في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
من تداعيات الحرب الدائرة في السودان إلى صفقة السلاح التي أبرمتها «القيادة العامة» مع باكستان، تطفو أسئلة حول التأثيرات على المشهد في ليبيا، وتتباين القراءات بشأن توسع التسليح والتحركات العسكرية، بين من يرى أنها استعداد لصراع داخلي محتمل، ومن يعتبرها خطوة لتعزيز القوة.
وفي مداخلات مع برنامج «وسط الخبر» المُذاع على قناة الوسط «WTV»، تحدث محللون سياسيون عن هذه التطورات من زوايا مختلفة، مؤكدين أن ليبيا ليست مجرد ساحة صراع داخلي، بل أصبحت مسرحًا لتنافس النفوذ الإقليمي والدولي، مشيرين إلى أن التحشيدات العسكرية وزيادة تسليح الأطراف لا تعكس فقط الاستعداد لمواجهة محتملة، بل أيضًا تعكس توترات وتنافسات أكبر تتجاوز حدود البلاد.
ليبيا في قلب صراع إقليمي ودولي محتدم
ويرى المحلل السياسي سيد سعد الدينالي أن المشهد الليبي الحالي يقف على أعتاب مرحلة حاسمة، قد تؤدي إلى صدام سياسي وربما مسلح، في ظل انسداد المسارات السياسية المطروحة، مكملا أن «هناك نوعًا من التحشيدات العسكرية أو التصادم المحتمل، خصوصًا إذا استمر الوضع السياسي في حالة الجمود وعدم الحسم».
وأوضح الدينالي أن ليبيا ليست حالة منفصلة، بل هي «واقع في بؤرة صراع دولي وإقليمي تتجاذب فيه القوى الكبرى، سواء في شرق المتوسط أو جنوب الصحراء، وهي مرآة لصراعات هذه الأطراف على النفوذ في الإقليم»، مشيرا إلى أن عمليات التسلح والتحشيدات العسكرية التي تشهدها ليبيا الآن «تعكس مدى الاحتدام الدولي، والذي قد ينفجر في أي لحظة ويترجم على الأرض بصراع ليبي- ليبي».
وعن سبب توسع قنوات التسليح رغم وجود مسارات سياسية، أشار الدينالي إلى أن «الغالبية ترى أن هذه المسارات غير واضحة وغير مضمونة، وبعض الأطراف الدولية تسعى ربما إلى خلق انسداد سياسي لخدمة مصالحها في المنطقة»، مضيفا: «الصراع بين المشاريع الدولية في الإقليم يضع ليبيا كجزء رئيس من ساحته، وأصبحنا للأسف أداة في هذه اللعبة الدولية».
واستطرد أن «تكتلات دولية تتواجه في الكواليس، وليبيا اليوم مسرح لهذا الصراع المعقد، حيث تتصارع النفوذ والمصالح الدولية على أرضها، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويهدد الاستقرار الداخلي».
عسكرة ليبيا ليست جديدة.. والخطر في من يستخدم السلاح
بينما اعتبر رئيس حزب المستقلين سامي الصيد أن التقرير التركي الأخير قدّم قراءة أمنية انتقائية للمشهد الليبي، متجاهلًا حقيقة أساسية مفادها أن عسكرة ليبيا ليست ظاهرة طارئة، بل تمتد لأكثر من عقد، في ظل اختراقات أمنية متراكمة واهتمام إقليمي ودولي متزايد بالملف الليبي.
وأوضح الصيد أن التركيز الحالي على الدور التركي يتجاهل حقيقة أن جميع الأطراف الدولية منخرطة في المشهد الليبي، متسائلًا: «لماذا لم يُسلَّط الضوء سابقًا على هذه الاختراقات؟ ولماذا صمتت دول الجوار طوال السنوات الماضية؟».
وبشأن الأنباء المتداولة حول عقد صفقة سلاح مع وفد باكستاني زار شرق ليبيا، قال إن «ما يجري تداوله لا يتجاوز نطاق التكهنات، إذ لم تُعلن أي عقود، ولم يتم توقيع اتفاقات، كما لم يدخل أي سلاح فعليًا إلى البلاد».
