آخر الأخبار

اعترافات غربية تربك إسرائيل وتقلب حسابات نتنياهو

شارك
بريطانيا وأستراليا وكندا تعترف بالدولة الفلسطينية

شهدت الساعات الأخيرة تحولاً لافتاً في مسار القضية الفلسطينية، بعدما أعلنت 3 دول غربية كبرى – بريطانيا وأستراليا وكندا – اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية.

خطوة وصفتها السلطة الفلسطينية بـ"اليوم التاريخي"، واعتبرتها أوساط عربية ودولية لحظة فارقة تتقاطع فيها السياسة مع العدالة، والدبلوماسية مع مأساة إنسانية متفاقمة في غزة وتوسع استيطاني متسارع في الضفة الغربية.

في المقابل، تصر إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو على رفض مبدأ الدولة الفلسطينية، فيما يتحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستباق الموجة بعقد قمة كبرى في نيويورك يطرح خلالها رؤيته للسلام.

بريطانيا تفتح الباب

إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاعتراف بدولة فلسطين حمل دلالات تتجاوز الموقف الدبلوماسي، إذ شدد في كلمته المسجلة على أن الأمل في حل الدولتين يتلاشى، وأن من الضروري عدم السماح بانطفاء هذا الضوء الأخير.

ستارمر، الذي يمثل حزب العمال، منح لندن موقعاً متقدماً في مسار سياسي جديد قد يعيد رسم خطوط العلاقة مع إسرائيل، ويضغط باتجاه مفاوضات جدية.

إلى جانب البعد السياسي، تحمل الخطوة البريطانية وزناً تاريخياً ومعنوياً، كون المملكة المتحدة ترتبط بتاريخ مركزي في القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور وما تلاه من انتداب. وهو ما أشار إليه مراقبون باعتباره تصحيحاً متأخراً لمسؤولية لم تُستوفَ منذ عقود.

أستراليا وكندا على المسار نفسه

لم تقتصر الموجة على لندن، فقد أعلنت الحكومة الأسترالية اعترافها بدولة فلسطين في سياق دعمها لحل الدولتين، لكنها أوضحت بجلاء رفضها لأي دور لحركة حماس في مستقبل الدولة الفلسطينية.

أما كندا، فذهبت أبعد من ذلك، إذ اتهم رئيس وزرائها الحكومة الإسرائيلية بمنع قيام الدولة الفلسطينية، مؤكداً أن الاعتراف هو خطوة نحو بناء مستقبل سلمي للدولتين.

سياق دولي ضاغط

يأتي هذا التطور في وقت تستعد نيويورك لاحتضان مؤتمر حول حل الدولتين برعاية فرنسية-سعودية، في موازاة تحركات أميركية يقودها ترامب لعقد قمة عربية-إسلامية-أميركية.

هذه القمم المتوازية تعكس سباقا دبلوماسيا غير مسبوق بين أطراف دولية وإقليمية تسعى لتثبيت موقعها في مسار قد يعيد تشكيل قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس رحب بالخطوة البريطانية، معتبراً إياها بداية لتحقيق سلام عادل ودائم، ومؤكداً التزامه بالإصلاحات التي تعهد بها خلال زيارته إلى لندن.

الموقف الإسرائيلي.. رفض وتصعيد

في المقابل، جاء الرد الإسرائيلي على الضفة الأخرى من الطيف السياسي. نتنياهو تعهد في خطاب مباشر بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية، معلناً استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية.

أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير دعا بدوره إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة وسحق السلطة الفلسطينية بالكامل.

هذا التصعيد يعكس محاولة لقطع الطريق أمام أي مسار دولي قد يفرض على إسرائيل الدخول في تسوية جديدة. لكنه يضع حكومة نتنياهو في مواجهة متزايدة مع حلفاء تقليديين باتوا يرون أن السلوك الإسرائيلي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.

شارلوت ليزلي.. "اللعبة تغيرت"

من لندن، قدمت عضو مجلس العموم السابقة عن حزب المحافظين، السيدة شارلوت ليزلي، قراءة لافتة عبر برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية.

اعتبرت أن الاعتراف الغربي بفلسطين هو نتيجة مباشرة للسياسات الإسرائيلية الأخيرة، خاصة في غزة. وقالت إن ما يقوم به نتنياهو ووزراؤه دفع العالم إلى القول إن الوضع غير مقبول، وإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية أصبح ضرورة لتحقيق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

ليزلي أكدت أن هذه الخطوة تشكل نقطة بداية فعلية، ومؤشراً على أن قواعد اللعبة تغيرت بشكل لم يكن متخيلاً قبل 5 سنوات. لكنها شددت على أن السؤال الأهم هو كيفية بلورة هذه الاعترافات على أرض الواقع، وما إذا كانت ستترافق مع جزاءات ضد الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، ومع مفاوضات جادة مع السلطة الفلسطينية حول الإصلاحات والانتخابات.

الضغط الشعبي والبعد القانوني

أشارت ليزلي أيضاً إلى أن الضغوط الشعبية في بريطانيا تتزايد على الحكومة لعدم تقديم إعفاءات لإسرائيل، ولتبني خطوات عملية مثل فرض عقوبات على منتجات المستوطنات، على غرار العقوبات المفروضة على روسيا بسبب ضمها أراضي أوكرانية.

واعتبرت أن الاعتراف الغربي بفلسطين مؤشر على بداية مرحلة جديدة من المساءلة، إذ لم يعد ممكناً السماح لإسرائيل ب انتهاك القانون الدولي دون عقاب.

وأضافت أن التمييز بين السلطة الفلسطينية وحماس ضروري، منتقدة خطاب نتنياهو ووزرائه الذين يساوون بين الطرفين. ورأت أن هذا الخلط يهدف إلى تعطيل أي حل سياسي، بينما السلطة الفلسطينية اعترفت بإسرائيل وتسعى إلى السلام.

ترامب بين الضغط والفرصة

أما فيما يخص الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فترى ليزلي أن مواقفه تبقى غير قابلة للتنبؤ. ورغم أنه أبدى انزعاجه من اعتراف بريطانيا، فإن براغماتيته قد تدفعه إلى التعامل مع الموجة باعتبارها فرصة، لا سيما مع طموحه لنيل جائزة نوبل للسلام.

وأكدت أن انتشار الاعترافات بين حلفاء واشنطن قد يجبره على إعادة تقييم موقفه، خصوصاً إذا تزايد الضغط السعودي والخليجي في هذا الاتجاه.

هذه القراءة تتقاطع مع مساعي ترامب لعقد قمة أميركية-عربية-إسلامية في نيويورك، في محاولة لإظهار نفسه كصانع سلام، حتى وإن جاءت المبادرة كرد فعل على مسار الاعترافات الأوروبية.

موجة الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية تضع إسرائيل أمام عزلة متنامية، وتضع إدارة ترامب أمام معضلة: إما الانحياز الكامل لنتنياهو في مواجهة تيار دولي متصاعد، أو محاولة استثمار اللحظة لإعادة تقديم نفسه كوسيط سلام عالمي.

تصريحات شارلوت ليزلي تكشف عن إدراك أوروبي متزايد بأن اللعبة قد تغيرت فعلاً، وأن تجاهل القضية الفلسطينية لم يعد خياراً.

السؤال الآن ليس إن كان الاعتراف سيغير قواعد اللعبة، بل كيف ومتى ستترجم هذه الاعترافات إلى إجراءات عملية تعيد الأمل لحل الدولتين، وتكبح جماح التطرف والتوسع في آن واحد.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا