آخر الأخبار

تحديات المرحلة الانتقالية.. سوريا بين تنازلات ودعم الدولي

شارك
باريس تستضيف قمة دولية لحسم مستقبل سوريا

في قلب العاصمة الفرنسية باريس، تتجه أنظار العالم نحو مؤتمر دولي بارز يناقش مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

يهدف هذا الاجتماع إلى تنسيق الجهود الدولية لدعم عملية انتقال سياسي سلس يضمن تمثيل جميع مكونات الشعب السوري، وسط تحديات سياسية واقتصادية معقدة.

باريس والمبادرة الأوروبية

يعد هذا المؤتمر الثالث من نوعه بعد اجتماعي العقبة والرياض، لكنه الأول الذي يُعقد في أوروبا بمشاركة مكثفة من الدول الغربية والعربية.

ويأتي في إطار سعي المجتمع الدولي إلى دعم تجربة سياسية جديدة تحل محل النظام السابق، وفق ما أكده الكاتب والباحث السياسي مصطفى طوسة في حديثه لسكاي نيوز عربية، حيث أوضح أن "العنوان الأساسي لهذا المؤتمر هو البحث عن سبل دعم النموذج السياسي الجديد، وتوفير الظروف الاقتصادية والسياسية اللازمة لنجاحه".

وأشار طوسة إلى أن المؤتمر، رغم طابعه الاقتصادي الظاهر، يحمل في جوهره أبعادا سياسية هامة، من أبرزها التفاوض على شروط الدعم الدولي للحكومة الانتقالية السورية.

وأوضح أن "هناك علامة استفهام كبيرة حول طبيعة التنازلات التي قد تقدمها الحكومة الجديدة للمجتمع الدولي، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية والتزامات حقوق الإنسان".

دور الحكومة الانتقالية والتحديات

من جانبه، أكد أستاذ العلاقات والدراسات الدولية الدكتور شاهر الشاهر، في مداخلة لسكاي نيوز عربية، أن الحكومة الانتقالية لم تأتِ لتقديم تنازلات بقدر ما تسعى إلى تثبيت رؤية سياسية جديدة.

وقال: "منذ وصول الحكومة الانتقالية، كانت هناك مخاوف وشكوك حول توجهاتها، لكنها تمكنت من تبديد جزء كبير منها، خاصة لدى الدول العربية والأوروبية".

وأشار الشاهر إلى أن المطالب الدولية، سواء من الدول الغربية أو من الدول العربية، تتماشى في جوهرها مع مطالب الشعب السوري، مثل تشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع وتحقيق العدالة الانتقالية.

وأضاف: "الحكومة تنظر إلى هذا المؤتمر كفرصة لعرض رؤيتها للعالم، وإثبات أنها شريك موثوق في عملية الانتقال السياسي".

العقوبات الاقتصادية والموقف الأميركي

من القضايا المحورية التي تشغل بال المشاركين في القمة مسألة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، ومدى استعداد الدول الغربية لتخفيفها مقابل ضمانات سياسية.

ويرى الشاهر أن رفع العقوبات سيكون مشروطًا بتنفيذ إصلاحات حقيقية، قائلاً: "هناك سياسة خطوة بخطوة، حيث يُتوقع أن يكون هذا المؤتمر مقدمة لمؤتمر بروكسل للمانحين، الذي سيتناول الدعم الاقتصادي للحكومة الانتقالية".

لكن الموقف الأميركي لا يزال غامضا بشأن دعم هذا المسار، حيث أشار طوسة إلى أن "الولايات المتحدة لم تحسم بعد موقفها تجاه الحكومة الجديدة في سوريا، وهناك انقسام داخلي حول مدى الانخراط في هذه المرحلة". وهذا ما يثير مخاوف لدى الدول الأوروبية، التي ترى في الدعم الأمريكي عنصرًا حاسمًا لإنجاح المرحلة الانتقالية.

فرنسا وسوريا.. علاقات تاريخية ومصالح استراتيجية

تلعب فرنسا دورًا رئيسيًا في هذا المؤتمر، وهو ما يفسر اهتمامها العميق بتطورات المشهد السوري. وحول هذا الأمر، أوضح الدكتور شاهر الشاهر أن "فرنسا تنظر إلى سوريا كجزء من أمنها القومي، كما أن هناك روابط تاريخية قوية تربط بين البلدين، ما يجعل باريس حريصة على استقرار سوريا في مرحلة ما بعد الأسد".

ويشير مراقبون إلى أن فرنسا كانت من أولى الدول التي بادرت بالتواصل مع الحكومة الانتقالية الجديدة، حيث زار وفد فرنسي رفيع المستوى دمشق مؤخرًا في خطوة تعكس استعداد باريس للعب دور محوري في إعادة إعمار سوريا سياسيًا واقتصاديًا.

ختام القمة والرهانات المستقبلية

في ختام القمة، يُنتظر أن تصدر توصيات غير ملزمة، لكنها ستمثل مؤشراً هاماً حول طبيعة المرحلة القادمة، وحجم التوافق الدولي حول مستقبل سوريا.

وبينما تتباين المواقف الدولية حول طبيعة الدعم وشروطه، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة الانتقالية هو كسب ثقة المجتمع الدولي، وتحقيق مطالب الشعب السوري في بناء دولة جديدة تقوم على أسس العدالة والديمقراطية.

وبينما تبقى الكثير من التساؤلات مطروحة حول مدى نجاح هذا المؤتمر في تحقيق أهدافه، يبدو أن جميع الأطراف تدرك أن المسار السياسي السوري لا يزال طويلاً، وأن نجاحه يعتمد على توازن دقيق بين الضغوط الدولية، والمطالب المحلية، والاستحقاقات الاقتصادية والسياسية المقبلة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا