آخر الأخبار

خطوات الحكومة الفلسطينية بوقف استنزاف أموال موازنتها العامة على محك التزام شركات توزيع الكهرباء بتسديد ديونها

شارك الخبر

عدم حصول شركة كهرباء القدس على قرضها المجمع يتسبب في استمرار أزمة السيولة النقدية للحكومة ويتيح المجال لتجدد الديون واستنزاف أموال المقاصة وإيرادات الموازنة العامة

صعوبات بالغة في تأمین الرواتب بالنسبة المعتادة اعتبارا من الشهر المقبل ما لم یتم التحرك سریعا لتجنید إیرادات حكومية جدیدة

شركات توزيع الكهرباء وخاصة القدس منها تجبي فواتيرها من المشتركين ومعظمها بعدادات مسبقة الدفع ولكنها لا تسدد ديونها للإسرائيليين

الحل الجذري لديون الكهرباء يكمن في إطلاق العنان لتركيب وحدات توليد الطاقة الشمسية لكافة القطاعات وبدون قيود وموانع ومحددات تفرضها شركات توزيع الكهرباء

إسرائيل تستسهل حجز ديون شركات الكهرباء من إيرادات المقاصة ووزارة المالية الفلسطينية والمواطن والموظف يدفعون الثمن

12,5 مليار شيقل مجموع الخصومات السنوية على حساب ديون الكهرباء منذ عام 2012 (حوالي 1 مليار شيقل سنويا)

1.6 مليار شيقل قيمة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة على خلفية ديون الكهرباء المتراكمة على شركات التوزيع (خاصة القدس) والهيئات المحلية لعام 2024

صافي التقاص مع شركة كهرباء القدس يبين أنها مدينة للحكومة بمبلغ قيمته 684 مليون شيقل أكبر من قيمة قرضها البنكي المفترض

التأخر في الدفع لإسرائيل تترتب عليه فوائد بمبالغ بشكل هائل وأحيانا تكون قيمتها أكبر من قيمة مبلغ الدين الأساسي

الحل المرحلي في إنهاء ملف ديون الكهرباء بلا عودة، يتمثل في فكرة الحكومة في أن تتملك شركة النقل الفلسطينية كل نقاط الربط مع الجانب الإسرائيلي

الحل الاستراتيجي في إنجاح خطة الطاقة البديلة ورفع نسبة الاعتماد عليها إلى 50% من توليد الطاقة الكهربائية بحلول 2035

الحدث – إبراهيم أبو كامش:

التفاهمات التي تمكنت الحكومة الفلسطينية من التوصل لها مع دولة الاحتلال فيما يتصل بتسوية الديون المتراكمة على شركات توزيع الكهرباء والهيئات المحلية لدى شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية سينعكس بشكل إيجابي على توفر السيولة النقدية التي من شأنها المساهمة في تغطية جزء من نفقات الحكومة التشغيلية وتعزيز قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها وتمكينها من الإيفاء بالتزاماتها تجاه رواتب الموظفين، خلال الفترة المقبلة. ولكنها قد تصبح في مهب الريح وتستمر في استنزاف أموال المقاصة وإيرادات الموازنة العامة إن لم تقم الحكومة بإجراءات إلزامية تفرض عليها وبخاصة (شركة القدس) سداد قيمة مشترياتها الشهرية من الكهرباء وذلك ضمن ترتيبات معينة تتعلق بعمليات التقاص وتصفير صافي الإقراض الذي يبلغ 1,372 مليار شيقل سنويا حيث تبلغ قيمة فاتورة الكهرباء السنوية حوالي 4 مليار شيقل والتي من شأنها أن تمنع الخصم الشهري على بند الكهرباء.

وتعتبر الحكومة الفلسطينية في بيان لوزارة ماليتها، نتائج ما تمخضت عنه تفاهماتها مع دولة الاحتلال نجاحا لها في تمكنها من الإفراج عن جزء من الخصومات كـ"عقاب" على خلفية التزاماتها لأهلنا في قطاع غزة، والتي كانت محتجزة في حساب خاص في النرويج بموجب ترتيبات تمت بتاريخ 21/1/2024، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والنرويج، وقد بلغ إجمالي الأموال الفلسطينية المحتجزة على خلفية مخصصات والتزامات الحكومة لقطاع غزة ما يزيد عن 3.6 مليار شيقل حتى عام 2024، منها حوالي 1.5 مليار شيقل في النرويج، وحوالي 2.1 مليار شيقل لدى إسرائيل.

ولفتت وزارة المالية الفلسطينية إلى أن المبادئ الرئيسية لهذه التفاهمات تنص على استخدام 767 مليون شيقل من الأموال المودعة في النرويج لتسوية أصل المتأخرات المستحقة لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية على شركات التوزيع الفلسطينية والتي ستقوم بسداد الديون التي تراكمت عليها وجرى اقتطاعها من أموال المقاصة خلال الفترة الماضية، ولسداد ثمن المحروقات لشركات الوقود الإسرائيلية لتغطية المشتريات الأسبوعية من الوقود للأشهر المقبلة حتى استغلال المبلغ بالكامل.

وما يحصل أن "إسرائيل" تستسهل حجز الديون من إيرادات المقاصة ما يقلل قيمة إيرادات المقاصة من 500 مليون شيقل إلى 370 مليون شيقل ما ينعكس مباشرة على نسبة دفع الرواتب أو مستحقات الموردين والقطاع الخاص أو النفقات التشغيلية والخدمات العامة وبالتالي فإن وزارة المالية والمواطن والموظف يدفعون الثمن.

وذكرت أن قيمة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة على خلفية ديون الكهرباء المتراكمة على شركات التوزيع والهيئات المحلية لعام 2024 بلغت حوالي 1.6 مليار شيقل، مسجلة بذلك رقما قياسيا خلال هذا العام. وقد بلغ مجموع الخصومات السنوية على حساب ديون الكهرباء منذ عام 2012 حوالي 12.5 مليار شيقل (حوالي 1 مليار شيقل سنويا). وبالنتيجة فإن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية ما زالت قائمة، في ظل استمرار قرصنة واحتجاز إيرادات المقاصّة، والتي بلغت في الأشهر الأخيرة حوالي 70% من قيمة المقاصّة الشهرية.

الأموال المتاحة للحكومة حاليا يصعب عليها تأمين نسبة الرواتب المعتادة

وتبعا لموارد المالية العامة يتم خصم 130 مليون شيقل شهريا بسبب عدم قيام شركات توزيع الكهرباء والهيئات المحلية بدفع رسوم الماء والكهرباء، ویبلغ معدل أموال المقاصة المتاحة شھریاً بعد القرصنة الإسرائیلیة (380) ملیون شیقل، بینما یصل مبلغ الجبایة المحلیة في أحسن الأحوال إلى (180) ملیون شیقل، یضاف إلى ذلك مبلغ المنحة الأوروبية شھریا بقيمة (150) ملیون شیقل، والمنحة السعودیة البالغة حوالي (37) ملیون شیقل شھریاً، ما مجموعه (750) ملیون شیقل، في حین أن صرف نسبة 70% من الراتب الأمر الذي يتطلب توفير (890) مليون شيقل شهرياً، لسداد هذه النسبة، بالإضافة إلى (200) ملیون شیقل من النفقات التشغیلیة، الأمر الذي یعني صعوبة بالغة في تأمین الرواتب بالنسبة المعتادة اعتبارا من الشهر المقبل، ما لم یتم التحرك سریعا لتجنید إیرادات حكومية جدیدة.

يوفر سيولة مالية إضافية للسلطة

وبرأي الخبير الاقتصادي د.نصر عبد الكريم، أن التفاهم الذي تم جاء في إطار السعي لتوفير سيولة مالية إضافية للسلطة الوطنية ينسجم مع الموقف الدولي الذي يبدي حرصه الدائم على وجود السلطة ومنع انهيارها وبالتالي فهم معنيين بعدم قيام "إسرائيل" بأي خطوات تقوض القدرة المالية للسلطة ودعوتها للإفراج عن أموال المقاصة وكذلك عدم معاقبة الفلسطينيين على الصعيد المصرفي.

وتطرق د. عبد الكريم إلى محتوى هذا التفاهم لافتا إلى أنه كانت هناك 1,4 مليار شيقل محتجزة في صندوق استئماني في النرويج وتم توقيف التحويل له منذ 1/5/2024 بعد اعتراف النرويج بالدولة الفلسطينية، وأصبحت "إسرائيل" تحتجز الأموال 275 مليون شيقل في صندوق لدى وزارة ماليتها وتجمع هذين الصندوقين في النرويج 1.4 مليار شيقل وحوالي 2 مليار شيقل لدى "إسرائيل".

وبحسب عبد الكريم؛ "كان التفاهم كالآتي: بدلا من أن تحول الأموال إلى خزينة السلطة وبالتالي يتم كسر القرار الإسرائيلي؛ اتفقوا على أن يتم تحويلها بطريقة غير مباشرة، من خلال تسديد ديون شركة كهرباء القدس وشركات توزيع الكهرباء والهيئات المحلية بالكامل للشركة القطرية الإسرائيلية وبالتالي هذا المبلغ قيل بإنه حوالي 700 مليون شيقل وشركات الوقود أيضا 700 مليون شيقل، وتمت تسوية هذا الملف بين وزارة المالية وشركة كهرباء القدس وبحيث يتم نقل هذه المديونية من شركة الكهرباء الإسرائيلية لوزارة المالية الفلسطينية وكأنه أصبحت هناك عملية شراء لهذه الديون، وبالتالي أصبح هذا المبلغ يشكل موردا ماليا عندما تقوم شركات توزيع الكهرباء إما بتسديده على أقساط أو بخصمه من ثمن الكهرباء لمؤسسات السلطة في الأشهر القادمة لأنه يغطي الفترة القادمة، وإن لم يحصل ذلك فإنني أظن أنه لن يكون هنالك مورد مالي بمعنى هذا المبلغ بالذات تأثيره على خزينة السلطة لن يكون كبيرا وكأن ما كان محجوزا تم تحويله بشكل مباشر أو غير مباشر لخزينة السلطة الفلسطينية".

قرض مجمع بضمان الحكومة والعمري ينفي الحصول عليه

وبينما يتوقع مراقبون أن خروج الحكومة الفلسطينية من أزمة سيولتها النقدية بعد تسديدها الديون المستحقة على شركة كهرباء القدس وشركات التوزيع الأخرى لصالح شركة الكهرباء القُطْرية الإسرائيلية يعتمد على حصول شركة كهرباء القدس على قرض مُجَمّع جديد من البنوك الفلسطينية بقيمة 500 مليون شيقل، كي تستطيع الحكومة التي لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك بعد أن وصلت السقف الأعلى المسموح به، بالصرف على نفقاتها التشغيلية وتسديد رواتب موظفيها بنسبة 70% وبحد أدنى لا يقل عن 3500 شيقل المعمول بها منذ أشهر.

وبهذا الصدد يؤكد م. أيمن إسماعيل - القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، أن شركة كهرباء القدس ستأخذ قرضا مجمعا بضمان الحكومة من خلال الدفعة الشهرية التي تدفعها لشركة كهرباء القدس بقيمة 27 مليون شيقل، وتدفع الشركة للحكومة المبالغ التي سددتها عنها للجانب الإسرائيلي لإغلاق ديون قطاع الكهرباء وعدم الاقتطاع من أموال المقاصة، وما ينطبق على شركة كهرباء القدس ينطبق على باقي شركات التوزيع الخمس الأخرى حيث تمكنا من إنجاز التقاص مع 4 منها وثبتنا المديونية التي عليها، ووقعنا اتفاقية مع شركة كهرباء القدس بعد إنجاز التسوية المالية معها، ولكن مع الشركات الأخرى لم نصل إلى توقيع اتفاقيات وإنما قمنا بحصر الديون وتثبيتها تمهيدًا لتوقيع الاتفاقيات اللازمة.

بدوره أشار د.عبد الكريم إلى أنه بمقابل هذا المبلغ 700 مليون شيقل ستتقدم شركة كهرباء القدس بطلب قرض تجميعي من البنوك قيمته 500 مليون شيقل وتقوم بدورها بتحويله إلى خزينة السلطة وبالتالي وكأنها تريد أن تسدد هذا المبلغ الذي خصمته "إسرائيل" من خلال الاقتراض لصالح السلطة وهذا إن حصل أو سيحصل يوفر جزءا جيد إلى حد ما على الأقل لشهر يشكل 40% من نفقات السلطة الشهرية ويمكنها إذا حصل من دفع 70% من الرواتب وإن لم يحصل فهو على الأقل سيساعدها في الأشهر القادمة كثيرا.

فإن م. هشام العمري - رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء القدس، ينفي في معرض رده على أسئلة صحيفة الحدث، حصول الشركة حتى الآن على القرض المجمع من البنك العربي أو البنوك الفلسطينية، الأمر الذي يترك الباب مفتوحا على مصراعيه لاستمرار أزمة السيولة النقدية للحكومة ويجعلها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المختلفة من جهة ومن جهة أخرى تتجدد ديون شركة كهرباء القدس لصالح الشركة الإسرائيلية وبالتالي يستمر استنزاف إيرادات أموال المقاصة والموازنة العامة. كما أن هذا يخالف ما أعلنه مجلس الوزراء الفلسطيني في بيانه الصادر يوم 10/12/2024 وقال فيه إنه "ناقش مذكرة تفاهم بين وزارة المالية وشركة كهرباء القدس لتنظيم سداد ثمن مشتريات الكهرباء والديون والعلاقة المالية مع الحكومة، بما يساهم في إيقاف خصم الجانب الإسرائيلي ديون ثمن شراء الطاقة الكهربائية لشركة كهرباء القدس من إيرادات المقاصة".

ويؤكد العمري، أن الآلية التي اتفقت عليها الشركة مع الحكومة لتسديد ديونها وبما يضمن عدم تجدد تراكم ديونها للشركة الإسرائيلية، "تعتمد على تطبيق تعرفة عادلة ومكافحة السرقات". مبررا تراكم الديون مع أنهم يحصلون على قيمة فواتير المشتركين سواء بالدفع المسبق أو الفاتورة التقليدية، "باستمرار ظاهرة سرقة الكهرباء، وعدم التزام الحكومات السابقة بسداد التزاماتها، وعدم مراجعة التعرفة لمدة أربع سنوات".

ولكن حتى وإن كانت شركة كهرباء القدس قد حصلت على قرض مجمع بقيمة 500 مليون شيقل كما يشاع، فإنها تواجه تحديات كبيرة أمام حجم وقيمة تسديد التزاماتها النقدية الشهرية، فهل ستكون قادرة على تسديد أقساط القرض المجمع (المفترض) مع فوائده؟ وأيضا تسديد قيمة ديونها (بعد التقاص) لوزارة المالية؟ والتزامها بدفع فاتورة شراء الكهرباء مجددا من "إسرائيل" شهريا؟ وتغطية نفقاتها التشغيلية بما فيها رواتب موظفيها؟

وهنا يختزل م.العمري إجابته على تساؤلات صحيفة الحدث بقوله: "يعتمد على شروط القرض ومدة سداده".

بينما يؤكد رجل الأعمال د. حسن أبو لبدة - شركة صنيرجي لحلول الطاقة المتجددة – أنه لا يمكنه ولا غيره تحديد المدة الزمنية التي يمكن أن تتوقف عندها ديون الكهرباء للشركة الإسرائيلية في ظل الوضع القائم "الذي فيه انتقائية في تطبيق القوانين ولا يوجد حسم في تطبيقها وفي ظل وجود نوع من أنواع الفلتان القانوني عند الناس أفرادا وجماعات ومؤسسات وشركات ومصانع الذين لا يريدون أن يدفعوا فواتيرهم، فلا أحد يستطيع أن يقول متى ننتهي من هذه القضية إلا أذا السلطة أخذت قرارا بالحسم في مسألة أن المواطن أو الشركة أو المؤسسة مثلما لهـا حقوق عليهـا واجبات تستوجب تأديتها.

ويرى أبو لبدة استمرارية الديون على السلطة لشركات الكهرباء وعلى المواطنين لموزعي الكهرباء بسبب وجود قصور تشريعي في التطبيق وعلى السلطة أن تقوم بالتقاص أولا بأول مع شركات التوزيع ومقدمي الخدمة ولكن وجود كمية هائلة من الترهل في مسألة الجباية تحد من توفر إمكانات نتيجة القصور القانوني في التطبيق.

صافي الإقراض مع شركات التوزيع في طريقه للحل الجذري

ويعزي م. إسماعيل، إقدام سلطات الاحتلال على خصم مبالغ كبيرة من أموال المقاصة، إلى عدم تسديد شركات توزيع الكهرباء وموزعي الكهرباء أو تسديدهم المنقوص لقيمة فواتير الكهرباء المتراكمة لصالح الشركة القطرية الإسرائيلية مما تسبب في انخفاض قيمة أموال المقاصة نتيجة اقتطاع قيمة الفواتير من أموال المقاصة مما أدى لانخفاضها من حوالي 1 مليار شيقل قبل الحرب على قطاع غزة إلى 300 مليون شيقل شهريا بعد حجز قيمة الأموال التي تدفعها وزارة المالية لأهلنا في قطاع غزة، من رواتب موظفين وأسرى وجرحى وشهداء، وكهرباء ومياه ومستشفيات وصرف صحي.

وقال لـ صحيفة الحدث: "عملنا تقاصا مع شركات التوزيع والهيئات المحلية من أجل تثبيت الذمم، من خلال تسوية مستحقاتهم المالية التي على الحكومة مقابل تسديد ديونهم المستحقة لصالح وزارة المالية بعد أن تم خصمها من أموال المقاصة، إضافة إلى حل بعض مشاكل الهيئات المحلية أو شركات التوزيع فيما يتعلق بتنفيذها بعض المشاريع التي طالبت بها الحكومة أو سلطة الطاقة" في مناطق نفوذها.

وذكر م. إسماعيل أنه منذ العام 2012 ولليوم تم اقتطاع 12,5 مليار شيقل من أموال المقاصة، وفي عام 2024 لوحده تم اقتطاع 1,6 مليار شيقل من أموال المقاصة لصالح ديون الكهرباء، لذا شددت الحكومة على ضرورة إنهاء ملف صافي الإقراض من خلال التقاص مع شركات التوزيع التي تدعي أيضا أن لها مستحقات مالية على الحكومة تتجاوز مبالغ ديونهم لها.

وقال: "عندما أجرينا التقاص مع شركات التوزيع، تبين أن للحكومة 684 مليون شيقل على شركة كهرباء القدس وهي أكبر شركات التوزيع، وأكثرها استهلاكاً للكهرباء، وحتى نوقف الخصومات الشهرية من أموال المقاصة، أبلغنا الإسرائيليين من خلال الوسطاء أن دين الكهرباء على شركات التوزيع الفلسطينية ستقوم الحكومة بسداده، لذا تم تسديد كل الديون المتراكمة، وحتى نغلق هذا الملف بالكامل أبلغنا شركة كهرباء القدس أن الحكومة ستقوم بسداد دينها للشركة الإسرائيلية مقابل أن تقوم بتسديدها للحكومة، علما بأن هذه الشركات تجبي فواتيرها من المشتركين ومعظمها لديها عدادات مسبقة الدفع ولكنها لا تقوم بتسديد كامل فاتورة الكهرباء للشركة القطرية الإسرائيلية".

في الوقت الذي يؤكد فيه م. أسعد سوالمة – مدير عام شركة كهرباء الشمال – أنهم يسددون بانتظام قيمة فاتورتهم الشهرية والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 35 مليون شيقل يدفع منها شهريا 27 مليون شيقل للشركة الإسرائيلية عن طريق شركة النقل الفلسطينية، لكنهم يخصمون منها قيمة ديونهم المستحقة على السلطة الفلسطينية والتي تقدر بحوالي 10 مليون شيقل بدل استهلاك المستشفيات والمؤسسات الحكومية من الكهرباء.

وقال: "نتفاوض حاليا مع الحكومة ووزارة المالية حول التقاص وتصفية صافي الإقراض وبالنتيجة سندفع القيمة المالية المطلوبة إن تبين أن للحكومة دين مستحق على الشركة والعكس صحيح، وكلنا معنيون بإنجاز التقاص وأن يلتزم كل طرف بتسديد ما عليه من ديون مستحقة.

وأشار م. سوالمة إلى أن حوالي 80% من المشتركين يدفعون قيمة استهلاكهم للكهرباء عبر عدادات مسبقة الدفع و20% عن طريق الفواتير الورقية التقليدية وعادة تكون مرتبطة بتعهد بنكي أو لمؤسسات سلطة أو لشركات ومصانع، مؤكدا أن استهلاك 20% من المشتركين أكبر من استهلاك 80%، ولكنه نوه إلى أنه في أثناء الحرب الحالية بدأت بعض المصانع والمؤسسات والفنادق والمطاعم بتقسيط المبالغ المستحقة عليها نظرا لتراجع أوضاعها الاقتصادية. في الوقت الذي أشار فيه إلى معاناتهم من بعض الهيئات المحلية والتي تتلكأ وتتأخر في تسديد فواتيرها لعدة أشهر وبعد مطالبات حثيثة.

في حين شدد د.عبد الكريم على أن ملف صافي الإقراض كان يجب أن لا يستمر في استنزاف الخزينة "وأظن تأخرنا في معالجته"، مبينا أن قيمة صافي الإقراض سنويا تقدر تقريبا بـ 1,4 مليار وهو يغطي اقتطاعات إسرائيل مقابل 3 خدمات ومجالات وسلع وهي الكهرباء والمياه والصرف الصحي، والنسبة الأعلى للكهرباء وبالتالي نفترض أن جزءا مهما من هذا المبلغ 100 مليون للكهرباء والذي تمت التسوية من أجله.

وأكد أن هذا قد يوفر على السلطة في حال التزام شركات توزيع الكهرباء بدفع كامل فاتورتها للإسرائيليين دون تأخير ودون دفع وزارة المالية الإسرائيلية إلى خصم مستحقات تتراكم مجددا عليها واتخذت إجراءات الاستدامة المالية لها، عندها لن تضطر وزارة المالية الفلسطينية أن تدفع هذا المبلغ سنويا عنها أكثر من مليار شيقل وهذا المبلغ سيوفر بلا شك للخزينة مالا إضافيا يزيد من أموال المقاصة 100 مليون شيقل في الشهر، لذا فإن هذا مرهون بالسلوك المالي والإداري والقانوني لشركات توزيع الكهرباء في المستقبل، فهل ستستطيع أن تغطي الفاتورة كاملة للإسرائيليين بدون حاجة لتراكم دين عليها؟ وبالتالي خصمها من أموال المقاصة سنرى تأثير هذا مستقبلا ولكن ليس له أثر رجعي، لأنها أموال خصمت إلى جانب قدرة هذه الشركات على سداد دينها إلى السلطة وللبنوك جراء القرض المجمع، وبالنتيجة سنرى تأثيرا إيجابيا ماليا لا يقل عن 100 مليون شيقل شهريا إما من خلال اختفاء صافي الإقراض أو من خلال تسوية أوضاع أو ديون على البلديات بعد المقاصة مع وزارة المالية بجدولة أية التزامات عندها يتوفر بلا شك رقم مالي.

ويصف د. عبد الكريم، هذه الخطوات بالحلول الخلاقة لا شك باسترجاع أي جزء مقرصن من أموال الفلسطينيين وهي خطوة إيجابية ولكن هل هذا قادر على أن يحسن من الاستدامة المالية؟.

وبرأي عبد الكريم، فإن الأهم في نهاية المطاف الذي يدفع ثمن كل هذه الأزمة المالية والتي أصبحت واضحة هم الموظفون بالدرجة الأولى، في تمكينهم من العيش بكرامة بتحصيلهم على الأقل رواتبهم كاملة بانتظام وهذا حق لهم وحيث أمكن يتم دفع جزء من مستحقاتهم. وفي الدرجة الثانية المواطنين الذين يعتمدون على الحكومة في تلقي خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية وغيره وهؤلاء أيضا يجب أن يكونوا أولوية، لذلك المطلوب من السلطة ووزارة المالية والحكومة تقديم قراءة لتأثيرات هذا التفاهم في رؤية استراتيجية حول كيف ستدير الأزمة حتى تحدث انفراجة سياسية كبيرة تحل هذه الأزمة المالية بشكل كامل، بمعنى يجب اطلاع المواطنين على تأثير هذه الأزمة المالية وعلى التفاهم الذي تم والتوفيرات التي ستحصل وكيف ستستفيد منها الحكومة وأي نفقات ستغطيها ونأمل أن تكون من بينها رواتب وحقوق الموظفين والفئات الأخرى المهمشة.

فزاعة استهلاك المخيمات والمؤسسات الحكومية

يقول م. إسماعيل: "تقول شركة كهرباء القدس إنها لا تتمكن من تسديد كامل فاتورة الكهرباء بسبب استهلاك المخيمات التي لا تدفع فاتورة الكهرباء، وبسبب فواتير الكهرباء على المؤسسات الحكومية، علما أننا في التقاص السابق عام 2016 أبرمنا اتفاقية مشتركة بين الحكومة والشركة، وأغلقنا الدين المستحق وحصلت الشركة على قرض مجمع بضمان الحكومة التي باتت تدفع للشركة 10 مليون شيقل بدل استهلاك مخيمات ومؤسسات حكومية. بمعنى 4 مليون شيقل عن استهلاك المخيمات القديم و4 مليون شيقل عن استهلاك المخيمات الحالي و2 مليون شيقل بدل استهلاك المؤسسات الحكومية، في الوقت الذي قالت فيه الشركة إن هذا غير كاف لأن استهلاك المخيمات والمؤسسات الحكومية أكبر مما تدفعه الحكومة وقيمته 10 مليون شيقل شهريا، فرفعنا قيمة الدفعة من 10 مليون إلى 27 مليون شيقل "لتغطية فروقات دعم التعرفة بالإضافة إلى استهلاك القطاع المنزلي في المخيمات واستهلاك المؤسسات الحكومية".

ويأمل م. إسماعيل، بعدم العودة إلى نفس المربع بعد أن دفعت الحكومة بدل استهلاك مؤسساتها والمخيمات إضافة إلى تسديدها جميع ديون شركات التوزيع للشركة الإسرائيلية وبالتالي أصبح الموضوع يعتمد عليها، لذا عليهم أن يدفعوا بدل استهلاك الكهرباء التي يجبون أموالها من المشتركين.

ولكن م. عنان عنبتاوي – رئيس اتحاد الطاقة المتجددة – أعرب عن خشيته من تجدد الديون مرة أخرى، لذا فإنه يرى أن حل المشكلة جذريا يأتي عن طريق تخفيض عبء الفاتورة الشهرية التي فيها فاقد سواء من المشتركين المتخلفين عن تسديد فواتيرهم والعوامل الفنية التي تضخ كهرباء لمناطق السلطة ولكن لا يتم الاستفادة منها نتيجة عوامل فنية منها الشبكات المهترئة.

ويتساءل عنبتاوي، كيف يمكن تخفيض الفاتورة؟ ويجيب أنه يأتي من خلال الطاقة المتجددة، ولا يوجد حل آخر وحتى الخيارات الأخرى التي يعمل عليها بعجالة لتوليد الكهرباء بأساليب أخرى مثل الغاز وغيره فهي غير مجدية والمسألة هنا لا تتعدى استبدال فاتورة الكهرباء بفاتورة الغاز.

ويؤكد "أنه لا خيار أمامنا إلا الشمس، فلماذا التلكؤ في إنجازها حتى أن شركات توزيع الكهرباء تمتنع اليوم حتى عن استقبال طلبات طاقة شمسية للاحتياجات البيتية المنزلية إلى جانب رفضها التزود بالطاقة الشمسية بتركيب الوحدات على أسطح مباني ومقار مشاريع تجارية وصناعية بحجة أن مشاريع الطاقة الشمسية تكبد شركات توزيع الكهرباء خسائر لأنها استثمرت في شبكات ودفعت ثمنها وبالتالي زيادة مشاريع الطاقة الشمسية والتي هي على نظام صافي القياس تخسر شركة التوزيع".

الحل المرحلي في تملك (إدارة) شركة النقل كل نقاط الربط مع الجانب الإسرائيلي

وأعرب م. إسماعيل عن خشيته من العودة إلى نفس المشكلة ولنفس المربع بعد سنة من الآن، ويرى أن عملية إنهاء هذا الملف بلا عودة، تتمثل في ما طرحته الحكومة من فكرة أن تتملك شركة النقل الفلسطينية كل نقاط الربط مع الجانب الإسرائيلي وبدلا من أن يدير مجلس قروي نقطة الربط والذي غالباً ما تفرض عليه شركة الكهرباء الإسرائيلية فواتير وغرامات وفوائد تأخير لا يستطيع تدقيقها أو التحقق من صحتها بسبب خلل في عداد الاستهلاك، وقد سبق أن فرضت الشركة القطرية فوائد تجاوزت قيمتها مبلغ الفاتورة الأصلي على إحدى شركات التوزيع بسبب التأخر في دفع الفاتورة، وبالتالي فإن نقاط الربط الموجودة مع الهيئات المحلية وشركات التوزيع والتي هي خارج محطات التحويل التي تديرها شركة النقل الفلسطينية، كل هذه النقاط سيتم تصويب أوضاعها وتنتقل ملكيتها وصلاحية إدارتها للشركة الفلسطينية لنقل الكهرباء حتى تكون لدينا جهة واحدة مؤهلة لإدارة هذه النقاط من النواحي الفنية والمالية والإدارية.

الحل الاستراتيجي في الطاقة الشمسية

وإن كان القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة م. أيمن إسماعيل، يرى أن الحل الاستراتيجي الذي اعتمدته الحكومة للتغلب على مشاكل قطاع الكهرباء وتحقيق أمن الطاقة يتمثل في تبني حلول الطاقة المتجددة من خلال تشجيع القطاع الخاص على زيادة الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وتنفيذ مشاريع شراكة بين القطاع الحكومي والخاص لبناء مشاريع استراتيجية لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية، لافتا إلى أنهم يعملون مع بنك التنمية الإسلامي لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة تصل في نهايتها إلى 240 ميغاواط من الطاقة الشمسية لتغطية استهلاك القطاع المنزلي في المخيمات، وبالتالي يتم تعويض شركات التوزيع عن ما تستهلكه المنازل في المخيمات ضمن آلية سيتم العمل عليها خلال الفترة القادمة. أما القطاعين التجاري والصناعي في المخيمات فيتوجب عليهم دفع فاتورة استهلاكهم من الكهرباء.

وأضاف م. إسماعيل: "لدينا اليوم حوالي 300 ميغاواط ما يعادل 6% من مجموع استهلاكنا من الكهرباء وهي نسبة جيدة مقارنة مع الظروف التي نعيشها وبالتالي وفرنا شراءها من الجانب الإسرائيلي وبأسعار أقل".

إلا أن عنبتاوي، يشير إلى أنه يلاحظ في التقرير المالي لشركة كهرباء القدس 2024، بأن كمية الطاقة الشمسية بشكل عام وأكثرها مشاريع اتفاقيات بيع الطاقة الكهربائية المتولدة منها لشركة كهرباء القدس بأسعار رخيصة لتبيعها للمشتركين بأسعار غالية بمعدل 60 أغورة للكيلو واط وهي تمثل أكثر من 90% من مشاريع الطاقة الشمسية في منطقة نفوذ وامتياز الشركة، فمن أين يأتي الضرر؟.

رفض تعديل تعليمات صافي القياس

وأكد م.عنبتاوي، رفض اتحاد شركات الطاقة المتجددة للتوجه الحالي بتعديل تعليمات صافي القياس، وقال: "خاطبنا مجلس تنظيم قطاع الكهرباء بكتب احتجاجية ورافضة للتعليمات الجديدة وقلنا في رسالة واضحة للجميع وللحكومة بأنه في هذا الوقت الذي فيه القطاع الخاص بأمس الحاجة إلى وقفة حكومية معه ومع المواطن بشكل عام، نظرا للظرف الكارثي الذي مررنا فيه بسوء الوضع الاقتصادي، وبدلا من أن يشرع بتعديل قوانين وتعليمات ضد مصلحة القطاع الخاص والمواطن، بالعكس كان يجب أن تكون هناك وقفة من جانب الحكومة على الأقل لإبقاء القوانين السائدة في قطاع الطاقة المتجددة كما هي لا بل يجب أن يكون هناك إصرار حكومي على تنفيذها وفرضها على شركات التوزيع بتنفيذها كما هي".

نسمع جعجعة ولا نرى طحنا

وقال عنبتاوي: "يتحدثون كثيرا عن قطاع الطاقة المتجددة وأهميته والاستثمار فيه لكن نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، المواطن قبل القطاع الخاص فاهم ومتشجع وحريص على أن تكون لديه طاقة متجددة لكنه يحتاج إلى التسهيلات وتدخل الحكومة في هذا الموضوع، وتساءل مجددا إن كانت الحكومة غير قادرة ماليا على تنفيذ مشروع طاقة متجددة كبير يخفف أعباء ما لأسباب وظروف معينة مثل بعض البنود المهمة وهي الكفالة السيادية، فأين المجتمع الدولي في دعم هذا التوجه أو في أن تطلب الحكومة دعم المجتمع الدولي في أن يخلق كفالة سيادية إذا كانت الحكومة غير قادرة على ذلك؟.

ويؤكد أن هذا هو السؤال المركزي الذي يتفق الكل على حاجتنا لقطاع الطاقة المتجددة ولكن البنوك لا تقدم تسهيلات مالية وائتمانية لهذا الموضوع والمجتمع الدولي يقول إن الاتفاقيات المطروحة لا تسمح لنا بتمويل مثل هذه المشاريع ونكفلها لأنها مخالفة للأعراف الدولية في الاتفاقيات ولكن أين هو تدخل الحكومة؟.

وقال م.عنبتاوي: "هذه واحدة من أهم المشاكل التي ستبقى إن لم يكن هناك حل جذري وكل تأخير في هذا الموضوع يرهق الشبكات لأن الطرف الاسرائيلي لا ينتظرنا، فهناك الآلاف من مشاريع الطاقة الشمسية في الأغوار والمستوطنات والذين يشاركوننا نفس الشبكات وبالتالي يقولون إنهم لا يقدرون لأن الشبكات ونقاط الربط لا تتحمل، ومع الأسف لا يوجد هنا جواب منطقي لماذا لا توجد هناك أولوية لعمل مشاريع طاقة متجددة شمسية في مناطق الضفة الغربية وهو في نفس الوقت الحل الأمثل والأسرع لقطاع غزة.

في حين يؤكد م. العمري أن لدى الشركة حاليا محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية قدرتها 90 ميغاواط، كما طرحت الشركة عطاءات لإنشاء محطة أخرى بطاقة إنتاجية قدرها 50 ميغا واط جديدة.

وأفاد م. سوالمة، أن شركتهم تستثمر في الطاقة المتجددة في محطة قدرة طاقتها الإنتاجية تتراوح ما بين 40 – 50 ميغا واط، "ولأن كل الطاقة التي نأخذها من الجانب الآخر تصل 220 ميغاواط، فإن لدينا محطة طاقة شمسية في كفردان بقدرة 5 ميغاواط ومحطتان بالشراكة مع صندوق الاستثمار في بيت ليد بقدرة 6 ميغا واط والآن نعمل على إنشاء محطة في جنين بقدرة 5 ميغا واط، ولكن النسبة المسموح لنا فيها بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لا تزيد عن 20% فقط أي حوالي 50 ميغاواط، منوها إلى نقاشات تجري حاليا في مجلس تنظيم قطاع الكهرباء وسلطة الطاقة لدراسة إمكانية عمل الطاقة بالتخزين وكيف يمكن أن يكون السعر المفضل".

وأكد م. سوالمة عدم ممانعة شركة كهرباء الشمال، من قيام المواطنين بتركيب وحدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للبيوت والمشاريع الصغيرة.

خطة الطاقة البديلة

وحول خطة الطاقة البديلة يقول م.إسماعيل: "لدينا اليوم البرنامج الوطني للتطوير والتنمية 2025-2026 الذي أقرته الحكومة بالتعاون مع المؤسسات ذات العلاقة، ويتكون البرنامج الوطني من سبع مبادرات منها مبادرة خاصة بالطاقة بعنوان أمن الطاقة والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة والذي يهدف إلى دعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر من خلال توليد احتياجات فلسطين من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة وزيادة مساهمة قطاع الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي وتلبية الاحتياجات المتزايدة على الطاقة الكهربائية، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المستوردة من خلال زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الفلسطيني بحيث تصل إلى نسبة %30 بحلول عام 2030، وتحقيق الاستدامة المالية لقطاع الطاقة الفلسطيني وتحسين الجدارة الائتمانية لموزعي الكهرباء والقضاء على مشكلة صافي الإقراض.

وهذا يتطلب تنفيذ مبادرات مع القطاع الخاص بمشاريع سيتم تنفيذها على الأراضي الحكومية وأراضي الأوقاف، والمشاريع التجارية التي ينفذها القطاع الخاص، بالإضافة إلى مبادرات الاستهلاك الذاتي للقطاعين الصناعي والمنزلي، ومشاريع سيتم تنفيذها على مباني المؤسسات الحكومية، والمستشفيات والجامعات والمدارس، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف موضحا: "لدينا خمس مبادرات ضمن البرنامج الوطني للتنمية والتطوير، والذي سيكون نواة الخطة الوطنية للطاقة المتجددة للأعوام 2025-2030 بهدف رفع نسبة مشاركة الطاقة المتجددة إلى 30% وهذا يتطلب تطوير شبكات التوزيع الفلسطينية، وبناء شبكات نقل فلسطينية، وتجميع نقاط الربط في محطات تحويل، بالإضافة إلى حرية الوصول المناطق المصنفة (ج) والاستثمار فيها.

وقال جازما: "نحن مصممون على بناء قدرات توليد وطني، من خلال مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة مبيناً أنه تم منح رخصتي توليد لمحطتين تعملان على الطاقة التقليدية الأولى في جنين أصبحت في مراحل متقدمة لبدء البناء بقدرة 260 ميغاواط في المرحلة الأولى و450 ميغاواط في المرحلة الثانية، والمحطة الثانية في الخليل قيد التنفيذ بقدرة 80 ميغاواط.

ولكن م.عنبتاوي انتقد بشدة توجه الحكومة وخطة سلطة الطاقة لقطاع غزة التي أعربت عن طموحها بأن ترجع الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب والتي كانت عندها تنقطع الكهرباء طوال النهار والليل باستثناء 4 ساعات، عدا عن الأسعار الخيالية لبيع الكيلو واط للمواطن هناك.

وتعقيبا على خطة سلطة الطاقة في توليد 1000 ميغا واط حتى عام 2030 وأنها كافية، قال عنبتاوي: "دائما نتطلع على الاستهلاك العادل للفرد الفلسطيني من الكهرباء سنويا الذي تبلغ حصته اليوم أقل من 1000 كيلو واط سنويا في حين تقدر حصة استهلاك المواطن في أي دولة ضعيفة على الأقل 3000 كيلو واط وما فوق، وعليه ليس من العدل ولا المنطق أن يكون طموح سلطة الطاقة توليد 1000 أو 2000 ميغاواط، في حين نحن بأمس الحاجة إلى الرقم الذي يوصل المواطن لاستهلاك الكهرباء والذي يمكن الاقتصاد من أن ينمو ويتطور".

ويؤكد عنبتاوي: "إن إحدى التحديات هي التلكؤ في توسيع وزيادة الاستثمار ومنح التراخيص لمشاريع الطاقة المتجددة بما يخدم صالح شركات توزيع الكهرباء التي تتفرد في إدارة هذا الموضوع كما تهوى وهذا غير عادل وغير صحيح".

وحث د.أبو لبدة، السلطة على وجوب تشجيعها بل وتفرض على أكبر عدد من الشركات والأفراد والمؤسسات بتركيب طاقة شمسية بغض النظر عن رأي وموقف شركات توزيع الكهرباء، لأنه في هذه الحالة على الأقل يمكن تخفيض الاعتماد في استهلاك الكهرباء على هذه الجهات وبالنتيجة لا يعد هناك وجود لمن يتسيب من الديون والدفع.

تمليك محطات التوليد الشمسية لشركات توزيع الكهرباء

وانتقد عنبتاوي توجه شركات توزيع الكهرباء في تملكها مشاريع المطورين في الطاقة الشمسية بعد فترة زمنية من إنشائها في الوقت الذي تحافظ فيه على بيع الكهرباء للمواطن بنفس التعرفة المعمول بها، وعليه فإنه يطالب بفتح المجال للجميع للاستثمار والعمل على استصدار تراخيص في مناطق (ج) ومن يقول إنه يريد أن يحد من مشترياته من إسرائيل حتى 2035 يعني بعد 10 سنين عليه أن يأخذ بالاعتبار التزايد السكاني والاستثمارات والخطط الاقتصادية الكبيرة فإن إنشاء أي مصنع قد يستهلك 30 – 40 ميغاواط وهذه الكمية من الطاقة المتولدة حسب خطتهم بالكاد تغطي احتياج عدد من المشاريع الاقتصادية الصناعية وليس المواطنين.

تعدد معيقات الطاقة الشمسية

ويؤكد م.إسماعيل على أن أهم معيقات الاستثمار في الطاقة الشمسية هو الاحتلال الذي يمنعنا من الاستثمار في المناطق المصنفة (ج) والتي تشكل 62% من مساحة الضفة الغربية، تعتبر هذه المناطق الأفضل لمثل هذه المشاريع لتوفر المساحات المفتوحة بكلفة أقل من باقي المناطق مما ينعكس على أسعار بيع وحدة الطاقة المنتجة بالإضافة إلى المعيقات الناتجة عن عدم ربط وتوحيد شبكات التوزيع بين المحافظات بالرغم من المحاولات لدمج مشاريع توزيع الكهرباء في شركات مختصة إلا أن 114 هيئة محلية ترفض حتى الآن الانضمام أو تأسيس شركات توزيع والذي بدوره يؤثر سلباً على قدرتها في استيعاب مشاريع إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية بقدرات متوسطة. وأيضاً رفض الجانب الإسرائيلي بناء شبكة نقل وطنية تربط محطات التحويل بعضها ببعض مما يحد من القدرة على استيعاب قدرات كبيرة من الطاقة المتجددة.

أما الموانع والمحددات التي تحول دون المزيد من استثمار القطاع الخاص في الطاقة الشمسية، كما يراها رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء القدس فإنها تتمثل في: "صافي القياس وخسائره كما أن معظم الأراضي تقع في مناطق (ج) إلى جانب عدم استيعاب الشبكة الكهربائية".

في حين يرى م. سوالمة أنهم لا يستطيعون الحصول على أكثر من 20% من الطاقة المتوفرة من الطاقة البديلة في الوضع الحالي، مشيرا إلى وجود توجه لتخزين كمية الكهرباء المتولدة من الطاقة الشمسية والتي تحتاج إلى مساحات كبيرة وليست كلها متوفرة أو غير مجدية لأن الأرض غالية ومعظم الأراضي المتوفرة تقع في منطقة (ج) وهذا يحتاج إلى موافقة إسرائيلية.

وفي هذا الإطار يقول د. أبو لبدة: "المصالح تمنع تحقيق أي مدخل لتخفيض مشترياتنا من إسرائيل التي تزيد عن 88% من احتياجاتنا من كهرباء وكل يوم يمضي في هذه البلد توضع عقبات إضافية على المستهلكين أفرادا أو جماعات أو شركات أو مصانع للاستثمار في الطاقة المتجددة ولا يوجد من يحاسب الذي وضعها، ولذلك منذ سنة 2012 لليوم السلطة لم تصل قدرة التوليد التي عندها إلى 250 ميغاواط من أصل حوالي 1700 ميغاواط التي نحتاجها، وهذه القدرة أصبحت بالكاد تغطي استهلاك مشروع في الأردن التي بدأت بعدنا وعندها اليوم 2 جيجا يعني 2000 ميغاواط، فلماذا حتى الآن نحن فقط لدينا 250 ميغاواط ؟ .

ويجيب د. أبو لبدة: "واضح لماذا؟ لأن هناك تعسف من موزعي الكهرباء في كل ما يتعلق بمنح الرخص وغيره ولا يوجد هناك فعل من قبل النظام السياسي الفلسطيني في مسألة أننا نريد أن نخفض من اعتمادنا على إسرائيل من ناحية ومن ناحية ثانية نريد نتوسع كثيرا في الطاقة المتجددة، وكأنه توجد حالة من التحالف ما بين الجهات الرقابية والتنفيذية للسلطة وموزعي الكهرباء على منع استفادة المستهلكين من الكهرباء التي تولد من الشمس التي يتحدث الكل عنها بأنها ثروتنا".

وأشار د. أبو لبدة إلى أن الرئيس أبو مازن قبل سنوات أعلن بأنه يريد من الكل الفلسطيني أن تكون عنده طاقة شمسية، "ولكن في الأثناء الحكومات المتعاقبة لم تتخذ إجراءات حقيقية على الأرض من أجل توفير البيئة المناسبة والمواتية لكل مواطن بأن يركب طاقة شمسية ولم تتخذ إجراءات وقرارات تلزم الجهات التي تقوم بتوزيع الكهرباء أنها تسمح على نطاق واسع لكل من يستطيع أنه يركب طاقة شمسية يركبها، فالشركات قامت بمنع الناس من تركيب الطاقة الشمسية على أسطح بيوتهم، في الوقت الذي تتملك فيه شركات التوزيع مشاريعها في الطاقة الشمسية وهذا جزء من المشكلة، فعندما تذهب إلى منطقة معينة تحاول طلب رخصة فيها يرد عليك لا يوجد متسع ولكن تجد أن نفس الموزع يعمل له ومن المفروض واحدة من الأمور التي تحصل بمنع الموزعين (بلديات، مجالس قروية وشركات توزيع) ويجب أن تتاح للمطورين من القطاع الخاص والمستفيدين وأن يتاح للتجمعات السكانية تركيب طاقة شمسية لاستهلاكها وبدون قيود وشروط ومحددات، فلماذا هذا لا يطبق على الموزعين للكهرباء؟


الحدث المصدر: الحدث
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا