آخر الأخبار

هل تنجح احتجاجات الجيش الإسرائيلي في تغيير مسار حرب غزة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نشرت صحف إسرائيلية تقارير عن مطالبة 1600 من قدامى المحاربين في سلاحي المظلات والمشاة في إسرائيل بوقف الحرب على قطاع غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.

وحسب هذه الصحف، فإن هناك أكثر من 250 عضوا سابقا في الموساد الإسرائيلي أعلنوا دعمهم رسالة المحاربين القدامى لإنهاء الحرب، ودعوا لإعطاء الأولوية لإعادة الأسرى المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ).

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مجلة 972 الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود، إذ إن أكثر من 100 ألف إسرائيلي توقفوا عن أداء الخدمة الاحتياطية، ويرفض بعضهم الانضمام للحرب على قطاع غزة بدوافع "أخلاقية".

والخميس الماضي، صدّق رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير على قرار يقضي بفصل قادة كبار ونحو 1000 جندي احتياط من الخدمة، وذلك بعد توقيعهم رسالة تدعو لإنهاء الحرب على غزة.

مصدر الصورة المظاهرات ضد سياسة نتنياهو وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة في إسرائيل (رويترز)

مجتمع إسرائيلي منقسم

وقد تمثل هذه العرائض الأخيرة من أفراد جيش الاحتلال وقادته أزمة غير مسبوقة لدى متخذي القرار في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، فهي تشكل ضغطا سياسيا وأمنيا وتكرس حالة من الانقسام المتزايد مع مرور الأيام.

إعلان

وفكرة تعزيز الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي عامة والمؤسسة العسكرية خاصة يراها الكاتب والمحلل الفلسطيني أحمد الحيلة بمثابة "قدس الأقداس والحصن الحصين وبوتقة الصهر للمجتمع الصهيوني". إذ إن هذه الخلافات تضعف حصانة المجتمع الإسرائيلي المنقسم على نفسه بين متديّنين متطرفين وليبراليين علمانيين، و"تذكي صراع الهوية في إسرائيل".

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، يرى الحيلة أن الاحتجاجات في المجتمع الإسرائيلي تنزع الشرعية الشعبية عن الحكومة، وتُضعف سياساتها وقراراتها. ويدلل على ذلك بتعليق القضاء إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي ( شاباك ) رونين بار ؛ نظرا لوجود شبهة تتعلق بمصالح شخصية لنتنياهو وتحقيقات مع أعضاء مكتبه تتعلق بالفساد.

لكن مدير مؤسسة فيميد للإعلام إبراهيم المدهون يرى المشهد الإسرائيلي من زاوية مختلفة اعتمادا على تاريخ الاحتجاجات ضد الحكومة، فيقول إن "الاحتجاجات المتواصلة ضد حكومة نتنياهو أثبتت أنها مزعجة لكنها غير مؤثرة في صناعة القرار، بل توازن المشهد وتدفع اليمين المتطرف نحو مزيد من التكتل والإصرار على المضي قدمًا".

وفرّق المدهون -في مقابلة مع الجزيرة نت- بين نوعين من الاحتجاجات داخل المجتمع الإسرائيلي:


* احتجاجات جماهيرية: وهي تنبع من قوى ذات خلفيات شخصية أو صراعات حزبية، وهذا النوع يُمتص إعلاميا ويتم الالتفاف عليه في ظل وجود كتلة صهيونية متماسكة يقودها أمثال إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش .
* احتجاجات المؤسسة الأمنية: وهي التي تشكل ضغطا حقيقيا على صانع القرار، لكنها في الوقت نفسه تدفع نحو اتخاذ قرارات مضادة، وتُستثمر لتقوية قبضة نتنياهو وشركائه على هذه المؤسسات.

نتنياهو ولعبة الاحتجاجات

وتمثل الاحتجاجات الحالية في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذروة في الأزمات التي يواجهها نتنياهو منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد أفادت الصحف في إسرائيل بأن رئيس الأركان أبلغ الطاقم الوزاري المصغر بوجود نقص كبير في المقاتلين بالجيش.

إعلان

ولكن سلوك نتنياهو المعتاد يعتمد على سياسة التهرب والالتفاف على رفض توجهاته وطرق إدارته للحرب وللأزمات الكبرى التي يعاني منها الكيان، وكذلك يركز على نظرية الزخم بمحاولاته تقديم إنجازات كبيرة متتالية على عدة جبهات وعلى أكثر من ملف في فترة قصيرة ليتجاوز الوضع الداخلي المتأزم داخليا، حسب ما يراه الخبير العسكري والأمني أسامة خالد.

وأضاف خالد -في تصريحات للجزيرة نت- أن نتنياهو يتفرد الآن بوصفه رأس المستوى السياسي مع مجموعة من المتحالفين المتطرفين بإدارة الحرب على غزة، ويستبعد كل من يخالف توجهاته من المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبالتالي لا يزال المتحكم الأول في إستراتيجية الحرب وكذلك السياسة الخارجية المتعلقة بقطاع غزة والحلول المطروحة.

أما الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى فيرى أن كثرة الاحتجاجات والعرائض تمثل كابوسا لأي حكومة إسرائيلية. ويضرب مثالا على ذلك بما حدث في حرب لبنان الأولى وفي الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، مبينا أنها مع ذلك لم تكن مثل الاحتجاجات الحالية من حيث النوع وعدد الموقعين على عرائضها.

ويذهب الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى أنه نتيجة كل هذه الاحتجاجات والعرائض قد يعود نتنياهو إلى اتفاق وقف إطلاق النار ، "على الأقل في محاولة لتخفيف حدة الضغط داخل المؤسسة العسكرية، إذ إنها قد تؤثر على العمليات العسكرية نفسها".

الأسرى في غزة

إن النظرة الواسعة لبواعث الاحتجاجات والرفض في الشارع الإسرائيلي أو الجيش تعود إلى الفشل في إطلاق سراح باقي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، خاصة بعد مرور نحو 18 شهرا من القتل والتدمير غير المسبوقين على القطاع، وكذلك الأثمان الباهظة التي دفعها جيش الاحتلال من قواته وعتاده.

وهذا السبب يمثل عبئا ثقيلا على الحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل أن نتنياهو ما زال يراهن على الحلول العسكرية الضاغطة لدفع المقاومة الفلسطينية للاستسلام لشروطه، رغم أنها ما زالت تمارس نوعا من الصلابة والتحدي في مواجهة آلة القتل والتدمير المستمرة، حسب ما قاله الخبير العسكري والأمني.

إعلان

لكن مدير مؤسسة فيميد للإعلام يرى أن لهذه الاحتجاجات بعضَ التأثير على ملف الأسرى في غزة خاصة والحرب عامة، لكنها وحدها لا تملك القدرة على إحداث تحول حاسم، إلا إذا تزامنت مع ضغوط أميركية أو تغيّرات إقليمية، كما أنها غير كافية لصناعة قرار كبير يؤدي إلى وقف إطلاق النار أو إلى اتفاق شامل.

وأضاف المدهون أن التجربة الماضية من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار -مثلًا- "أظهرت أن الاحتلال لم يُقدم عليها إلا بعد ضغط مباشر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ورغم وجود ضغوط خارجية اليوم، فإنها لا تزال دون المستوى المطلوب" لإحداث أي فارق.

في الأخير، يجمع المحللون والخبراء الذين حاورتهم الجزيرة نت على أن الاحتجاجات في المؤسسة العسكرية غير مسبوقة، وقد تمثل أزمة لنتنياهو تدفعه إلى المضي نحو اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في غزة في محاولة لإطلاق سراح باقي الأسرى الإسرائيليين.

لكنهم يجمعون أيضا على أن نتنياهو كثيرا ما ينجح في استثمار هذه الاحتجاجات، أو على الأقل تفريغها من مضامينها عبر الذهاب بعيدا بالإعلان عن مكتسبات آنية، أو التخلص من قادة الاحتجاجات وتحجيم دورهم السياسي، مستندا في ذلك إلى كتلة صلبة من المتطرفين اليهود الذين يدعمون سياسته.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا