أكد مصرف ليبيا المركزي، مؤخراً، “التزامه بضمان توفير إمدادات منتظمة من العملات الصعبة لتلبية احتياجات السوق المحلية، مع الحفاظ على الاستدامة المالية واحتياطيات النقد بالعملة الأجنبية”، فما رأي خبراء الاقتصاد بذلك؟
وحول ذلك، قال الخبير المصرفي نعمان البوري لوكالة “سبوتنيك”: “إنه إذا لم يتم تقليص الإنفاق إلى أقصي درجته كحد 80% من دخلنا سوف يستمر التمويل بالعجز وهذا ما سوف يؤثر علي الاستدامة المالية”.
وأضاف البوري: “إن الاستدامة المالية تعني القدرة على تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات بشكل يضمن الاستمرارية المنظمة وقدرتها على النمو والتطور ويشمل ذلك إدارة الموارد المالية بكفاءة، والتخطيط المالي طويل الأجل، وتنفيذ استراتيجيات تضمن تحقيق الأهداف المالية الحالية والمستقبلية”.
وأكد البوري، أن “الاستدامة المالية تهدف إلى تقليل المخاطر المالية وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية والسوقية، مشيراً إلي الخطر الذي يتعرض له الوضع المالي في ليبيا اليوم للحفاظ علي الاستدامة المالية، لأننا لسنا قادرين علي خلق توازن بين الإيراد والإنفاق”.
ولفت إلي أن “إيرادات المصرف اليوم لا تستطيع تغطية الإنفاق وهذا ما يجعل المركزي يقوم على التمويل بعجز مالي، محذرا من خطورة الاستمرار بنفس المنهجية، والتي ستؤدي إلى صعوبة الاحتفاظ على الاستدامة المالية”.
وأشار “إلى أن ما يعرقل جهود الاستدامة المالية هي كمية المبالغ المرصودة من خلال المبيعات الخاصة بالنفط بالعملة الصعبة”.
بدوره، قال المحلل الاقتصادي صابر الوحش: “في الوقت الحالي الكمية الموردة لمصرف ليبيا المركزي من النقد الأجنبي هي كمية قليلة جداً بلغت 778 ميلون دولار أي بعجز يصل إلى أربعة مليارات دولار في شهرين ونصف”، مضيفا أن “هذه الكمية لا تكفي لمجابهة الطلب المرتفع جداً على العملة الصعبة وهذه تعد إشكالية كبيرة تهدد الاستدامة المالية”.
وأكد الوحش، “أن المصرف المركزي لن يستمر في هذا النهج بالسحب من الاحتياطيات إلي ما لانهاية ولابد من معالجة الإنفاق العام الموازي غير المعروف من الجهات الحكومي”، مضيفاً: “لابد من توحيد الحكومة للوصل إلى الاستقرار المالي والسياسي، موضحاً أن الحل الصحيح في المدى القصير هو توحيد وضبط الإنفاق العام وانتظام الإيرادات الأجنبية وعدم التمويل بالعجز”.
وقال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية، عمر زرموح: “إن الذي يجري الآن يمكن تلخيصه بوصفه بالكثير من العبث والفوضى وغياب النظام في وجود النفقات غير المنضبطة من الحكومتين أي حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من البرلمان، مضيفا بالقول في ظل عدم الانتظام يمكن أن تحصل موجة تضخم وممكن أن يحصل عجز وممكن أن تفقد قيمة الدينار”.
وأوضح زرموح، “أن الاحتمالات السيئة متوقعة لأنه لا يوجد نظام ولا يوجد كيان للدولة وذلك لأن الدولة منقسمة”، وأكد “أنه من الضروري وجود سقف للإنفاق على مستوى ليبيا ويكون هناك متابعة لهذا الانفاق من خلال الميزانية المعتمدة وتتابعها الجهات الرقابية وتصدر تقاريرها الخاصة بمتابعتها”.
وأشار زرموح، “إلى أنه يجب أن تكون هناك موازنة موحدة للأنفاق ويتم تبويب هذه الميزانية بدون دخولها في الخلاف السياسي”، مضيفاً: “يجب أن تكون الميزانية الموضوعة مطابقة للطاقة الاستيعابية”.