آخر الأخبار

مجلس السلام المقترح لغزة.. هل يشعل صداما بين ترامب ونتنياهو؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بين رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتقال السريع إلى "المرحلة الثانية" من اتفاق غزة، وسعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإبطاء هذا المسار عبر توسيع العمليات الميدانية، واستثمار الضباب السياسي لتحقيق مكاسب إضافية، يبرز اختلاف أولويات قد يتحول إلى أزمة مفتوحة بين الطرفين.

وتُظهر تسريبات موقع "أكسيوس" أن ترامب يريد إعلان انتقال مبكر للمرحلة الثانية، بما في ذلك الكشف عن "مجلس السلام" الذي سيشرف على إدارة القطاع، الأمر الذي يعكس رهانا أميركيا على تحريك المسار السياسي سريعا لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق الجهود الدولية المنتظرة.

لكن حكومة نتنياهو تتصرف بصورة مغايرة تماما، إذ ترى أن الانتقال السياسي قبل تحقيق الأهداف الأمنية سيجبرها على قبول انسحاب أوسع من غزة، لهذا تعمل على استدامة المرحلة الأولى وعدم السماح بأن تتحول إلى منصة لإطلاق ترتيبات حكم جديدة قد تحد من نفوذها.

هذه المراوحة الإسرائيلية دفعت مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، للتأكيد أن واشنطن باتت تشعر بأن تل أبيب تعطل المسار عن قصد، محذرا من احتمال تأثر الدعم الأميركي التقليدي إذا واصلت إسرائيل مقاومة الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق.

ويتقاطع هذا التحذير مع رؤية الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الذي يرى أن نتنياهو يتعامل مع المرحلة الثانية باعتبارها تهديدا شخصيا وسياسيا، لأن دخول انتخابات قريبة دون إنهاء حكم حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) في غزة سيعني فشلا إستراتيجيا قد يطيح بمستقبله السياسي تماما.

ويشير مصطفى إلى أن نتنياهو يحاول خلط المسار الأمني بالمسار السياسي ليضمن السيطرة على شروط المرحلة المقبلة، بينما يخشى أن تُفرض عليه ترتيبات دولية تُلزمه بحدود انسحاب لا يريد الالتزام بها، خصوصا في ظل غياب ضمانات متعلقة بنزع السلاح.

استغلال للغموض

أما الدكتور إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية، فيرى أن إسرائيل تستغل الغموض الذي يكتنف تشكيل القوة الدولية لعرقلة تقدم الاتفاق، لأنها تدرك أن أي قوة مقترحة لن تتولى مهمة نزع السلاح من القطاع بالقوة، مما يعني بقاء حماس فاعلا مؤثرا في المعادلة.

إعلان

ويرى فريحات أن هذه المعادلة تمنح نتنياهو فرصة إضافية لتأجيل الانتقال السياسي، لأنها تربط نجاح الخطة الأميركية بمهمة دولية معقدة لا ترغب الدول المشاركة في تحمل أعبائها، خاصة مع تصاعد التقديرات التي تشير لصعوبة تطبيق نزع السلاح عمليا على الأرض.

وتتفاقم الأزمة مع تسريبات عن تشكيلة "مجلس السلام" نفسه، حيث يُطرح وجود شخصيات مثيرة للجدل مثل المبعوث جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ، إضافة لرفض عدد كبير من الأسماء الفلسطينية، ما يعمّق الانطباع بأن المجلس سيتحول إلى سلطة وصائية تفوق قدرة الفلسطينيين على التأثير.

ويعتبر فريحات أن هذه البنية المقترحة للمجلس ستعزز الخلاف مع إسرائيل، لأن تل أبيب لا تريد إطارا دوليا قويا يفرض عليها تنازلات سياسية، بينما تسعى واشنطن إلى تقوية هذا الإطار ليشكّل حجر الزاوية في ترتيبات الحكم والرقابة خلال المرحلة المقبلة.

في الوقت ذاته، تحاول الإدارة الأميركية ترك بعض عناصر المجلس غامضة لإفساح المجال للدول العربية المنخرطة في المسار، وهو غموض وصفه مولروي بأنه متعمد لتشجيع العواصم المختلفة على صياغة مقترحات عملية حول شكل المجلس وطبيعة دوره داخل غزة.

التصور الفلسطيني

غير أنّ هذا الانفتاح الأميركي يقابله فراغ فلسطيني واضح، فبحسب فريحات، لم تقدم الأطراف الفلسطينية تصورا جامعا للمرحلة الثانية، سواء من جانب السلطة أو حركة حماس، بينما ترفض إسرائيل كل الخيارات المطروحة وتتمسك فقط بشعار نزع السلاح كشرط لأي تغيير سياسي.

وتخشى واشنطن أن تفشل خطتها بالكامل إذا تحولت مناورة نتنياهو إلى تعطيل ثابت، خصوصا بعد رفض الائتلاف الحكومي التصويت لصالح خطة ترامب داخل الكنيست، وهو مؤشر اعتبرته الإدارة الأميركية دليلا على اتساع الهوة بين الطرفين في جوهر الاتفاق.

وتتزامن هذه التطورات مع مقتل قائد المليشيا المسلحة بغزة ياسر أبو شباب ، الذي اعتبرته إسرائيل من أدوات نفوذها داخل غزة، بينما رأت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحادث سيعزز قوة حماس ويضعف قدرة تل أبيب على التأثير الأمني، مما يدفعها لرفض أي انتقال سياسي حاليا.

وترى تقديرات غربية أن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على إبقاء العمليات الجارية سيمنحه أوراق ضغط إضافية أمام ترامب، بينما يخشى الرئيس الأميركي من أن تؤدي هذه التعقيدات إلى انهيار الاتفاق وتحوله إلى عبء سياسي على واشنطن، خصوصا مع بدء تدريب القوة الدولية المقترحة.

وتشير المعطيات إلى أن الولايات المتحدة تراهن على قدرتها على فرض الانتقال السياسي إن لزم الأمر، كما فعلت سابقا عند فرض الاتفاق على نتنياهو، لكنها تدرك أن هذا الضغط قد يشعل مواجهة دبلوماسية مفتوحة لا ترغب في خوضها بينما تتقدم ملفات إقليمية موازية.

ومع ذلك، يظل نتنياهو مستعدا لمواجهة حتى الحليف الأبرز إذا تعلق الأمر بمستقبله السياسي، إذ يرى أن التخلي عن شروطه الأمنية سيعني خسارة الانتخابات المقبلة، ما يدفعه لعرقلة المسار الأميركي حتى لو أدى ذلك إلى تدهور العلاقة مع البيت الأبيض.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا