يسود هدوء حذر -اليوم الثلاثاء- في مدينة حلب شمالي سوريا ، بعد يوم ساخن من الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
شنت قوات قسد، أمس الاثنين، قصفا مفاجئا على مدينة حلب شمل أحياء الجميلية، وبستان الباشا، والميدان، والسريان، والسبيل، فضلا عن أعمال قنص على دوار الليرمون والشيحان شمالي المدينة، وفق وكالة الأنباء والتلفزيون السوريين.
وتحيط هذه الأحياء بحيي الشيخ مقصود والأشرفية اللذين تنتشر فيهما قوات قسد.
ونقلت قناة الإخبارية السورية عن مصدر أمني قوله إن قوات قسد حاولت التقدم على نقاط القوى الأمنية في "خرق جديد" لاتفاق وقف إطلاق النار .
كما ذكرت منصة "سوريا الآن" أن جميع الطرق المؤدية إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية انقطعت، أمس الاثنين، بفعل الاشتباكات.
وأوضحت المنصة أن التوتر انتقل إلى شرقي سوريا، إذ استقدمت قسد تعزيزات عسكرية إلى قرية غانم العلي المحاذية لمناطق سيطرة الجيش السوري بريف الرقة، تزامنا مع تحليق مسيّرات فوق بلدة معدان الواقعة تحت سيطرة الجيش.
وبدوره، قال المركز الإعلامي لقوات قسد إن فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع السورية هاجمت حاجزا في دوار الشيحان بحلب، مضيفا أن تلك الفصائل شنت هجوما عنيفا بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، بعد استهداف حاجز قوى الأمن الداخلي.
قال مكتب إعلام صحة حلب ووسائل إعلام سورية، اليوم الثلاثاء، إن حصيلة قتلى الاشتباكات ارتفعت إلى 4 مدنيين، في حين جرح 15 شخصا، بينهم صحفيون تابعوا الحدث ميدانيا، جراء قصف قسد الأحياء السكنية أمس.
وذكرت وزارة الداخلية أن الضحايا سقطوا بسبب القصف العشوائي والقنص الذي نفذته قوات قسد على أحياء بمدينة حلب.
من جهته، أفاد المركز الإعلامي لقسد بمقتل امرأة وإصابة 17 جراء القصف الصاروخي وقذائف الدبابات من جهة الجيش السوري.
ووفقا لقناة الإخبارية السورية، تسبب القصف في نزوح أعداد كبيرة من العائلات التي أخلت مكانها من المناطق الغربية للمدينة "تجنبا للقصف القادم من جهة قوات قسد".
وذكرت منصة "سوريا الآن" أن إحدى قذائف قوات قسد أصابت مستشفى الرازي في المدينة، الأمر الذي نددت به وزارة الصحة السورية.
بدأ القتال في ضوء النهار بالأسلحة الخفيفة، ثم تطور إلى استعمال الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وتوقف نحو العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي مع دخول ممثلين عن الحكومة وقوات قسد في مفاوضات لبحث التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار.
وتوقف القتال بعد أوامر من قيادة أركان الجيش السوري بإيقاف استهداف مصادر نيران قوات قسد "لتجنيب المدنيين الاشتباكات"، وفق إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع السورية.
لكن قسد قالت إنها أوقفت الرد على هجمات "الفصائل" تلبية لاتصالات التهدئة.
كما أصدر محافظ حلب قرارا بوقف الدوام مؤقتا، اليوم الثلاثاء، في جميع المدارس والجامعات العامة والخاصة والدوائر الحكومية بالمدينة.
وفي السياق، انتشر أفراد جهاز قوى الأمن الداخلي انتشارا مكثفا في المنطقة، ضمانا لاستقرار المدينة وحماية الأهالي وممتلكاتهم، حسب ما قاله قائد الجهاز لوكالة الأنباء السورية.
اندلعت الاشتباكات في توقيت حساس يسبق نهاية الأجل المحدد لتنفيذ اتفاق اندماج قوات قسد ضمن الحكومة السورية، كما يتزامن الاشتباك مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق يضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات.
كما يربط مسؤولون سوريون توقيت اندلاع القتال بانتهاء مهرجان محلي للتبرع لمحافظة حلب، بهدف الإسهام في إعادة إعمار المدينة التي طالها التدمير الأكبر بين المدن السورية في سنوات الثورة السورية .
تعقيبا على هذه التطورات بحلب، قالت وزارة الخارجية المصرية إنها تتابع ببالغ القلق اشتباكات حلب وما صاحبها من "أعمال عنف وترويع للمدنيين"، معتبرة أنها تنذر بتداعيات خطيرة على أمن سوريا واستقرارها.
وبينما دعت الخارجية المصرية إلى خفض التصعيد وصون وحدة البلاد، اعتبرت أن الحل المستدام في سوريا مرهون بعملية سياسية شاملة تراعي مصالح جميع مكونات البلاد.
ومن جهتها، أعربت تركيا عن رفضها وجود جيشين أو قوتين مسلحتين في بلد واحد.
يرى مراقبون أن هذه الاشتباكات قد تكون محرضا على تقارب بين الحكومة السورية وقوات قسد بشأن سبل وآليات تطبيق الاتفاق المبرم بينهما في مارس/آذار الماضي بشأن اندماج تلك القوات في صفوف الحكومة السورية، خصوصا مع اتباع دمشق سياسة النفس الطويل في التعامل مع ما تقول إنه "التفاف" قسد على فقرات الاتفاق.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة