( CNN ) -- افتتحت البورصة المصرية تعاملات الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، مُسجلة مستويات غير مسبوقة، إذ بلغ المؤشر الرئيسي مستوى 34554.2 نقطة للمرة الأولى في تاريخه، وزادت القيمة السوقية إلى 2.425 تريليون جنيه (49.8 مليار دولار)، وهي أكبر قيمة تحققها بورصة مصر.
وتزامن مع هذا الصعود القياسي استمرار ارتفاع الجنيه أمام الدولار ليصل إلى أعلى مستوى منذ 10 شهور، وهو ما أرجعه خبراء إلى استقرار الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة، وتحسن النتائج المالية للشركات المُقيدة، مُتوقعين استمرار صعود مؤشر "EGX30" للوصول إلى ما بين 36-38 ألف نقطة .
وبختام تعاملات جلسة الأحد، وصل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية "EGX30" إلى أعلى قمة في تاريخه مغلقًا عند مستوى 34554.2 نقطة بنسبة نمو بلغت 16.2% منذ بداية العام، ونما مؤشر الشريعة الإسلامية، الذي يضم الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، بنسبة 14.2% منذ بداية العام مغلقًا عند مستوى 3086.4 نقطة.
وحقق مؤشر EGX70 للشركات الصغيرة والمتوسطة، نموًا بنسبة 26.7%، مُسجلًا 10315.7 نقطة، غير أن البورصة فقدت جزء من مكاسبها خلال جلسة الإثنين، بضغوط ببيعية من المتعاملين العرب والأجانب .
في الوقت نفسه، واصل الجنيه المصري مكاسبه التدريجية أمام الدولار، ليصل إلى أقوى مستوياته منذ سبتمبر/أيلول 2024 ليصل متوسط سعر الدولار 48.72 جنيه للشراء، 48.82 جنيه للبيع، وفق بيانات البنك المركزي، مدفوعًا بتعزيز تدفقات النقد الأجنبي من تحويلات المصريين العاملين بالخارج وإيرادات السياحة والصادرات، إضافة إلى نتائج السياسات الإصلاحية المتبعة منذ توقيع الاتفاقيات التمويلية مع الشركاء الدوليين .
وقال مدير عام شركة وثيقة لتداول الأوراق المالية، محمد عبد الهادي، إن البورصة المصرية بدأت رحلة صعود تاريخية منذ مطلع الشهر الحالي، عقب استقرار الأوضاع الجيوساسية بالمنطقة، ففي أول أسبوع حققت مكاسب سوقية بلغت 27 مليار جنيه (533.1 مليون دولار)، ونفس القيمة في الأسبوع الثاني، وانخفضت الأرباح بشكل طفيف لتصل إلى 18 مليار جنيه (368.8 مليون دولار) في الأسبوع الثالث، وبدأت الأسبوع الرابع بمكاسب تجاوزت 13 مليار جنيه (266.6 مليون دولار) لتسجل أعلى قيمة سوقية تتجاوز 2.4 تريليون جنيه (49.8 مليار دولار) .
وأرجع عبد الهادي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أسباب الصعود القياسي للبورصة المصرية إلى نتائج الأعمال الإيجابية لعدد من الشركات المقيدة وعلى رأسها البنك التجاري الدولي - مصر (سي أي بي) - وهو صاحب أعلى وزن نسبي بالمؤشر الرئيسي - والذي أعلن عن نتائج مالية إيجابية خلال النصف الأول من العام الحالي مُحققًا صافي أرباح بلغ 33.3 مليار جنيه (682.6 مليون دولار)، مما انعكس على صعود السهم من مستوى 77 جنيهًا (1.85 دولار) إلى مستوى 95 جنيهًا (1.95 دولار)، وبالتالي تحرك المؤشر الرئيسي "EGX30" إيجابيًا ليحقق قمة تاريخية جديدة بجلسة الأحد .
وأضاف أن هناك أسباب أخرى وراء صعود البورصة المصرية، وهو إعلان عدد من الشركات المقيدة شراء أسهم خزينة، أبرزها الشركة العربية للأسمنت، وإيديتا للصناعات الغذائية، والمتحدة للإسكان والتعمير، ومدينة مصر للإسكان والتعمير، وهو ما يؤدي إلى انخفاض عدد الأسهم المتاحة بالسوق ودعم صعود المؤشرات، إضافة إلى ذلك شهد سوق المال أخبارًا إيجابية تتعلق بعمليات استحواذ على شركات مقيدة مثل عرض استحواذ شركة فيكا على باقي حصة شركة أسمنت سيناء .
وحول تأثير ارتفاع الجنيه المصري أمام الدولار على أداء البورصة، أوضح عبد الهادي أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري كان حافزًا لصعود البورصة خلال الفترة الماضية، بسبب ارتباط تقييم أسعار الأسهم بسعر الدولار، وهو ما اعتبره عاملا مشجعًا لجذب الاستثمارات الأجنبية قبل الانطلاق المرتقب لبرنامج الطروحات الحكومية .
وتابع: "ولكن هذا التأثير انعكس في الفترة الحالية بارتباط أداء البورصة بتحسن سعر الجنيه مقابل الدولار، والذي ارتفع نتيجة زيادة تدفقات البلاد من النقد الأجنبي من مصادر تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي بلغت حوالي 32.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو/تموز إلى مايو/أيار، وعوائد السياحة 12.5 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من السنة المالية الماضية، مما انعكس على زيادة صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي ليصل إلى 47.8 مليار دولار، ونتيجة هذه العوامل تحسن أداء الشركات المصرية المقيدة بالبورصة".
وحقّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج طفرة واضحة ما بين يوليو/تموز إلى مايو/أيار من العام المالي 2024/2025، إذ ارتفعت بمعدل 69.6% لتصل إلى نحو 32.8 مليار دولار مقابل نحو 19.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، كما شهدت الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2025 ارتفاعًا في التحويلات بمعدل 59% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 15.8 مليار دولار مقابل نحو 9.9 مليار دولار .
وتوقع مدير عام شركة وثيقة لتداول الأوراق المالية أن يستهدف المؤشر الرئيسي للبورصة الوصول إلى مستوى 36 ألف نقطة خلال الشهور المتبقية من العام الحالي لعدة أسباب، أبرزها الطرح المرتقب للشركات الحكومية بالبورصة، في ظل إرجاء صندوق النقد الدولي المراجعة الخامسة والسادسة لمصر للخريف لحين إتمام هذا البرنامج، مضيفًا أن طرح الشركات الحكومية يتطلب زيادة مستويات السيولة وتهيئة المناخ بسوق المال، مما قد يؤثر على تنشيط البورصة المصرية وجذب استثمارات أجنبية تدفع المؤشر الرئيسي للوصول للمستوى المستهدف .
وقال عضو مجلس إدارة شركة الفراعنة لتداول الأوراق المالية، محمد كمال، إنه كان ينتظر أن تحقق البورصة المصرية مستويات قياسية خلال الشهور الأولى من العام الحالي، في ظل الأداء المالي القوي للشركات المقيدة، والتحسن اللافت في مستويات السيولة نتيجة اتجاه المستثمرين للتحوط من ارتفاع التضخم بالاستثمار في سوق المال، لا سيما مع الانخفاض المرتقب في أسعار الفائدة، غير أن الحرب التجارية والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة عطلت انطلاق بورصة مصر في بداية العام .
وأضاف كمال، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أنه مع هدوء التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، بدأت البورصة المصرية في الصعود تدريجيًا مسجلة قمم تاريخية، وساعد في ذلك التحسن في أداء سعر الجنيه المصري أمام الدولار، مما يعيد تقييم أصول الشركات المقيدة، واستمرار تحسن النتائج المالية للشركات المقيدة، وكذلك الاقتصاد المصري، مما يعد حافزًا للمستثمرين الأجانب لزيادة ضخ سيولة جديدة بسوق المال المصري خلال الفترة المقبلة، مرجحًا أن يغلق المؤشر الرئيسي للبورصة هذا العام قرب مستوى 40 ألف نقطة.