آخر الأخبار

الشبلي: متى أصبح مستقبل ليبيا جزءًا من مستقبل أوروبا؟

شارك

وجه رئيس تجمع الأحزاب الليبية فتحي الشبلي رسالة مفتوحة عبر شبكة “عين ليبيا” إلى سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو.

وجاءت الرسالة ردا عل تصريحات السفير الأوروبي بتاريخ 11 سبتمبر 2025 حول مستقبل ليبيا وأوروبا.

وفيما يلي النص الكامل للرسالة:

في كل مرة نعتقد أن السفراء الأجانب تعلموا شيئًا من دروس الماضي، يظهر لنا نيكولا أورلاندو ليؤكد أن الدبلوماسية أحيانًا تتحول إلى هواية رخيصة للتنظير والتدخل في شؤون الناس. هذا الرجل خرج علينا في 11 سبتمبر ببيان يصف الإطاحة بالقذافي بأنها “خطوة أساسية لمستقبل ليبيا وأوروبا”. بالله عليكم، متى أصبح مستقبل ليبيا جزءًا من مستقبل أوروبا إلا في عقول الوصاية الاستعمارية التي لم تتغير يومًا؟

السيد أورلاندو، لا أحد فوضك لتكتب تاريخنا بعبارات دعائية. ما جرى في 2011 لا يحتاج إلى ملقّن من بروكسل، بل إلى قراءة عميقة لجراح ما زلنا نعيشها: دولة ممزقة، حدود سائبة، ميليشيات تتناسل كالفطر، اقتصاد منهوب، وشعب يدفع فاتورة التدخل الغربي الذي حضرتُم فيه بالسماء وتركتُمنا بعده في الجحيم.

تقول إن “أسلوب القذافي جعل التعاون مستحيلًا”، وكأنكم أنتم ملائكة الدبلوماسية! أنسيتم أن أوروبا بوجهها الاستعماري القديم كانت “تتعاون” مع الدبابات والطائرات لتجتاح نصف الكرة الأرضية؟ أنسيتم ملايين القتلى في فيتنام ولاوس وكمبوديا وأفغانستان وإفريقيا؟ أنسيتم المعتقلات والتجارب القذرة التي أجريت على شعوبٍ كاملة؟ لا تتحدث عن الاستحالة، أنتم من جعلتم العيش مستحيلًا لملايين البشر.

مشكلتكم أنكم تريدون أن تُلبسوا أنفسكم رداء الأستاذ الأخلاقي، بينما تاريخكم أشد سوادًا من دخان مصانعكم أيام الثورة الصناعية. أنتم لا تصلحون أن تعطوا دروسًا في الديمقراطية أو الحرية، أنتم تصلحون فقط أن تعتذروا واعتذاركم نفسه لن يكفي لغسل دماء الأبرياء.

وحتى لا نذهب بعيدًا، دعنا ننظر إلى غزة اليوم. الإبادة تُبث على الهواء مباشرة: آلاف الأطفال يُدفنون تحت الركام، المستشفيات تُقصف، والمدنيون يُقتلون بلا رحمة. وأوروبا – تلك التي ترفع شعار حقوق الإنسان – لم تكتفِ بالصمت، بل منحت الكيان المحتل الغطاء السياسي والدعم العسكري والمالي ليستمر في جريمته. أي مستقبل أخلاقي تتحدثون عنه يا سيد أورلاندو، وأنتم تباركون مذابح غزة بالتصفيق والتمويل؟! أليس الأولى بكم أن تكتبوا بيانات عن خيانتكم لقيمكم بدل التنظير علينا؟

والحقيقة يا سيد أورلاندو أنك لا تتكلم كدبلوماسي، بل كموظف تسويق فاشل. تعرض علينا سلعة مشروخة اسمها “خطوة أساسية”، بينما نحن نرى الكارثة بأعيننا. تريد أن تبيعنا مستقبلًا معبأ في علب أنيقة، لكن تاريخكم كشف أن ما بداخلها ليس إلا خرابًا وانتهازية. باختصار: أنتم تبيعون كلامًا منتهي الصلاحية، ونحن لسنا زبائن في سوقكم السياسي.

ليبيا ليست ملعبًا لتجاربكم، ولا دفتر ملاحظات تكتبون فيه “خطوة أساسية”. نحن نعرف أنكم كنتم جزءًا من عملية “إعادة التوزيع” في 2011: النفط هنا، العقود هناك، والخراب لليبيين. والآن تأتي لتبيعنا أوهام المستقبل؟ لا يا سيد أورلاندو، لا نريد سماع محاضراتك.

كان الأجدر بك أن تقول: “شاركنا في إسقاط نظام ولم نفكر في اليوم التالي، وتركنا ليبيا للهاوية، وما زلنا نتفرج.” هذه هي الحقيقة التي لا تجرؤون على كتابتها في بياناتكم. لكنكم تختارون دائمًا طريق الصراحة الزائفة: أنتم تُقرّون بالجزء الذي يناسبكم وتدفنون الباقي تحت السجاد.

رسالتنا لك ولأمثالك واضحة: التاريخ الليبي لا يُكتب في تغريدة، والسيادة الليبية ليست مطيّة لمشاريعكم. كُفوا عن دس أنوفكم في تفاصيلنا، واشتغلوا بماضيكم الاستعماري الأسود، نظفوا جرائمكم أولًا، ثم تعالوا تكلموا عن المستقبل إن بقي لكم وجه.

أما نحن فنقولها صريحة: ليبيا لا تحتاج إلى وصيٍّ ممل، ولا إلى سفيرٍ يظن نفسه مؤرخًا. نحن من نقرر مصيرنا، ولسنا تلاميذًا في صفكم الاستعماري.

عين ليبيا المصدر: عين ليبيا
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا