في عرض الصحف اليوم نطالع عدداً من الموضوعات، من بينها مقال يثير تساؤلاً حول دور النبي محمد في تعزيز الحكم الديني. ومقال آخر يناقش إمكانية موافقة إسرائيل على الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وأخيراً نتطرق إلى مقال يدعو إلى إيجاد حلول صديقة للبيئة لمواجهة موجات الحر في المملكة المتحدة.
نستهل عرض الصحف بمقال للمؤرخ المغربي، نبيل مُلين، المنشور في صحيفة لوموند الفرنسية، يتطرق خلاله إلى "قدرة النبي محمد على تأسيس إمبراطورية وحضارة يتشابك فيها الدين مع السياسية".
يقول الكاتب إنه مثل العديد من مؤسسي الأنظمة الجديدة، برز نبي الإسلام، الذي عاش في القرنين السادس والسابع الميلادي، "كشخصية تنتمي إلى المجال الديني بقدر ما تنتمي إلى المجال السياسي".
وأضاف أن النبي محمد "ظهر كواعظ وحكيم وشخص يزهد بالأمور الدنيوية وكذلك كصانع معجزات، ومشرّع ودبلوماسي وبالطبع محارب".
ويرى الكاتب أن كل هذه الصفات أدت إلى صعوبة وضعه في تصنيف دقيق واحد.
يقول الكاتب إنه "لم توجد طموحات سياسية للنبي محمد في بدايات دعوته"، موضحاً أنه اعتبر نفسه، خلال معظم الفترة المكية، مجرد" بشير" "ونذير". وكانت مهمته إقناع قومه بالعودة إلى التوحيد.
ووفقاً لكاتب المقال نبيل مُلين، "نجح النبي محمد في إقناع أقلية ضئيلة بصحة رسالته، حيث رفضه معظم أبناء قومه"، وهو الأمر الذي شكل له قناعة، "بأن الأمر يتطلب نظاماً سياسياً، وقد تواصل مع عدة جماعات، لكنه واجه رفضاً متكرراً".
ويستدرك ُملين، قائلاً إن الحل جاء من يثرب(المدينة المنورة)، حيث انضم بعض سكانها، إلى النبي محمد. ففي عام 622 استقر أوائل المسلمين في يثرب. وعُرف هذا الحدث بالهجرة، والذي كان نقطة تحول حقيقية في مسيرة النبي محمد. فقد تحول تدريجياً من "مبشر" و"نذير" إلى "قائد سياسي حقيقي".
وبمجرد وصول نبي الإسلام إلى يثرب، سعى محمد إلى ترسيخ مكانته كقائد، ونظم "المدينة الإلهية" الجديدة.
وقد عزز تنفيذ العديد من الشعائر الإسلامية كالصلاة والزكاة والصيام والحج والأُضحية، وحرص أيضاً على تطبيق الآداب الخاصة ببعض الممارسات الاجتماعية كالزواج والميراث والعقوبات والمعاملات التجارية.
كما أنه "حرم العديد من الممارسات كُمطالعة الغيب والقمار وشرب الخمر والزنا"، استناداً إلى الشريعة الإسلامية.
ويعلق الكاتب على ذلك قائلاً: "باختصار، سعى(النبي محمد) إلى إرساء قواعد السلوك الاجتماعي والديني القادر على ضمان النظام".
ويختتم الكاتب مقاله، بأن" استمرار النظام الذي أسسه النبي محمد، اضطر أتباعه إلى البحث عن نموذج آخر. ولأن العصر النبوي انتهى، سادت الملكية. وهكذا وُلدت الخلافة عام 612، بعد وفاة النبي. وقد رسّخت هذه المؤسسة بشكل قاطع وحدة السياسة والدين في الإسلام".
ونطالع مقال رأي أخر في جريدة تلغراف البريطانية بعنوان" حتى ترامب لا يستطيع الوقوف في طريق نتنياهو"، لكون كافلين، محرر الشؤون الخارجية والدفاعية في الجريدة.
ويقول الكاتب البريطاني إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يتوقع من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارة الأخير إلى واشنطن دعماً قوياً من نتنياهو لخطته لوقف إطلاق النار في غزة، كرد جميل للهجوم العسكري الإسرائيلي الأمريكي على طهران.
ويضيف الكاتب "الآن وبعد أن أجبر ترامب كل من إيران وإسرائيل على الالتزام بوقف إطلاق النار، حوّل الرئيس الأمريكي اهتمامه إلى غزة"، مبيناً: "هذا رئيس دولة وهو يضع، في نهاية المطاف، نصب عينيه الفوز بجائزة نوبل للسلام، وكان إنهاء الحرب في غزة وحل النزاع في أوكرانيا، من أهم أهداف السياسة الخارجية منذ عودته إلى البيت الأبيض".
ووفقاً للكاتب، أُجهضت كل جهود ترامب في أوكرانيا، بسبب عدم اهتمام بوتين الواضح بوقف إطلاق النار. كما "أن البيت الأبيض حقق نجاحاً ضئيلاً في غزة، حيث نجح في تحقيق هدنة قصيرة الأمد في القتال في وقت سابق من هذا العام"
وكان من أبرز بنود هذه الصفقة تبادل الأسرى الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين، وتخفيف القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية لسكان غزة المدنيين" المتضررين"، بحسب ما يوضح كافلين.
كما يوضح كافلين أن وقف إطلاق النار انهار في نهاية مارس/ آذار 2025، "وسط تبادل الاتهامات، حيث استأنفت إسرائيل هجومها العسكري على مسلحي حركة حماس".
ويقول الكاتب إن ترامب يعتقد، أنه بفضل تدخله الناجح في إنهاء المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، قد حان الوقت الآن للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة، والذي سيكون على أساس شروط مماثلة للاتفاق السابق الذي تم تنفيذه في وقت سابق من هذا العام.
لكنه يشكك في اعتقاد ترامب هذا،"على الرغم من أنه من المتوقع أن يقبل نتنياهو بصيغة تبادل الرهائن بالسجناء، وأن يخفف القيود المفروضة على المساعدات، فإنه سوف يكون أكثر مقاومة لفكرة أي انسحاب عسكري من قطاع غزة طالما أنه لا تزال توجد بقايا من حماس".
ولذلك فإن كون كافلين يرى أن"خطر إزعاج ترامب، وإثارة واحدة من نوبات غضبه الشهيرة في المكتب البيضاوي، سيكون أحد أبرز مخاوف نتنياهو خلال زيارته لواشنطن، فضلاً عن رغبته في ضمان تحقيق هدفه في نهاية المطاف بتدمير حماس في غزة".
وفي هذا السياق يوضح الكاتب البريطاني أن من بين أحد أهم نتائج الهجوم العسكري الأميركي الإسرائيلي على إيران، هو أن طهران لم تعد في وضع يسمح لها بالاستمرار في دعم أنشطة حركة حماس. "ما وضع الحركة في أضعف موقف لها منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".
ويختتم الكاتب مقاله، قائلاً إنه "في ظل الوضع المتدهور الذي تعيشه حماس، سوف يظل نتنياهو ملتزما بتحقيق هدفه النهائي المتمثل في تدمير المنظمة إلى الأبد، حتى لو كان ذلك يعني إزعاج مضيفه في البيت الأبيض".
ونختتم جولة عرض الصحف بمقال رأي في صحيفة الغارديان البريطانية، للكاتبة حنا مارتين/ بعنوان "موجات الحر القاتلة هي الواقع الجديد - نحن بحاجة إلى تحويل مدن وبلدات المملكة المتحدة لإبقائها على قيد الحياة"
وتبدأ حنا مقالها بالحديث عن الطقس الحار، الذي تشهده المملكة المتحدة بسبب التغير المناخي، وتقول إن سكان المملكة "ليسوا مستعدين على جميع المستويات لهذا النوع من الطقس"، لاسيما وأن المباني هناك شديدة الحرارة صيفاً و"مليئة بالعفن أثناء فصل الشتاء".
وتوضح الكاتبة أن أزمة المناخ تُلحق بالفعل أضراراً بالغة بالبنية التحتية العامة والخاصة، والأمر يزداد سوءاً " لاسيما وأن مدن المملكة المتحدة "غير المحمية" بنيت على "سهول فيضانية". كما أن خطوط السكة الحديد تغلق بسبب أدنى تحذير خاص بأحوال الطقس.
وتصف مارتين موجات الحر ب"القاتل الصامت"، حيث إن كبار السن والفئة الأكثر ضعفاً معرضين لخطر الموت وحدهم بداخل منازلهم.
وتقول كاتبة المقال، إنه على الرغم من أن الحل الرئيسي المُقترح هو استخدام تكييف الهواء، إلا أنه " يُفاقم آثار تغير المناخ والحرارة الشديدة على الجميع بضخ الهواء الساخن في الشوارع مع استهلاك كميات هائلة من الطاقة".
وتضيف أنه يُمكن لتكييف الهواء أن يرفع درجة حرارة المدن بأكثر من درجتين مئويتين، في حال وُجد أن "إجراءات التبريد شكلت نحو 37 بالمئة من زيادة استخدام الكهرباء في الولايات المتحدة خلال الفترة من أبريل/ نيسان إلى سبتمبر/ أيلول 2024، مقارنةً بالفترة ذاتها في العام السابق".
وتدعو الكاتبة إلى تبني حلول عملية تعمل على تخفيض انبعاث الكربون، مثل زيادة الأشجار في المدن، والاستفادة من الظل الذي توفره لإطلاق بخار الماء في الهواء وتحسين جودته.
كما تقول حنا مارتين إنه "يمكن للحكومة الاستثمار في أساليب تبريد المياه، مثل النافورات المستدامة ومنصات وحدائق الرش وحماية المسطحات المائية كالقنوات المائية ومواصلة تطبيق تدابير للحد من استخدام السيارات".
لكن مارتين توضح أنه يمكن إعطاء الأولوية لاستخدام التكيف في الأماكن الأكثر حاجةً إليه، مثل المستشفيات ودور الرعاية ووسائل النقل العام ودور الحضانة.
وتضيف الكاتبة البريطانية في نهاية مقالها، إنه يجب دعم أصحاب المنازل، وإلزام المُلاك بخفض الحرارة الداخلية في منازلهم، داعية المجالس والحكومات إلى تطوير البنية التحتية الاجتماعية، بما في ذلك المستشفيات ودور رعاية المسنين من خلال توفير تهوية جيدة لتجنب ارتفاع درجة حرارتها.