في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد الركن حسن جوني إن تأكيد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) اعتمادها على التصنيع المحلي في إنتاج الأسلحة والذخائر ينسجم مع معطيات الواقع، ويشير إلى قدرات ذاتية متقدمة لا تعتمد على التهريب الخارجي.
وكان مصدر قيادي في كتائب القسام قد صرح للجزيرة بأن الحركة لا تعتمد على تهريب السلاح عبر الحدود المصرية منذ سنوات طويلة، وأن ما يروجه الاحتلال كمبرر لتدمير مدينة رفح وتحويلها إلى "معسكر نازي" محض أكاذيب ذات أهداف سياسية، مؤكدا أن معركة طوفان الأقصى أثبتت قدرة المقاومة على الاكتفاء الذاتي.
ورأى جوني في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة أن استمرار المقاومة في تنفيذ عمليات نوعية مكثفة رغم الحصار الشامل المفروض على القطاع منذ سنوات يثبت أن الفصائل تمتلك بنية صناعية داخلية تؤمّن لها الحد الأدنى من التوازن الميداني في مواجهة القوة النارية الإسرائيلية.
وأضاف أن الحصار الإسرائيلي البري والبحري والجوي المفروض على القطاع والرقابة المشددة على محور فيلادلفيا يجعلان من غير المنطقي استمرار وصول الأسلحة من الخارج، مما يعزز فرضية التصنيع المحلي الكامل للسلاح والذخيرة.
وأشار جوني إلى أن تنوع الأسلحة المستخدمة ميدانيا من قبل المقاومة من عبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون متعددة الأعيرة إلى القناصات وغيرها يدل على منظومة صناعية قادرة على التجديد والإمداد المتواصل.
وأوضح أن استخدام هذه الوسائل بشكل مستمر وناجع يبين أن لدى الفصائل قدرة على إعادة تدوير مخلفات الاحتلال والركام والمعادن إلى أدوات قتالية، في إطار حرب استنزاف ذكية تنتج فيها المقاومة أدواتها داخل بيئة مغلقة.
وتابع جوني أن المقاومة طورت عبوات ناسفة متنوعة تشمل الموجهة منها، والتي تُزرع تحت المدرعات لاستهدافها من الأسفل، وهو ما يعكس احترافا في مجال التصنيع وعمقا في الخبرة التكتيكية المكتسبة.
ولفت جوني إلى أن استهداف الآليات الإسرائيلية المحمية بأنظمة "تروفي" المتطورة يتطلب دقة في الرماية ومعرفة هندسية بمواقع الضعف، مما يؤكد أن تطور التصنيع ترافق مع تدريب نوعي للكوادر الميدانية.
وأشار إلى أن الفيديوهات التي تظهر استخدام صواريخ من طراز "ماليوتكا" القديمة -وهي من الجيل الأول- تعكس مهارة عالية في الرماية، إذ إن إصابة الهدف بها تتطلب احترافا استثنائيا لكونها ليست موجهة بأحدث التقنيات.
وأضاف جوني أن نجاح هذه العمليات يثبت أن الفصائل لا تملك فقط القدرة على التصنيع، بل أيضا تمتلك نخبة من الرماة والمقاتلين الذين يتمتعون بكفاءة عالية في التنفيذ، مما يعزز فاعلية السلاح المتاح رغم تواضع تقنياته.
وفي تعليقه على اتهامات الاحتلال بشأن تهريب السلاح من رفح، قال جوني إن إسرائيل تلجأ غالبا إلى ذرائع مختلقة لتبرير اعتداءاتها، خصوصا إذا تعلقت بمناطق حدودية حساسة مثل الجنوب، لما تمثله من ارتباط قانوني وأمني مع مصر.
وأوضح أن تل أبيب قد توظف مزاعم التهريب لتبرير عملياتها العسكرية ضد مدينة رفح، من دون الاصطدام المباشر باتفاقية السلام مع مصر رغم أن الواقع الميداني يظهر أن الاحتلال يسيطر بشكل كامل على مفاصل محور فيلادلفيا.
وأشار جوني إلى أن التشكيك الإسرائيلي بمصدر سلاح المقاومة يهدف إلى شرعنة سياسة الأرض المحروقة جنوب القطاع، لكن أداء المقاومة على الأرض والتصريحات الرسمية الصادرة عنها تؤكد أن الاعتماد على الذات أصبح خيارا إستراتيجيا متجذرا في بنيتها القتالية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 196 ألف فلسطيني -معظمهم من الأطفال والنساء- إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومجاعة حادة أودت بحياة عشرات الأطفال، وسط دعم أميركي وصمت دولي مستمر.