في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
"موجة الإفلاس مستمرة". هكذا نقلت وكالة رويترز للأنباء عن كبير المحللين في غرفة الصناعة والتجارة الألمانية فولكر يوم الجمعة الأسبوع الماضي: "الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على وجه الخصوص تواجه صعوبات".
وأظهر استطلاع أجرته غرفة الصناعة والتجارة الألمانية أن ما يقرب من ثلث الشركات، التي تضم أقل من 20 موظفا، تخشى تدهور وضعها التجاري. وتمثل هذه الشركات حوالي 85 في المائة من جميع الشركات في هذا البلد.
وفي اليوم نفسه (الجمعة 12 ديسمبر/ كانون الأول) أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أن المحاكم الألمانية قد سجلت 18125 طلب إفلاس للشركات حتى نهاية سبتمبر/ أيلول بزيادة تقارب 12 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي. وبذلك بلغ عدد حالات إفلاس الشركات في ألمانيا في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025 أعلى مستوى له منذ أحد عشر عاما.
يؤكد البروفيسور شتيفن مولر أن الشركات الصغيرة معرضة للخطر بشكل خاص. وشدد رئيس قسم أبحاث الإفلاس في معهد لايبنيتس للأبحاث الاقتصادية في هاله في حديثه مع DW على أن حالات الإفلاس "تحدث في الغالب في قطاع الشركات الصغيرة". ويبلغ متوسط عدد الموظفين في هذه الشركات "عشرة موظفين لكل شركة متوسطة الحجم لكن معظمها أصغر من ذلك".
على الرغم من أنها لا تلعب أي دور في هذا المنظور إلا أن موجة الإفلاس الحالية تظهر أيضا في القطاع الخاص، ففي ألمانيا ارتفع عدد حالات الإفلاس الخاص أيضا في العام الماضي: في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي كان هناك 57824 حالة إفلاس للمستهلكين، بزيادة تزيد عن 8% عن نفس الفترة من العام الماضي.
على الرغم من أن الإفلاس يهدد بشكل أكبر الشركات الصغيرة التي لديها عدد قليل من الموظفين؛ إلا أن ارتفاع عدد حالات الإفلاس بين الشركات الفردية والشركات المساهمة أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الوظائف المفقودة أو المعرضة لخطر كبير. هذا ما توصل إليه معهد لايبنيتس للأبحاث الاقتصادية. وقد حدد المعهد 170 ألف وظيفة متأثرة لهذا العام. قبل جائحة كورونا لم يكن العدد يصل حتى إلى 100,000 وظيفة.
لا يريد كلاوس هاينر رول، الاقتصادي في معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا المبالغة في تقدير التأثيرات على سوق العمل . فقد كتب لنا أن "حالات الإفلاس تساهم في ارتفاع معدل البطالة بشكل طفيف، لكن التطور ليس دراماتيكيا".
يرى شتيفن مولر الذي استطلعنا رأيه أيضا الأمر بشكل مختلف قليلا. وطبقا لحسابات رئيس قسم أبحاث الإفلاس في معهد الاقتصاد الألماني، من المتوقع أن يصل عدد الوظائف المتأثرة في عام 2025 إلى "حوالي 200,000 وظيفة وهو عدد كبير نسبيا. في السنوات التي سبقت الجائحة كان هذا العدد حوالي النصف". ومن المرجح أن يتم بالفعل إلغاء جزء من الوظائف المتأثرة، لأن حالات الإفلاس تؤدي إلى إغلاق الشركات.
لكنه يشير أيضا إلى أن العديد من الوظائف ستنشأ في أماكن أخرى. ويقول إن تأثيرات سوق العمل "يمكن التحكم فيها بشكل عام. ولا ينبغي أن ننسى أن عملية تصحيح السوق غالبا ما تؤدي إلى انتقال الموظفين من الشركات الضعيفة إلى الشركات الجيدة".
بالنسبة لشتيفن مولر فإن الأرقام الحالية لم تكن مفاجئة تماما: "بشكل عام كان من المتوقع ارتفاع أرقام الإفلاس. لكن حجم هذا الارتفاع كان مفاجئا بعض الشيء". كما أن كلاوس هاينر رول لم يتفاجأ، كما كتب لنا: "من حيث المبدأ كان هذا التطور متوقعا ونظرا للضعف المستمر في الاقتصاد كان من الممكن أن تكون أرقام الإفلاس أعلى من ذلك".
لا يرى رول أن أسباب الإفلاس المتعدد تكمن في جانب رجال الأعمال فقط: "السبب الرئيسي هو على الأرجح الركود الاقتصادي الذي استمر لمدة ثلاث سنوات تقريبا مع اقتصاد راكد أو متراجع قليلا".
كما أن أسعار الطاقة وحرب روسيا في أوكرانيا والتحول إلى الحياد المناخي تساهم في الصعوبات التي تواجهها الشركات. ولكن "من الصعب تحديد مدى مساهمة السياسة في هذه المشاكل من خلال تأخير الإصلاحات ومساهمة بعض الشركات من خلال التأخير في التحويلات"، كما يقول رول.
لا يريد شتيفن مولر أن يلقي باللوم على أي طرف بمفرده في موجة الإفلاس : "أسباب الإفلاس دائما ما تكون فردية تماما". غالبا ما تنشأ الصعوبات بسبب تطورات فردية خاطئة مثل اختيار المنتجات الخاطئة والنزاعات بين الإدارة والموظفين والنزاعات مع الملاك المهمين أو غيرهم من أصحاب المصلحة.
ويضيف مولر: "عندما تضاف إلى ذلك التكاليف المرتفعة والتغيرات الهيكلية وعدم الاستقرار الجيوسياسي والرسوم الجمركية فإن نقاط الضعف والأخطاء الفردية تؤدي إلى الإفلاس بشكل أسرع". ويخلص إلى أن "من غير المرجح أن تضطر شركات سليمة تماما وذات وضع جيد وتعد من بين الأفضل في قطاعها إلى الخروج من السوق لمجرد سوء الظروف العامة".
ترى رابطة مديري الإعسار والمحافظين في ألمانيا أن الوضع الحالي مريح نسبيا. وقال كريستوف نيرينغ، رئيس الرابطة لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "بعد الآثار المترتبة على مرحلة كورونا والارتفاع المرتبط بها في حالات الإعسار عادت الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى". ومع ذلك فإن هذا "ليس تحولا في الاتجاه، ولكنه ضوء في نهاية النفق".
وأعرب شتيفن مولر عن رأي مماثل: "في عام 2026 من المرجح أن نكون عند نفس المستوى المرتفع الذي كنا عليه في عام 2025". لكن هذا "خبر جيد بشرط، لأننا وصلنا ببطء إلى المنطقة الحمراء". لذا لا ينبغي أن تسوء الأمور أكثر من ذلك. لأن نظرة على المجموعة الحاسمة من الشركات الشخصية والشركات الرأسمالية تظهر: "كنا هنا آخر مرة قبل 20 عاما عند مستويات مماثلة".
ويرى الاقتصادي في معهد الأبحاث الصناعية كلاوس هاينر رول بصيصا من الأمل: "إذا نما الاقتصاد بنحو 1% في العام المقبل، كما تتوقع مختلف المؤسسات فمن المرجح أن تتراجع حالات الإفلاس".
ومع ذلك فإن التراجع في حالات الإفلاس ليس أمرا مفروغا منه: "فالمشاكل الهيكلية مثل الرسوم الجمركية الأمريكية والمنافسة الصينية وتكاليف الطاقة لا تزال قائمة".
أعده للعربية: م.أ.م/ تحرير: صلاح شرارة
المصدر:
DW