آخر الأخبار

حواجز الاحتلال وقيود الحركة تكلف الاقتصاد الفلسطيني ثلث قيمته

شارك

الناتج المحلي الإجمالي يخسر 28% بسبب حرب الإبادة وتداعياتها كالحواجز العسكرية وإغلاق الطرق

استهلاك وقود إضافي لدى جميع مركبات النقل العمومي بحوالي 66 ألف لتر شهريا تقدر قيمته بـ 1,563,144 مليون شيقل

تسهم في ارتفاع نسبة البطالة وتدني الأجور وتعطيل حركة البضائع ورفع تكاليف النقل والتسبب في تلف بعض المنتجات نتيجة الانتظار الطويل

51.5% من المنشآت انخفضت إنتاجيتها الإجمالية و51% منها انعكست سلبا على مبيعاتها 50.2 % منها أثرت في قدرتها على الوصول إلى الأسواق والعملاء والموردين

جزء من استراتيجية إسرائيلية لتطبيق نظام الفصل العنصري وتعمل على عزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض


الحدث – إبراهيم أبو كامش

تساهم قيود حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية بسبب تشدد قوات الاحتلال العسكرية في فرض إجراءات عقابية جماعية بإغلاق المزيد من الطرق والشوارع وإقامة الحواجز العسكرية والبوابات المعدنية بارتفاع نسبة البطالة بينهم وتدني الأجور في سوق العمل وارتفاع تكلفة المعيشة ووسائل النقل وأسعار المنتجات والمنتجات. كما تتسبب في صعوبة حركة البضائع وتعرضها للتلف نتيجة الانتظار الطويل على حواجز الاحتلال أو قد ترتفع تكلفة نقلها على التجار نتيجة سلوك طرق بديلة تلتف حول الحواجز المغلقة، إضافة إلى انعكاساتها النفسية وتداعياتها الاجتماعية والصحية والتعليمية.

وتتسبب الحواجز العسكرية بضروب من العذاب لدى تنقّل الفلسطيني اليومي من مكان إلى آخر، وساعات طويلة من الانتظار، فضلاً عن الآثار المدمرة في كل مناحي الحياة الفلسطينية في ظل الإبادة الجماعية في قطاع غزة والعدوان المستمر على مدن الضفة الغربية، وما يصاحبه من أوضاع اقتصادية صعبة وتفشّي البطالة بصورة غير مسبوقة. ويأتي خنق الضفة الغربية ومدينة القدس بهذا الكم الهائل من الحواجز والبوابات وسط صمت دولي ودعم أميركي غير محدود ساعد الاحتلال في الإمعان في جرائمه.

حالة حصار متصاعدة ووسيلة للتحكم في حياة المواطنين

وتشهد الضفة الغربية وبخاصة بعد أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة في 18 كانون الثاني/ 2025 انتشارا مكثفا للحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي تُعدّ واحدة من أكثر مظاهر الاحتلال تأثيرا على حياة الفلسطينيين اليومية.

ووفقا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية، التي نصبها جيش الاحتلال في الضفة الغربية إلى 898 حاجزا عسكريا وبوابة حديدية، منها 18 بوابة حديدية نصبها الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2025، منها (146) بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. موزعة على مختلف المناطق، تتصدرها منطقة الخليل بـ 229 حاجزا، وتليها منطقة نابلس بـ 148 حاجزا. وتتوزع بقية الحواجز والبوابات على منطقة رام الله بـ 156 حاجزا و6 بوابات، والقدس بـ 82 حاجزاً وبوابة واحدة، وسلفيت بـ 50 حاجزا وبوابة واحدة، وقلقيلية بـ 53 حاجزاً وبوابتين، وأريحا بـ 32 حاجزا وبوابتين، وجنين بـ 24 حاجزا، وطولكرم بـ 27 حاجزا، وطوباس بـ 33 حاجزا، وبيت لحم بـ 65 حاجزا و4 بوابات.

وتتنوع هذه الحواجز بين الثابتة والمتنقلة، وتُستخدم كأداة لتقييد حرية حركة المواطنين وعزل المدن والقرى عن بعضها البعض. إضافة إلى ذلك، تُستخدم البوابات الحديدية كوسيلة أخرى للتحكم في حياة السكان، إذ تُغلق بشكل متكرر ودون إنذار مسبق، ما يعقد حياة الفلسطينيين ويزيد من معاناتهم اليومية.

أدوات تعزز سياسة الفصل وليست مجرد نقاط تفتيش

والحواجز العسكرية ليست مجرد نقاط تفتيش، بل هي أدوات تعزز سياسة الفصل التي تتبعها إسرائيل في الضفة الغربية. وتفرض هذه الحواجز قيودا صارمة على حركة المواطنين، وتجعل التنقل بين القرى والمدن أمرا بالغ الصعوبة ويستهلك أوقاتا طويلة. إضافة إلى ذلك، تُستخدم أبراج المراقبة وحواجز “الطيّار” المتنقلة، التي تُنصب بشكل مفاجئ، لتضييق الخناق على السكان، ما يجعل التنقل عملية محفوفة بالمخاطر والإهانات.

إلى جانب تعطيل الحركة اليومية، تسبب الحواجز أزمات إنسانية متعددة. فهي تعيق وصول المرضى إلى المستشفيات، خصوصا في حالات الطوارئ، وتؤخر الطلاب عن الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم، وتعطل حياة العمال والتجار الذين يعتمدون على التنقل بين المدن لمزاولة أعمالهم. فضلا عن ذلك، تؤثر الحواجز بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني من خلال إبطاء حركة التجارة ونقل البضائع بين المدن والقرى، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتفاقم الأوضاع المعيشية.

وبالنتيجة العامة فإن مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة الغربية تعيش حالة حصار متصاعدة، إذ فوجئ المواطنون في الضفة الغربية بمئات الحواجز ونقاط التفتيش على مداخل القرى والبلدات والمدن والمخيمات، بالإضافة إلى وضع العديد من البوابات الحديدية على مداخل القرى، ويخضع فتحها وإغلاقها لأهواء جنود الاحتلال.

وبالنتيجة فإن قيود الحركة التي تختلقها سلطات وقوات الاحتلال تساعد بفرض حقائق جيوسياسية جديدة على الأرض مما يجعل تأسيس دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة أمرا مستحيلا من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية والبنية التحتية للطرق وجعل المدن والقرى الفلسطينية مناطق معزولة عن بعضها البعض.

الأثر الاقتصادي الناتج عن حواجز الاحتلال - تقدير ساعات العمل

ويقدر أحمد علاونة- الباحث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، عدد ساعات العمل الضائعة جراء انتشار حواجز الاحتلال وإغلاق الطرق والشوارع واستخدام أخرى بديلة بحوالي 191,146 ألف ساعة يوميا أي 4,205,212 مليون ساعة عمل شهريا حوالي 526 يوم عمل على مستوى سوق العمل الكلي في الضفة الغربية. باستخدام معدل الأجر لكل ساعة عمل 14.8 شيقل مما يكلف الاقتصاد الفلسطيني نتيجة تقدير قيمة وقت التأخير حوالي 2.8 مليون شيقل يوميا أو 62.2 مليون شيقل شهريا على افتراض أن عدد أيام العمل 22 يوم عمل شهريا، على اعتبار أن نسبة العاملين في نفس التجمع السكاني الذي يسكنون به 69.2% من العاملين ويعمل 21% من العاملين خارج التجمع السكاني الذي يسكنون به في نفس المحافظة، أما باقي العاملين (9.8%) يعملون في محافظات أخرى في خارج مناطق سكنهم.

تقدير التكلفة الإضافية للمحروقات

بالإضافة إلى ذلك، يقول علاونة: تؤدي المسافات الإضافية التي يقطعها السائقون لتجنب الحواجز إلى استهلاك وقود إضافي تقدر قيمته بحوالي 71,052 ألف شيقل يوميا. وبحسب تقديرهم فإن كل مركبة عمومية تسافر مرتين ذهابا ومرتين إيابا، يكون تقدير استهلاك الوقود الإضافي لدى جميع مركبات النقل العمومي في كل يوم عمل حوالي 3000 لتر يوميا، حوالي 66 ألف لتر شهريا ما قيمته 1,563,144 مليون شيقل شهريا.

ويلفت الباحث علاونة، هنا إلى أنه تم اقتصار تقديرهم للتكلفة الإضافية للمحروقات على قطاع النقل العمومي لأن معظم المركبات تعمل بالسولار ولديها محرك 2.0 لتر، وبالتالي معدل استهلاكها للسولار 13كم/لتر. ويبلغ معدل سرعة المركبات 25 كم/ساعة، مما يعني أن التأخير في زمن الرحلة خارج المحافظة لمدة 42 دقيقة يعني مسافة إضافية 17.5 كم والتأخير في زمن الرحلة داخل المحافظة لمدة 23 دقيقة يعني مسافة إضافية 9.5 كم. وباحتساب استهلاك الوقود الإضافي لكل رحلة، فيكون استهلاك الوقود الإضافي 1.3 لتر لكل رحلة خارج المحافظة و0.7 لتر لكل رحلة داخل المحافظة.

ويرى علاونة، أن الأهم من قيمة التكلفة الاقتصادية هو كيف تستخدم دولة الاحتلال عوائق الحركة كأداة للهيمنة الاستعمارية، حيث لا تقتصر هذه العوائق على تقييد حركة الفلسطينيين وتزيد من عزلتهم عن بعضهم البعض وعن أراضيهم فحسب، بل تعمل على تعزيز المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وخلق واقع جغرافي وسياسي جديد يسهل على المستوطنين التوسع والتنقل بحرية بين المستوطنات ومن وإلى داخل الخط الأخضر.

جزء من استراتيجية إسرائيلية لتطبيق نظام الفصل العنصري

وهو الأمر الذي يتفق معه د. طارق صادق - الباحث في نفس المعهد، حيث أكدت نتائج دراستهما "سياسة حواجز الاحتلال الإسرائيلي في شمال ووسط الضفة الغربية وخسائر ساعات العمل الناتجة عنها"، أن قيود الحركة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني، إذ تساهم في ارتفاع نسبة البطالة وتدني الأجور بسبب صعوبة وصول العمال إلى أماكن عملهم، كما تؤدي الحواجز إلى تعطيل حركة البضائع، مما يزيد من تكاليف النقل ويتسبب في تلف بعض المنتجات نتيجة الانتظار الطويل على الحواجز. كما أكد أن الحواجز الإسرائيلية وقيود الحركة في الضفة الغربية هي جزء من استراتيجية إسرائيلية لتطبيق نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين. حيث تعمل على عزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، وتعرقل حركة الفلسطينيين.

وذكر بأن حركة النقل انخفضت بنسبة 51.7% بعد بدء العدوان على غزة في أكتوبر 2023، وتم تسجيل وقت الانتظار على 14 حاجزا عسكريا، ووجد أن وقت الانتظار على الحواجز يتراوح بين 15 و50 دقيقة. كما أشار إلى أن متوسط التأخير في الرحلات خارج محافظة نابلس مثلا يصل إلى 42 دقيقة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 77.9% عن الوقت الأصلي للرحلة.

التغير في حالة النقل العام قبل وبعد 7 أكتوبر

ويؤكد د. صادق، على أن التغير في الحالة العامة لحركة النقل العام بين محافظات الضفة الغربية أمر ملموس ويعزى لأسباب متعددة مشتركة وهي حالة الركود الاقتصادي وحالة الطرق وفرض الحصار والتشديد الأمني من الجانب الإسرائيلي لمعظم مدن الضفة الغربية.

ويرى أن الحالة الاقتصادية تركت أثرا سلبيا على عملية النقل، بالإضافة إلى التراجع الكبير في أعداد العمالة داخل الخط الأخضر. كما تركت حالة الحواجز وإغلاق الطرق ومداخل المدن وأوقات الانتظار الطويلة وتفتيش المركبات أثرا سلبيا إضافيا على الراغبين بالتنقل من مدينة لأخرى.

وقال: "يؤثر ذلك على تكلفة التنقل على كل من المواطن العادي وصاحب العمل، وبالتالي التأثير على الأنشطة الاقتصادية مثل الأنشطة التجارية بين محافظات الضفة الغربية".

وعليه فإن الباحثان علاونة وصادق يطالبان بضرورة تبني سياسات للحد من تأثير هذه الحواجز، لا سيما أن الفئات الأكثر هشاشة زادت الأعباء عليها بسبب هذه الحواجز.

تأثيرها في وصول البضائع وعملية توزيع المنتجات في أسواق

وعن تأثير الحواجز في الحالة الاقتصادية، قال صلاح حسين - مدير عام غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة: "إن الحواجز تؤثر في وصول البضائع وعملية توزيع المنتجات في أسواق الضفة الغربية، حيث إن الشاحنات تنتظر أكثر من سبع ساعات على الحاجز، ما يعيق وصول البضائع بشكل كبير إلى المحافظات الأخرى، ومعظم الشركات توزع منتجاتها في أسواق المدن الأخرى، وأحيانا تعود الشاحنات عندما تكون المنتجات معرضة للتلف مثل: المواد الغذائية والأدوية، خشية من أن تتلف على الحواجز".

ويتابع حسين: "80% من الشركات تؤكد تأثير الحواجز في حركة التسوق داخل المدن، لأن مراكز المدن تعتمد على المحيط والقرى، والحواجز تعيق وصول المواطنين إلى مراكز المدينة، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في معدل المبيعات خاصة في أسواق المدن الرئيسية، وأن جزءا من المدن الفلسطينية كانت تعتمد على السياحة الداخلية حيث كان يأتي أهلنا في فلسطين المحتلة 48 للتسوق من تلك المدن، ولكن اليوم في ظل الحواجز لا يستطيعون الوصول".

مؤشرات اقتصادية لتأثير الحواجز والإغلاقات المتكررة

وتطرق حسين إلى المؤشرات الاقتصادية لتأثير الحواجز والإغلاقات المتكررة بين المحافظات في الحالة الاقتصادية في محافظة رام الله والبيرة، وذكر بأن 50.2% من المنشآت المستهدفة في الدراسة التي أعدتها الغرفة التجارية بالخصوص، أفادت بأن الحواجز والإغلاقات المتكررة أثرت في قدرتها على الوصول إلى الأسواق والعملاء والموردين. وأعربت 48% من المنشآت أن الحواجز والإغلاقات المتكررة أثرت في قدرة الزبائن على الوصول إلى الأسواق. كما أفادت 51.5% من المنشآت المستهدفة بأن الحواجز والإغلاقات المتكررة أدت إلى انخفاض الإنتاجية الإجمالية للمنشأة، و51% من المنشآت المستهدفة قالت إن الحواجز والإغلاقات المتكررة انعكست سلبا على المبيعات.

ويرى حسين، أن سلطات الاحتلال عكفت منذ سنوات على تطوير نظام كامل متكامل من الحواجز لهدف سياسي بات معروفا وهو لعزل التجمعات السكانية الفلسطينية في إطار تطبيق سياسة التمييز العنصري ولإفشال أي حل سياسي ممكن في الضفة الغربية وتجاوز كل الاتفاقيات السياسية التي تم توقيعها مع منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الدولي وفرض وقائع على الأرض من خلال هذا نظام تقني أصبح مع الزمن يحتفظ ببيانات الفلسطينيين. وهدف الحواجز النهائي الذي أصبح مرتبطا بالذكاء الصناعي ومرتبطا بتطبيقات نظام من الكاميرات للسيطرة على الفلسطينيين وإخضاعهم وفرض العوائق عليهم في معازل.

ارتداد الحواجز العسكرية على السلم الأهلي والتراجع الاقتصادي والصحي والتعليمي

بينما يرى إياد الكردي- أمين سر غرفة تجارة محافظة نابلس، بأن حواجز الاحتلال العسكرية تترجم حاليا على أرض الواقع بعزل المدن الفلسطينية عن القرى والمخيمات وحتى المدن عن بعضها البعض، وقد تكون نابلس من المدن التي كانت تعاني وما زالت من الحواجز العسكرية، حيث يوجد حاليا ما يقارب 70 حاجزا وسدا ترابيا وبوابة حديدية عليها بمعدل 10% من إجمالي حواجز الضفة الغربية.

ويقول: "كان للحواجز العسكرية الارتداد الواضح والصريح على التراجع الاقتصادي والصحي والتعليمي كما كان هناك تراجع واضح وصريح في عملية الدورتين الاقتصادية والمالية وتراجع السيولة النقدية في المحافظة

ووفقا لنتائج بعض دراسات غرفة تجارة نابلس. وقال الكردي: "إن الوقت المستقطع لقطع الرحلة كان في محافظه نابلس نوعا ما على مدار أطول حيث رصدنا ما يعادل 200% من وقت للانتظار على الحواجز. وأحيانا كانت المركبة تقف على الحاجز ما بين ساعة واحدة إلى أربع ساعات، كذلك الأمر كان هناك ما يعادل 50% زيادة في استهلاك المحروقات وأيضا كان هناك ما يعادل 50% من استهلاك المركبات بالصيانة لعزوف السائقين وهروبهم إلى مواقع جبلية أو ترابية فكانت هناك زيادة واضحة في صيانة المركبات للهروب من الحواجز العسكرية".

وتابع: إلى جانب الخسائر المالية والاقتصادية والوقت الضائع، فإن هناك تداعيات أخرى للحواجز الاحتلالية لا تقل أهمية بل قد تكون أخطرها في زيادة الإصابة بأمراض السكر والضغط والجلطات والسلم الأهلي من خلال ملاحظتنا نشوب المشاكل بين الناس عليها.

استهداف سلاسل التوريد للتجارة البينية والخارجية في الضفة الغربية

يقول الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة: "كان واضحا من اتفاقية التهدئة التي تمت في قطاع غزة وجود شرط أساسي لبقاء وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في الحكومة، باستهداف الضفة الغربية كجزء من أهداف الحرب من خلال إقامة وتحديث 898 حاجزا عسكريا وبوابة إسرائيلية تقطع كافة أوصال الضفة الغربية، وهو إجراء ليس أمنيا أو مرتبطا في منطقة تشهد أحداثا، وعليه تم إحكام السيطرة على جميع مناطق الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى حدوث خلل كبير في سلاسل التوريد للتجارة البينية والخارجية، حيث أضحت تكلفة التجارة البينية مرتفعة مما زاد من تكلفة البضائع وفاقم الأزمة الاقصادية على الشعب والتي يدفع ثمنها المواطن بعد اضطرار التجار لرفع الأسعار، كما أن كل إجراءات التخليص في الموانئ الإسرائيلية وتعقيدات النقل ضاعف من التكلفة، إضافة إلى تلف العديد من المحاصيل الزراعية خلال نقلها جراء فترة الانتظار الطويلة على الحواجز. وتأتي هذه الإجراءات الإسرائيلية ضمن استراتيجية "سموتريتش" والحكومة الإسرائيلية باتجاه الخنق الاقتصادي في الضفة الغربية وخلق بيئة طاردة للاستثمار".

وذكر عفانة، أن الاقتصاد الفلسطيني خسر ثلث قيمته 33% بسبب حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وتداعياتها، منها 28% خسارة الناتج المحلي الإجمالي".

استراتيجية لتعزيز الصمود في كافة المناطق

وللتغلب على استراتيجية "سموتريتش" وحكومته لخنق الضفة الغربية اقتصاديا، يرى عفانة، أنه قد يكون من خلال المسار السياسي وذلك عن طريق ممارسة السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والدول المانحة الضغط على دولة الاحتلال، إلى جانب التركيز على الاكتفاء الذاتي من السلع والمنتجات والبضائع في المحافظات بتعزيز الزراعة والعمل على انتشار وتوسيع مراكز التجارة ما أمكن وأن لا تبقى محصورة في مراكز المدن على أن تعمل الشركات على افتتاح فروع لها ومستودعات توزيع لمنتجاتها في المناطق الريفية والقروية للحد ما أمكن من مشكلة وتداعيات الحواجز العسكرية، كما يتوجب على الهيئات المحلية أن تشق وتستصلح وتفتتح طرقا زراعية وتربطها بشبكة الشوارع الرئيسة وذلك ضمن إعداد إستراتيجية لتعزيز الصمود في كافة المناطق.

الاقتصاد الوطني يعاني من صدمة اقتصادية عميقة

يقول م. طارق المصري – القائم بأعمال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني: "إن الإغلاقات والاجتياحات المتكررة للمدن والبلدات والقرى والمخيمات في الضفة الغربية، تركت آثارا سلبية متزايدة على الاقتصاد الوطني الذي يعاني بالأساس من صدمة اقتصادية عميقة نتيجة إجراءات الاحتلال ضد أبناء شعبنا".

ويؤكد المصري، بأن هذه الإجراءات الإسرائيلية تسببت في إعاقة ونقل الأفراد والبضائع ما بين المدن والتأخير في عمليات النقل والحد من التنقل ما أدى إلى زيادة التكاليف وتلف بعض المنتجات وارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع في أداء التجارة والنشاط التجاري البيني والخارجي، ما تسبب في انخفاض الإنتاجية، وبالتالي زيادة البطالة، علما بأن الاقتصاد الوطني تعرض لأقسى صدمة في تاريخه، وبالتالي كل هذه العوامل أدت إلى تراجع في الأداء التجاري وتقليل فرص العمل وارتفاع في معدلات البطالة وزيادة معدلات الفقر.

وأشار المصري إلى أن العام 2024 شهد تراجعا كبيرا في النشاط الاقتصادي وانكماشا بنسبة تزيد عن 28% بالإضافة إلى الإجراءات التي قام بها الاحتلال وأدت إلى تأثير مباشر على القطاع الاقتصادي بكل مكوناته.

تشكيل غرف عمليات في كل محافظة

وتعقيبا على الإجراءات التي قامت بها وزارة الاقتصاد الوطني للحد من الآثار والتداعيات الناتجة عن تلك الحواجز والإغلاقات والمكعبات الإسمنية والبوابات المعدنية، أكد المصري، بأنها شكلت غرفة عمليات في كل محافظة وبالتحديد من أجل التعامل مع هذه الأوضاع والظروف الصعبة والمتابعة مع جهات الاختصاص لحصر الأضرار الاقتصادية، ومن ضمنها التأكد من توافر السلع الأساسية والمتوفرة لمدة تزيد عن ستة أشهر، منوها إلى أنه لا توجد هناك نسب أو أرقام محددة للخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني لا سيما أنها متغيرة ومتدحرجة يوميا مع استمرار تلك الإجرءات الاحتلالية، لكنه قال: "تتابع الوزارة يوميا حركة الأسعار للتأكد من عدم ارتفاعها ومنع استغلال البعض لهذه الظروف الصعبة التي يعاني منها شعبنا، بالإضافة إلى أن الوزارة تقوم بجهود من خلال مؤسسات المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال لإلغاء هذه الإجراءات التعسفية، والتي أدت وما زالت إلى تعطيل حركة البضائع والأفراد بشكل يومي ما يتسبب في تأثير آخر على اقتصادنا الذي يشهد منذ سنوات تراجعا في النشاط التجاري".

الحدث المصدر: الحدث
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا