أثارت ردود الفعل الدولية والمحلية حول كارثة الانهيار الأرضي التي أدت إلى مسح قرية بكاملها ومقتل المئات في منطقة جبل مرة بإقليم دارفور في السودان جدلا كبيرا حول الشرعية في السودان الموزعة على ثلاث حكومات.
وتجاهلت البيانات الدولية، يوم الثلاثاء، الإشارة إلى أي جسم حكومي، في ظل وجود حكومة يقودها الجيش في بورتسودان، وتسيطر على الولايات الشمالية والوسطى والشرقية، في حين تقع المنطقة المنكوبة تحت سيطرة سلطة مدنية شكلتها حركة عبد الواحد نور، وتسيطر حكومة تحالف تأسيس، التي أدت القسم يوم الجمعة، على إقليم دارفور وأجزاء واسعة من إقليم كردفان.
محليا، تباينت مواقف حكومات بورتسودان وتحالف تأسيس والسلطة المدنية في جبل مرة حول طريقة الاستجابة مع الكارثة.
وخاطب عبد الواحد نور، المجتمع الدولي مباشرة طالبا الدعم والمساعدة، وناشد الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى المساعدة في انتشال الجثث من تحت الطين والأنقاض.
وقال: "تحاول فرقنا الإنسانية والسكان المحليون انتشال الجثث، لكن حجم الكارثة يفوق بكثير الموارد المتاحة لنا".
وفي حين أكدت حكومة تحالف تأسيس اتصالها بنور لتقييم حجم الكارثة وتحديد الاحتياجات العاجلة، وأعلنت المنطقة منطقة كوارث، اكتفى بيان صادر عن حكومة بورتسودان بإعلان الاستعداد لتسخير الإمكانيات الممكنة لمساعدة المتضررين.
تحاشي الحكومات
لم يخاطب الاتحاد الإفريقي أيا من الحكومات الثلاث، وقال في بيان: "تعازيه لأسر الضحايا، وعميق تعاطفه مع الشعب السوداني المتضرر من هذه المأساة".
وأضاف: "في ظل هذه الظروف المؤلمة، يؤكد الاتحاد تضامنه مع السكان المتضررين".
ودعا الاتحاد "جميع الجهات السودانية المعنية إلى إسكات البنادق والتوحد لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة بسرعة وفعالية".
وفي نفس السياق، لم يأت بيان نشرته الأمم المتحدة على صفحتها الرسمية على ذكر أي من الأطراف الحاكمة الثلاث، مؤكدا أن الأمم المتحدة ستعمل على الاستجابة للكارثة.
وقال لوكا ريندا، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، في بيان: "تحشد الأمم المتحدة وشركاؤنا في المجال الإنساني جهودهم لتقديم الدعم للسكان المتضررين".
وفي برقية نشرها الفاتيكان، أعرب البابا ليون الرابع عشر عن "حزنه العميق لمعرفة الدمار الذي سببه الانهيار الأرضي"، مشيدًا "بالسلطات المدنية وفرق الطوارئ في جهود الإغاثة المستمرة".
ويرى مهدي الخليفة، وزير الدولة الأسبق بالخارجية السودانية، أن غياب ذكر الحكومة السودانية في بيان الاتحاد، في رأيه، ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل "رسالة سياسية واضحة مفادها أن السودان يعيش أزمة تمثيل وشرعية منذ انقلاب أكتوبر 2021".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "منذ انقلاب أكتوبر 2021، تتجنب بيانات الاتحاد الإفريقي ذكر الحكومة وتستخدم تعابير مثل الأطراف السودانية أو القيادات السودانية".
ويشير الخليفة إلى أن واقع السودان يعيش حاليًا أزمة تمثيل وشرعية، ولا طرف قادر على احتكار صفة "الحكومة الشرعية".
مأزق الشرعية
يشير السفير الصادق المقلي إلى وجود مأزق شرعي فعلي في البلاد، وهو ما دفع الاتحاد الإفريقي لتحاشي مخاطبة الحكومة وتقديم التعزية للشعب السوداني.
وأوضح المقلي، لموقع "سكاي نيوز عربية": "الاتحاد الإفريقي لا يعترف بسلطة عبد الواحد الإدارية في جبل مرة، ولا بحكومة تأسيس في نيالا، وفي نفس الوقت لا يعترف بالحكومة في بورتسودان إلا بصفة الأمر الواقع، ويعتبرها تفتقر إلى الشرعية الدستورية، وعلق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الإفريقي بسبب انقلاب أكتوبر 2021".
وفي ذات السياق، يقول الصحفي عبدالرحمن الأمين: "درج العرف الدبلوماسي أن تخاطب المنظمات الإقليمية والدولية حكومات الدول الأعضاء في مثل هذه الحالات فتعزيها من منظور أنها تمثل إرادة تلك الشعوب، لكن الملاحظ أن بياني الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة نجحا في تحاشي مطب الشرعية الذي تتصارع عليه حكومتا بورتسودان ونيالا".
ويوضح الأمين لموقع "سكاي نيوز عربية": "حرص بيان الاتحاد الإفريقي على تحاشي مأزق الشرعية بتوجيه التعزية للشعب السوداني وأسر الضحايا، وفي فقرة تالية استخدم عبارة 'تعاطف مع الشعب السوداني".