وزير الخارجية الأفغاني يبحث مع نظيره الروسي على هامش اجتماع صيغة موسكو
التقى وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع #صيغة_موسكو، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات السياسية وتوسيع التعاون الاقتصادي، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا… pic.twitter.com/QGVMnlEbuT
— Hurriyat Radio عربي (@HurriyaAR) October 7, 2025
موسكو- أكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع السابع لما سمي "صيغة موسكو" للمشاورات حول أفغانستان -أمس الثلاثاء- على أهمية تطوير التعاون السياسي والتجاري والاقتصادي بين كابل ودول المنطقة والمجتمع الدولي، واندماج هذا البلد بشكل فعال في النظم الاقتصادية الإقليمية.
وشدد بيان الاجتماع -الذي انعقد في العاصمة موسكو وحضره ممثلون خاصون ومسؤولون كبار من روسيا وأفغانستان والهند وإيران وكازاخستان وقرغيزستان والصين وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان- على دعم ظهور أفغانستان كدولة مستقلة وسلمية، خالية من الإرهاب والمخدرات، والاستعداد لمساعدتها في تعزيز الأمن الإقليمي.
كما أكد "صيغة موسكو" على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية دولية لكابل، وعدم تسييسها، وعلى أهمية تطوير التبادلات التجارية والاقتصادية والتعاون الاستثماري معها.
وشكل هذا الاجتماع مناسبة لإطلاق مجموعة من المواقف تجاه التطورات في أفغانستان، وخاصة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبة بلاده باستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية وتحذيره من أن كابل قد تواجه "عواقب وخيمة" إذا رفضت ذلك.
وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي بأفغانستان زامير كابولوف إن بلاده تدين نشر قواعد عسكرية في هذا البلد، وإنه لا توجد عندها خطط لذلك. وكشف أن وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي أكد لنظيره الروسي سيرغي لافروف أن كابل لن تسمح بنشر أية قواعد أجنبية على أراضيها، وأن هذا يشمل قاعدة باغرام.
وفي وقت سابق، شددت حركة طالبان على أنها لن تسلّم باغرام للولايات المتحدة، على الرغم من تهديدات الرئيس الأميركي. وأكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد أن هذه القاعدة "لا تختلف عن أي جزء آخر من الأراضي الأفغانية، وأن طالبان لن تُوافق على تسليم أي شبر من أراضيها".
ويأتي اللقاء التشاوري الحالي وسط رهان روسي على تغزيز العلاقات مع حكومة طالبان ودفعها إلى مديات أبعد في كافة المجالات. لكن تهديدات ترامب لكابل في حال رفضت عودة القوات الأميركية إلى قاعدة باغرام احتلت الجزء الأعظم من قراءات وتحليلات المراقبين الروس.
وحسب رأي الخبير في شؤون بلدان آسيا الوسطى سيرغي كورتوف، فمن غير المرجح أن تغزو الولايات المتحدة أفغانستان بسبب هذه القاعدة. وقال للجزيرة نت إن هذه الفكرة "عبثية" لأنه خلال الأشهر الثمانية التي انقضت منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض "اعتاد العالم على أفكاره المُبالغ فيها".
ويضيف كورتوف أن الرئيس الأميركي صاغ مطلبه بضرورة "إعادة أفغانستان باغرام لمن بنوها، متناسيا أن الخبراء السوفيات هم من فعلوا ذلك في خمسينيات القرن الماضي، في عهد الملك محمد ظاهر شاه ".
ويتابع الخبير كورتوف أنه حتى لو حصلت معجزة ووافقت حركة طالبان على تسليم قاعدتها الجوية الرئيسية للأميركيين، فسيكون ذلك بمثابة كابوس ل لبنتاغون من حيث التكاليف واللوجستيات والأمن ومنع الهجمات "الإرهابية" المحتملة.
واستشهد بتقديرات خبراء عسكريين بأن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 10 آلاف جندي لتشغيل المنشأة وحمايتها بالكامل، متسائلا "كيف يمكن نقلهم وتزويدهم بالعتاد وتناوبهم؟ وهل سيقومون بالتفاوض مع روسيا مجددا بشأن استخدام مطار القفز في أوليانوفسك، كما فعلوا عام 2001 عندما شن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن الحرب على طالبان؟".
ووفق تأكيده، فإنه من المستحيل تكرار ذلك لأن العلاقات بين موسكو وواشنطن كانت مختلفة تماما آنذاك.
ومن جانبه، يقول محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف "إذا صدقنا تقارير وسائل الإعلام الأميركية التي تفيد بأن واشنطن كانت تتفاوض سرا مع طالبان حول إمكانية استخدام باغرام، فإنه بعد إنذار ترامب تصبح فرص نجاح الحوار ضئيلة، لأنه لا يمكن للسياسيين أن يخسروا ماء الوجه أو يستسلموا أو يُظهروا ضعفا عندما يتعرضون لضغوط وتهديدات علنية".
ويوضح أنه ما إن تبدأ "دبلوماسية مكبرات الصوت، وبمجرد أن يبدؤوا في لي ذراعك علنا، يصبح التوصل إلى تسوية أمرا مستحيلا تماما كما حصل عندما طلب ترامب من الهند التوقف عن شراء النفط الروسي، لكن يبدو أن هذه القصة لم تعلّمه الكثير".
وفي حال تم أخذ كلام الرئيس الأميركي حرفيا وتهديده طالبان بـ"أمور سيئة" يتساءل بيرسانوف "فكيف سيتصرف إذا رفضوا عرضه؟
ويرى أن من غير الممكن الاستيلاء على قاعدة باغرام بالقوة ثم الاحتفاظ بها في بيئة معادية، مما يعيد فعليا الحرب في أفغانستان التي أنهاها الرئيس السابق جو بايدن .
وهذا ينطبق بشكل خاص في ظل انعدام طرق الإمداد اللوجستي، لا الطريق الشمالي عبر روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى، ولا الطريق الجنوبي عبر باكستان؛ نظرا لأن إسلام آباد اليوم على عكس عام 2011 "أصبحت تحت نفوذ بكين" على حد قول المحلل بيرسانوف.
وقد أنشئت "صيغة موسكو للمشاورات بشأن أفغانستان" عقب مشاورات ثلاثية بين روسيا والصين وباكستان في ديسمبر/كانون الأول 2016 بهدف دفع عملية المصالحة الوطنية في كابل وتسهيل إحلال السلام السريع في البلاد.
وفي فبراير/شباط 2017، عُقدت مشاورات سداسية الأطراف بشأن أفغانستان في موسكو، ضمت موسكو وكابل وإسلام آباد وبكين وطهران ونيودلهي.
وفي أبريل/نيسان من العام ذاته، عُقد أول اجتماع للصيغة بالعاصمة موسكو وحضره نواب وزراء وممثلون خاصون من 11 دولة ضمت روسيا وأفغانستان والهند وإيران والصين وباكستان و5 جمهوريات في آسيا الوسطى.
وقد دُعيت الولايات المتحدة لحضور الاجتماعات الثلاثة الأولى للمشاورات، لكنها شاركت فقط في الاجتماع الثاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بصفة مراقب.