آخر الأخبار

هل تكرس الهدنة الإنسانية المحتملة واقعا جديدا في السودان؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الخرطوم- ازداد الاهتمام الأميركي بالأزمة السودانية بشكل لافت خلال الأيام الماضية، حيث تسعى واشنطن إلى دفع الجيش السوداني و قوات الدعم السريع لهدنة إنسانية قبل نهاية العام، مستعينة بقوى إقليمية مؤثرة على المشهد، بينما يخشى مراقبون من أن تقود ضغوط الإدارة الأميركية المتسارعة إلى هدنة هشة، مشابهة لـ12 هدنة سابقة خلال الأسابيع الأولى للحرب.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد دعا إلى التوصل لهدنة إنسانية في السودان ، وأشار إلى أن العام الجديد يمثل فرصة لذلك، وحضّ الدول على استخدام نفوذها لإحلال السلام، وقال "نحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد".

وأكد روبيو، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن الجمعة الماضي، أن هدف الإدارة الأميركية المباشر بشأن السودان هو وقف الأعمال القتالية قبل العام الجديد، مما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات.

وأشار إلى أن هناك "دولا تُقدم الأسلحة للأطراف المتحاربة، بما في ذلك شحن الأسلحة، خاصة لقوات الدعم السريع"، وأنه أجرى محادثات "صحيحة ومناسبة مع جميع أطراف الصراع، لأنه دون دعمهم، لا يمكن لأي من الطرفين الاستمرار" حسب قوله.

اهتمام استثنائي

عدّ متابعون تصريحات روبيو أنها الأطول من نوعها والتي خص فيها جزءا واسعا للسودان، منذ تعيينه في منصبه في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث تم تفريغ نص المؤتمر الصحفي الذي عقده في 61 صفحة، تناولت 5.8 صفحات منها قضايا السودان والسلام بشكل مباشر، أي نحو 10% من زمن المؤتمر.

بينما قبل بضعة أشهر، وعندما كان الكونغرس يُجري استجوابا له بعد ترشيحه من قِبَل الرئيس دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بالكاد استطاع روبيو أن ينطق بجملة واحدة متماسكة حول السودان، أو أن يعلق على دور القوى الإقليمية المتهمة بالتورط في الحرب، بالرغم من الضغط الشديد من المشرعين ولجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس.

إعلان

لكنه في هذا المؤتمر الصحفي، كان سعيدًا بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالسودان، وكان ذلك ضمن الإنجازات والأهداف العامة التي حددتها الإدارة لسياستها الخارجية.

ولهذا السبب، جادل روبيو بأنه رغم التحديات والمهام العديدة التي تواجهها الإدارة في الداخل، والمتعلقة بشعار " لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى " فإن واشنطن منخرطة في شؤون العالم، بما في ذلك الصراعات التي قد لا تكون جوهرية في الحياة اليومية للمواطن الأميركي مثل ما يجري في السودان.

وعن استعانتهم بقوى إقليمية لتسريع تسوية الأزمة السودانية، قال روبيو إنها تشبه إلى حد كبير ما حدث في غزة، مشيرا إلى أن بعض الدول التي تربطها علاقة مع حركة المقاومة الفلسطينية " حماس " لعبت دورا بناءً للغاية في حثها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، والضغط عليها لتوقيع اتفاق لوقف اطلاق النار.

شروط للموافقة

أوضحت مصادر قريبة من مجلس السيادة السوداني أن الحكومة تلقت ورقة من مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس في وقت سابق، وردت عليها متمسكة بخريطة الطريق التي سلمتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن مطالب وقف إطلاق النار.

وكشفت المصادر السيادية للجزيرة نت -بعدما طلبت عدم الكشف عن هويتها- أن الحكومة تلقت أخيرا مقترحات وأفكارا جديدة بشأن خطوات حل الأزمة من أطراف إقليمية، وتجري مشاورات داخلية وخارجية مع أصدقائها للرد عليها أيضا، مؤكدة انفتاح الخرطوم على أي مسعى جاد لوقف الحرب يتسق مع سيادة البلاد ومصالح شعبها ورغبته في سلام عادل وشامل.

وأفادت المصادر ذاتها بأنها أبلغت الدول الساعية لإقرار هدنة، أنها لا تثق بالتزام قوات الدعم السريع بأي هدنة، بعد خرقها 12 هدنة جرى الاتفاق عليها عبر منبر جدة الذي رعته الولايات المتحدة والسعودية في الأسابيع الأولى للحرب، وأشارت إلى تصريحات روبيو في يوم الجمعة الماضي، حيث ذكر أن "أحد الأطراف يوافق على كل شيء ولا ينفذ شيئا".

وفي المقابل، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع، محمد المختار النور في تصريح صحفي، إن "موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب، ومعالجة جذور الأزمة في السودان".

وأضاف أن الدعم السريع وتحالف السودان التأسيسي "تأسيس" الذي يرأسه قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على "اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد، وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد".

تحديات ومخاوف

يرى الباحث في الشؤون العسكرية الأمين محمد الطيب أن التوصل إلى هدنة بات أقرب من أي وقت مضى، وأن "هدفها ليس إسكات البنادق وتوصيل المساعدات الإنسانية فحسب، وإنما تهيئة المناخ لمفاوضات حول الترتيبات الأمنية والعسكرية، ثم عملية سياسية للتوافق على رؤية لإدارة البلاد في اليوم التالي للحرب وإنهائها".

ويقول الباحث للجزيرة نت إن "التوصل إلى هدنة يمكن أن يحدث خلال أيام، على طريقة الصفقات والمساومات التي يفلح فيها ترامب، لكن التحدي في استمرارها وصمودها".

وحسب الباحث فإن ثمة مخاوف من أن تفرض الهدنة المحتملة واقعا إداريا وسياسيا جديدا في البلاد، بشكل يعقد الأوضاع ويفتح شهية قائد الدعم السريع لتكريس انقسام البلاد بين غرب البلاد التي تنتشر فيه قواته، وشرقها التي يسيطر عليها الجيش، مما يدخل إقليم دارفور في حرب أهلية بين الدعم السريع ومناصريه وبين فصائل حركات الكفاح المسلحة المناهضة له التي تقاتل إلى جانب الجيش حاليا.

إعلان

أما الخبير العسكري ونائب رئيس هيئة أركان الجيش السابق محمد بشير سليمان فيرى أن "الهدنة المقترحة إذا لم تخرج قوات الدعم السريع من المدن في دارفور، وتضعهم في معسكرات محددة، فإنها ستؤدي إلى تجميد الأوضاع العسكرية وتخلق واقعا جديدا".

ويوضح الخبير، في حديث للجزيرة نت، أن الهدنة ستصب لصالح قوات الدعم السريع "حيث ستمكنها من إقليم دارفور وأجزاء من ولايات كردفان، وتمنح القوى الإقليمية التي تقف خلفها فرصة جديدة لزيادة دعمها العسكري، مما يغريها بالتوسع، الأمر الذي يهدد بتفكك البلاد" حسب قوله.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا