آخر الأخبار

من حلم الطب إلى أسر الحرب: قصة مصري في الحرب الروسية الأوكرانية

شارك

رحاب اسماعيل - القاهرة

مصدر الصورة

وقع خبر إسقاط الجنسية عن الشاب المصري الذي انضم إلى الجيش الروسي في الحرب الأوكرانية كالصاعقة على أسرته، التي كانت تحلم بعودته طبيبًا من روسيا، وليس مقاتلًا في الجيش.

"تفاجأت بالخبر مثل الجميع عندما تناقلته وسائل الإعلام بعد نشره في الجريدة الرسمية، لا أعرف كيف أتصرف حيال الأمر، وكيف آلت الأمور بابني إلى هذا الحد"، هكذا وصفت والدة الشاب محمد رضوان سنوسي شعورها لبي بي سي.

محمد، ذو الأثنين والعشرين عامًا، هو ابن قرية المريس بمحافظة الأقصر، جنوب البلاد.

نشرت الجريدة الرسمية المصرية في أبريل/نيسان من العام الجاري قرار مجلس الوزراء "بإسقاط الجنسية المصرية عن محمد رضوان سنوسي محمد، لالتحاقه بالخدمة العسكرية بدولة أجنبية دون الحصول على ترخيص سابق".

مصدر الصورة

كيف تحول حلم دراسة الطب إلى القتال في الجيش الروسي؟

سافر محمد لدراسة الطب في روسيا عام 2021 وكانت ترجو أسرته أن يصبح مصدر فخر لهم.

ولكن لا تدري أسرة محمد كيف انتهى به الحال أسيرًا في أوكرانيا بعد انضمامه إلى الجيش الروسي.

مصدر الصورة

يقول والد محمد عبر صفحته على موقع فيسبوك إن ابنه وقع "ضحية للروس"، حيث ألقت السلطات الروسية القبض عليه ووجهت له تهمة حيازة مواد مخدرة.

ويضيف رضوان سنوسي أنه حاول التواصل مع عدة جهات رسمية لمساعدة ابنه، ولكن لم يصل إلى حل، حتى حُكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات، وبعدها انقطعت أخباره تمامًا، ولم تعرف الأسرة عنه شيئًا.

مصدر الصورة

تقول صفاء والدة محمد لبي بي سي إن آخر تواصل لها مع محمد كان في فبراير/ شباط الماضي، حيث تفاجأت برسالة على هاتفها من رقم غريب، يُبلغها فيها أن ابنها سيتواصل معها عبر الفيديو خلال دقائق.

عندما بدأت المكالمة، وجدت الأم مصريًا آخر يقول لها إن ابنها وقع أسيرا في أوكرانيا.

وقام المصري بدور المترجم أثناء مقابلة بين محمد وصانع محتوى أوكراني، وأخبرها أنها يجب أن توافق على نشر المقابلة حتى تتمكن من التحدث مع ابنها.

تقول الأم إنها لم تكن تدري ماذا تفعل، وظلت تسأل عدة مرات عن عواقب هذه الموافقة، وما إذا كانت قد تُعرّض ابنها للخطر، ولكنها لم تجد سبيلًا سوى الاطمئنان عليه، فوافقت على نشر المقابلة، بحسبها.

فور حديثها مع ابنها، عرفت أنه انضم إلى الجيش الروسي.

تقول صفاء لبي بي سي: "تفاجأت بكل ما قاله لي ابني أثناء المكالمة، وشعرت من صوته أنه يشعر برعب شديد، وقال لي إنه يتمنى العودة إلى مصر، لكنه لا يعرف كيف سيحدث ذلك".

رفض صانع المحتوى أن يخبر محمد والدته عن موقع احتجازه في أوكرانيا، وطلب منه فقط أن يُطمئنها أنه بخير.

ووجه محمد حديثه إلى والدته في الفيديو وقال: الحمد لله إني عايش يا أمي، أنا الآن رهينة، ولقد حصلت على الجنسية الروسية، فادعي لي أن تنتهي الحرب ويتم تبادلي.

لا تعرف أسرة محمد ملابسات انضمامه إلى الجيش الروسي لكنها تظن أنه قد يكون تعرض لضغط من الجانب الروسي حتى اضطر لقبول الانضمام للجيش مقابل إسقاط حكم السجن عنه.

نُشر الفيديو على منصة يوتيوب، وتضمن وصفًا أنه يعبر عن "كيفية خداع مواطن مصري ذهب إلى روسيا للدراسة، ثم تم خداعه وسجنه، ليوقع على عقد للانضمام إلى الجيش الروسي"، بحسب الفيديو المنشور على منصة يوتيوب لصانع المحتوى.

حاول فريق بي بي سي التواصل مع وزارتي الخارجية الروسية والأوكرانية لمعرفة وضع محمد ومكان احتجازه ومصيره، لكن لم نتلقي رد حتي موعد نشر المقال.

مصدر الصورة

لماذا قد ينضم عدد من المصريين إلى الجيش الروسي؟

بحسب الباحث في الشؤون الإقليمية، أحمد سلطان، فإن وتيرة ضم المقاتلين الأجانب للجيش الروسي زادت خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لطبيعة الحرب مع أوكرانيا وازدياد أعداد القتلى والمصابين، بالإضافة إلى أن التوسع في التجنيد والتعبئة العامة في روسيا ليس بالقدر الكافي لأن روسيا ما زالت تعتبر الصراع مع أوكرانيا "عملية خاصة".

ويضيف سلطان أن روسيا توفر عقودًا تمنح المقاتلين المنضمين للجيش ميزات مادية مغرية، وإقامات، وحتى الحصول على الجنسية، مقابل وعود بالمشاركة في جولات قتال قصيرة على الجبهة، لكن عادة لا يكون لدى المنضمين صورة حقيقية عن الأوضاع في الحرب، فقد يتعرضون للقتل أو الإصابة أو الأسر.

وتجذب الجامعات الروسية الطلاب المصريين بسبب سهولة الالتحاق بها، خاصة كليات الطب والتخصصات العلمية، وانخفاض التكاليف مقارنة بالجامعات الأوروبية والأمريكية، بحسب سلطان، الذي يرى أيضًا أن روسيا مقصد لعدد من الفنيين وأصحاب المهن البسيطة الذين يسافرون إليها أملًا في فرص عمل أفضل.

بعد اندلاع الحرب مع أوكرانيا، زادت كلفة المعيشة في روسيا، ولم يستطع العديد من الطلاب الإيفاء بتكاليف الدراسة، بالإضافة لتوقف طرق تحويل الأموال إلى روسيا من دول أخرى.

ويعتقد الخبير في الشؤون الإقليمية، أن الأولوية في استقطاب المنضمين إلى القوات الروسية تكون من الموجودين داخل البلاد، أو الذين ينتمون لمناطق الصراع، أو يعانون من ظروف اقتصادية صعبة. ويضيف أن من يوقع هذه العقود يكون في موقف صعب، حيث يكون ملزمًا بالوفاء به، وإذا عاد إلى بلده قد يواجه مشكلات قانونية.

ماذا بعد إسقاط الجنسية المصرية؟

يستمر والد محمد في نشر مناشدات عبر صفحته على منصة فيسبوك إلى المسؤولين المصريين لمساعدة ابنه وإعادته لمصر.

ويوضح عضو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سامح سمير، لبي بي سي، أنه من حق الدولة المصرية إسقاط الجنسية عن أي مواطن في الحالات التي حددها قانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.

ومنها المادة 16 التي تمنع الانضمام للخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية دون ترخيص سابق يصدر من وزير الحربية.

وعن تبعات إسقاط الجنسية، يقول سمير إن أي شخص تُسقط عنه الجنسية يكون مثل أي مواطن أجنبي، ليس له حقوق كمواطن على الدولة المصرية، وليس عليه واجبات.

ويضيف المحامي سامح سمير أنه يحق للشخص الذي سقطت جنسيته أن يتقدم بطعن على القرار إلى القضاء الإداري بمجلس الدولة، أو أن يوكّل من ينوب عنه لتقديم هذا الطعن.

ويقول جمال عيد، مؤسس ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إنه رغم أن قرار إسقاط الجنسية يمكن الطعن عليه، إلا أن قرار مجلس الوزراء ووزارة الداخلية يظل صاحب التأثير الأكبر، ونادرًا ما يتم إلغاء القرار، "طالما استمرت الأسباب".

أوضحت والدة محمد لبي بي سي إنها فكرت في تقديم التماس أو تظلم، لكنها لا تعرف من يستطيع مساعدتها.

ويشير عيد إلى أنه في حالة الشاب محمد رضوان، فاستمرار خدمته في جيش أجنبي، فضلًا عن النص شديد المرونة في البنود 5 و9 من المادة 16 من قانون الجنسية، حيث تمثل تعابير مثل "تهديد المصالح العليا"، أو "الإضرار بمركز مصر الحربي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو المساس بأي مصلحة قومية أخرى"، مساحة تفسير واسعة تتيح لمجلس الوزراء ووزارة الداخلية اتخاذ القرار بناءً على تقديرهم.

وبالرغم من إسقاط الجنسية، يظل من حق أسرة محمد أن تلجأ للحكومة المصرية طالبةً التدخل لدعمه أو إنهاء أسره، لكنه يصبح "طلبًا إنسانيًا، وليس حقًا قانونيًا"، بمعنى اعتباره حالة إنسانية لمواطن أجنبي لديه أقرباء في مصر، بحسب توضيح المحامي جمال عيد.

وعن مستقبل الأسرى من الجانب الروسي في أوكرانيا، يرى الباحث أحمد سلطان أن مفاوضات تبادل الأسرى السابقة تُظهر أن الاهتمام ينصب على الروس الأصليين فقط، أما المقاتلين الذين حصلوا على جنسيات أو لم يحصلوا عليها، فسيكونون في ذيل القائمة، حيث أن الغرض الأساسي من ضمهم هو المشاركة في العمليات العسكرية، على حد تعبيره.

ويضيف سلطان أن الأزمة الحقيقية ستبرز في حال انتهاء الصراع أو الوصول إلى هدنة ووقف إطلاق النار، لأن هؤلاء الأسرى قد يقضون سنوات في السجون الأوكرانية خلال مراحل التفاوض.

ويقول سلطان إنه إذا قررت أوكرانيا الإفراج عنهم، قد لا يُسمح لهم بالعودة إلى روسيا، وبالطبع لن تسمح لهم دولهم بالعودة إليها لأنهم سيواجهون مشكلات قانونية أو قد يكونوا فقدوا جنسيتهم بسبب مخالفة القوانين، وقد يشكّلون خطرًا أو تهديدًا على دولهم.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا