لأول مرة منذ سنوات طويلة عقد اجتماع ضم رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك مع مسؤولي فرع الديوان في البيضاء، في خطوة “لتوحيد عمل ديوان المحاسبة وتنسيق الجهود الرقابية على المستوى الوطني” برعاية بعثة الأمم المتحدة، و “إشراف رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب وممثل عن لجنة مكافحة الفساد في الأعلى للدولة” بحسب بيان لمجلس النواب، أضاف أن المجتمعين اتفقوا على عقد اجتماع موسع في مايو 2025، بحضور رئاسة الديوان وممثلين عن مجلسي النواب والدولة.
• خطوة لها ما بعدها
وجاءت هذه الخطوة بعد أن دخل الصراع داخل ديوان المحاسبة مرحلة جديدة، عندما أصدر محمد تكالة، قرارا مفاجئا بتكليف أحمد عون ضو بمهام رئيس الديوان، مثيرا موجة من ردود الفعل الرافضة في مجلسي النواب والدولة والدول الكبرى ذات التأثير في الملف الليبي، ولم تنته إلا بصدور حكم قضائي جديد يؤكد شرعية شكشك، ويبطل القرارت التي تطعن في رئاسته منذ شهور.
ومهما يكن، فقد أظهرت الأزمة أن موقفا موحدا من مجلسي النواب والدولة، وحده الكفيل بإنهاء حالات الانقسام في مؤسسات الدولة، باستناد المؤسستين إلى مخرجات الاتفاق السياسي التي تفصل بوضوح في طريقة تسمية شاغلي المناصب السيادية.
• المصرف المركزي
وهي المرة الثانية خلال أشهر قليلة التي يوفق فيها المجلسان في تجاوز حالة انقسام وانسداد خطيرة تهدد ما تبقى موحدا من مؤسسات الدولة، ففي سبتمبر الماضي نجح ممثلو النواب والدولة في تسمية محافظ ونائب ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي، بتدخل وإشراف من البعثة الأممية، بعد أن تسبب قرار المجلس الرئاسي عزل الصديق الكبير في موجة اضطراب كبيرة، منها موجة إغلاقات حادة في المنشآت النفطية وقيود دولية كبيرة على التعاملات المالية للمصرف المركزي، شلت قدرته على التصرف في أصوله وفي إدارة التجارة الخارجية للبلاد.
• البداية من النائب العام
وشهد مايو 2021، أول تجسيد عملي للتوافق بين مجلسي النواب والدولة في ملف المناصب السيادية، عندما صوتت الهيئتان، في جلستين علنيتين منفصلتين، بالموافقة على تعيين الصديق الصور في منصب النائب العام، من بين 8 أعضاء آخرين رشحهم المجلس الأعلى للقضاء لهذا المنصب واستلمهما مجلس النواب، بحسب مقتضيات الاتفاق السياسي ومخرجات طريقة التسمية التي توافق عليها المجلسان في اجتماعات المغرب نهاية سنة 2020.
• نحو حكومة توافقية !
وبنجاح مجلسي النواب والدولة في تعزيز وحدة ثلاث من كبريات المؤسسات والسلطات في البلاد، قضائية ونقدية ورقابية، ومنع توسع حالة الانقسام أكثر في ليبيا، فهما يبرهنان للشركاء داخل وخارج ليبيا، ان خيار التوافق الليبي الليبي ممكن، ويمكن أن ينسحب على بقية الملفات الخلافية، بما فيها توحيد السلطة التنفيذية تحت مظلة حكومة واحدة تقود المشهد نحو انتخابات شاملة وتحسم نهائيا أزمة الشرعية، فضلا عن إمكانية الدفع بمسار توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية الذي يعرف هو الآخر تعثرا منذ سنوات طويلة.