلى المحكمة العليا حول الخطوات التي تنوي اتخاذها بعد صدور أمر مشروط سابق من المحكمة.
تأتي هذه التطورات عقب إعلان جيش الاحتلال، الأسبوع الماضي، عن عزمه إرسال أوامر استدعاء خلال الشهر الجاري إلى آلاف الشبان الحريديم ممن تنطبق عليهم شروط الخدمة، في إطار خطة للوصول إلى كامل عدد المطلوبين البالغ 54 ألفًا. وأكدت مصادر أمنية لدى الاحتلال للقناة 12 العبرية أن الجيش سيشدد من إجراءات تطبيق القانون، بما يشمل تقليص الفترة القانونية لتعريف “المتهربين”، فضلًا عن إقامة حواجز تفتيش عند مداخل المناطق المأهولة لضبط المطلوبين.
ورغم هذه التصعيدات، لا يزال هناك غموض حول ما إذا كان الحاخامات مستعدون للموافقة على أي صيغة معدّلة للقانون تختلف عما جرى التوافق عليه قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران. وتنص تلك الصيغة على رفع نسبة التجنيد بين الحريديم إلى 50% خلال خمس سنوات، مقابل إعادة الامتيازات التي حُرمت منها هذه الشريحة الدينية.
وتشمل الامتيازات التي يطالب بها الحريديم: دعم رياض الأطفال (المعونات المالية للمراكز النهارية)، وزيادة ميزانيات المعاهد الدينية (اليشيفوت)، على أن تعود تدريجيًا تبعًا لمستوى الالتزام بأهداف التجنيد بعضها خلال ستة أشهر، وبعضها الآخر خلال عام أو أكثر.
في المقابل، لم يطرح إدلشتاين حتى الآن سوى مبادئ عامة، مع إبداء رغبته في إدخال تعديلات إضافية، وهو ما يرفضه الحريديم الذين يدفعون نحو تمرير القانون خلال دورة الكنيست الحالية، بهدف إبطال مفعول خطة الجيش الجديدة بالكامل.