تجهيز عسكري من جميع الأطراف
وأضاف الصيد أن جميع الأطراف المتصارعة على السلطة تقوم بتجهيز نفسها عسكريًا في إطار صراع داخلي يهدف إلى استمرار النفوذ والبقاء في السلطة، معتبرًا أن هذا الواقع يعمّق الانقسام السياسي ويُبقي البلاد في حالة جمود مزمن.
ولفت إلى أن منطق السلاح بات هو الحاكم للمشهد الليبي، حيث تتنافس الأطراف على شراء السلاح والعتاد، رغم غياب قوات عسكرية ليبية قادرة على استخدامه، منبها إلى «جلب مقاتلين أجانب من دول أفريقية، إضافة إلى مجموعات مرتزقة للقتال بهذا السلاح وقتل الليبيين به».
- «تركيا اليوم»: هل تشهد ليبيا «عسكرة» للوضع الأمني؟
- نقاش أوروبي حول التداعيات الاستراتيجية لصفقة السلاح بين باكستان و«القيادة العامة»
- منصة أوروبية: صفقة باكستان مع «القيادة العامة» تخاطر بعسكرة الصراع في ليبيا
وشدد على أن المشكلة لا تكمن في عدد قطع السلاح أو نوعيته، بل في هوية من يستخدمه، في وقت يعاني فيه الجنوب الليبي من إنهاك شديد نتيجة الفراغين السياسي والأمني، فضلًا عن تحوله إلى ممر لعبور السلاح نحو دول أخرى.
وذكَّر الصيد بأن قرار مجلس الأمن الصادر في العام 2011 بفرض حظر تسليح على ليبيا لا يزال ساريًا، متسائلًا عن كيفية إبرام صفقات سلاح علنية في ظل هذا الحظر، و«هل سيُستخدم هذا السلاح لحماية الحدود الليبية المنتهكة، أم لقتل الليبيين بعضهم بعضًا؟».
التسليح في ليبيا طبيعي ولا يهدد السلم الداخلي
أكد الناطق باسم حزب صوت الشعب، عبد السلام القريتلي أن التقرير الصادر عن الصحيفة التركية لا يُعتبر تقريرًا موثقًا أو رسميًا، بل قراءة تحليلية للواقع الليبي، مشيرًا إلى أن الجنوب الليبي يشهد هشاشة منذ زمن طويل بسبب طبيعة رقعته الجغرافية والصعوبات الأمنية، إضافة إلى تأثير النزاعات الإقليمية على الحدود، والتي تنعكس سلبًا على الهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات، والسلاح.
ولفت القريتلي إلى أن المناوشات الليبية - الليبية بعيدة الحدوث في الوقت الراهن، مع وجود قوى وطنية تسعى للحفاظ على الاستقرار، ووجود بعثة الأمم المتحدة والمسارات السياسية التي تعمل على معالجة الوضع بعيدًا عن الصراع المسلح.
وفي تفسيره لتوسع قنوات التسليح، قال الجريتلي: «لكل قوات مسلحة في العالم، بما فيها ليبيا، الحق في ترتيب أوضاعها وتسلح نفسها، خصوصًا في ظل الانقسام بين الشرق والغرب»، موضحا أن أي عمليات تسليح يجب أن تكون في صالح الدولة الليبية، وليس لأغراض الاقتتال الداخلي، مشددًا على أن أي أخبار حول صفقات سلاح بمليارات الدولارات لم يتم تأكيدها بعد.
وشدد القريتلي على أن التسليح في ليبيا يُستخدم غالبًا لإظهار القوة الداخلية وتعزيز القدرة الدفاعية، وهو أمر طبيعي ومعروف لدى أي قوات مسلحة في العالم، مؤكدًا أن الحرب الداخلية بين الليبيين خاسرة للجميع وغير مطروحة على جدول القادة العسكريين حاليًا، وأكمل: «ليبيا تواجه هشاشة سياسية وأمنية، لكننا لا نتوقع مناوشات مسلحة داخلية».
المصدر:
بوابة الوسط
مصدر الصورة