آخر الأخبار

جريدة القدس || بابا.. بابا.. بابا!

شارك الخبر
مصدر الصورة

بصوتٍ خفيض، وجسدٍ وئيد، ينده أحمد ولا مجيب: بابا.. بابا.. يتكرر النداء مراتٍ ومراتٍ ومرات، دون أن يعرف الطفل الموشّم وجهُه بالجروح أنه الناجي الوحيد من غارة الصباح، بينما قضى أبوه وأُمّه وجميع أفراد عائلته تحت الركام.


يجلس أحمد، بجسده المرتجف النحيل، على سرير الشفاء في مستشفى كمال عدوان، يهشّ الذباب عن وجهه، وقد أضاء قبل ساعاتٍ شمعته الخامسة بالدموع والأوجاع والآهات، التي جعلت النوم يُجافي عينيه منذ انتشاله، وقد نال منه العطش والجوع تحت ركام منزله.


إلى جانب أحمد، تُلقي أمٌّ  بجسدها على قلبها وحشاشة روحها، الذي قضى للتوّ بين يديها، بعد نفاد الدواء في المستشفى المحاصر بالدبابات، الذي يعاني نقصاً في الماء والدواء والغذاء، كما أعلن مديره قبل أيام، مطلقاً نداء استغاثةٍ لإنقاذ المرضى؛ ففي كل دقيقة تمرُّ ينضم جرحى إلى قائمة الشهداء.


 في مشهدٍ مقابل، فيه من الإرهاب والإرعاب ما يُدمي القلوب، ويهزُّ النفوس من أقطارها، يُساق آلاف الأطفال الذين جرى فصلهم عن آبائهم وأمهاتهم إلى حفرةٍ عميقة، قبل أن تلحق بهم أمهاتهم، فيما يُساق آباؤهم شبه عراة، معصوبي الأعين، ومُكبّلي الأيدي إلى شاحناتٍ مكشوفة.


في الحفرة، شاهد الضحايا الوحوش المجنزرة تزأر حولهم، وتُحاكي مشاهد دعسهم، قبل أن تتوقف المناورة المرعبة وسط صراخ الأطفال ونحيب الأمهات، ويُسمح للنساء بالمغادرة، بينما يقوم الجُناة بإلقاء الأطفال على الأمهات بعشوائية، ويؤمَرن بالخروج سريعاً، دون أن يلتفتن خلفهن. وتبدأ رحلة الأُمهات الطويلة والحارقة في البحث عن أطفالهن مع أُمهاتٍ أُخريات...


أوقفوا حرب الإبادة الآن...!

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا