الحدث الإسرائيلي
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن جهازي “الشاباك” والشرطة الإسرائيلية كشفا اليوم (الثلاثاء) عن اعتقال إسرائيليين من مستوطنة “نيشر” القريبة من حيفا، يبلغان من العمر 24 عامًا، لا سوابق جنائية لهما، للاشتباه في تورطهما في قضية تجسس خطيرة لصالح إيران، بدافع ديون متراكمة من القمار تُقدّر بملايين الشواكل.
ووفقاً للتحقيقات، فإن المعتقلين حاولا تثبيت الكاميرات بالقرب من منزل وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس في مستوطنة “كفار أحييم”، لكنهما فرا من المكان بعدما لاحظا وجود سيارة تابعة لأمن الشاباك، ما حال دون تنفيذ الخطة. ويُقدّر في الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الهدف من تركيب الكاميرات كان التمهيد لمحاولة اغتيال الوزير، بتوجيه من جهات إيرانية. وذكرت يديعوت أحرونوت أن الاعتقال تم في أواخر أبريل، وأن من يقف في مركز القضية هو روعي مزراحي، الذي قدم نفسه كطالب متفوق في علوم الحاسوب، وادعى أنه غارق في ديون قمار. المفاجأة الكبرى كانت في أن التواصل الأول مع العناصر الإيرانية جرى عبر مجموعة لتبادل الأزواج على الإنترنت، حيث تلقى “عرض عمل من المنزل” من أشخاص عرّفوا أنفسهم لاحقًا بأنهم إيرانيون، وبدأوا بتكليفه بمهمات تجسسية.
بحسب يديعوت أحرونوت، فإن مزراحي طُلب منه أولاً تصوير محيط منزله، ثم تصوير لوحة مبيعات في وكالة سيارات، وحرق ورقة كُتب عليها رسالة تهديد موجهة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. تبعت ذلك مهمة أخرى لجمع معلومات عن ناشط مؤثر على إنستغرام، قبل أن تتطور المهام تدريجياً، حيث طُلب منه شراء كاميرا مزوّدة بشريحة SIM لبث مباشر، وقام بتركيبها في مواقع مكتظة بمدينة حيفا، ومنح السيطرة عليها لمشغليه الإيرانيين.
أشارت يديعوت أحرونوت إلى أن مزراحي جند لاحقًا صديقه منذ الطفولة، ألموغ أطياس، الذي كان يعمل في توصيل الطلبات ويعاني من ديون أيضًا. اشترى الاثنان كاميرا إضافية، واستأجرا غرفة في فندق بتل أبيب، وتوجها إلى مستوطنة "كفار أحييم"، حيث خططا لتركيب كاميرات تراقب مدخل بيت وزير جيش الاحتلال. الشاباك والشرطة الإسرائيلية أكدا أن الاثنين كانا على علم بأن المهام تُدار من قبل جهات إيرانية وأنها قد تمس بالأمن.
وتابعت يديعوت أحرونوت أن من بين المهام التي نفذها مزراحي بتوجيه مباشر من الإيرانيين كانت شراء هاتف جديد وتثبيت تطبيق تواصل مشفر لاستخدامه مع مشغليه. وفي مرحلة لاحقة، كُلّف بنقل حقيبة مدفونة، يُعتقد أنها تحتوي على عبوة ناسفة، من مكان إلى آخر. استأجر سيارة، وانتقل إلى كريات ملاخي، حيث دفن الحقيبة ثم عاد إلى منزله واعتُقل بعد ذلك بفترة وجيزة. ومن المتوقع أن تقدّم النيابة العامة الإسرائيلية لائحة اتهام خطيرة ضدهما في الأيام المقبلة.
بحسب يديعوت أحرونوت، فإن هذه القضية تضاف إلى 20 حالة تجسس خطيرة أحبطها الشاباك منذ اندلاع الحرب، وقد رُفعت أكثر من 30 لائحة اتهام حتى الآن ضد متورطين إسرائيليين بالتخابر مع إيران. وقال مصدر أمني إسرائيلي إن القضية الحالية تكشف عن تكرار محاولات جهات استخبارية معادية تجنيد إسرائيليين لتنفيذ مهام تمس بالأمن.
ووفقًا لما نشرته يديعوت أحرونوت، فقد سادت حالة من الذهول في مستوطنة “نيشر” بعد الكشف عن اعتقال مزراحي وأطياس. وقال مصدر تربوي في المدينة إن الشابين درسا في نفس المرحلة الثانوية، وأضاف: “من الصعب استيعاب ما حدث. نسبة التجنيد في نشر عالية، حتى أثناء الحرب، وأخبار كهذه تسيء إلى سمعة المستوطنة وسكانها”.
كما أوردت يديعوت أحرونوت توضيحًا من معهد التخنيون يفيد بأن روعي مزراحي ليس طالبًا لديهم ولا تربطه أي علاقة بالمؤسسة، رغم ما ورد في بعض التقارير. من جانبه، صرح محامي ألموغ أطياس، يوڤال زمر، لصحيفة يديعوت أحرونوت قائلاً إن موكله خُدع من قبل مزراحي الذي اعتبره صديقًا، ولم يكن على علم بطبيعة المهمة أو بالجهات التي تقف خلفها. وأكد أن أطياس، فور أن ساوره الشك، واجه “صديقه” بمشادة تطورت إلى عنف جسدي، وأدى ذلك إلى إحباط المهمة ومغادرة المكان. واختتم بالقول: “أشعر بالأسف لأن جهات التحقيق تنخدع برواية الشريك، لكني واثق أن براءة ألموغ ستثبت خلال المحاكمة”.