في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في سماء البحر الأحمر المضطربة، حيث تتقاذف الطائرات بدون طيار الإيرانية المدعومة من الحوثيين السفن الحربية الأميركية، يخرج شعاع غير مرئي من مدفع ليزر مثبت على حاملة طائرات.
في لحظة، يذيب الشعاع الدرونز المعادي، تاركًا وراءه دخانًا خفيفًا وتكلفة لا تتجاوز 10 جنيهات إسترلينية للطلقة الواحدة.
هذه ليست مشاهد من فيلم خيال علمي، بل واقع حرب 2025، حيث أصبحت أسلحة الطاقة الموجهة – الليزر عالي الطاقة وأشعة الميكروويف – سلاحًا يهدد بتغيير قواعد الدفاع الجوي إلى الأبد.
لكن في هذا السباق العالمي، الذي يجمع بين الابتكار والتوتر الجيوسياسي، هل ستصبح هذه الأشعة درعًا للديمقراطيات أم سيفًا في يد الديكتاتوريات؟
بدأت القصة في أوائل العقد، عندما أثبتت الحرب في أوكرانيا أن الدرونز الرخيصة يمكن أن تكلف ملايين الدولارات من الصواريخ لإسقاطها.
اليوم، مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وآسيا، يتسارع سباق دولي يشمل الولايات المتحدة، الصين، إسرائيل، المملكة المتحدة، وروسيا، مدعومًا بميزانيات تصل إلى مليارات الدولارات.
وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، ارتفع الإنفاق العالمي على الدفاع إلى 2.443 تريليون دولار في 2023، مع جزء متزايد مخصص لأسلحة الطاقة الموجهة، التي توفر دقة فائقة وتكلفة منخفضة مقارنة بالصواريخ التقليدية.
هذا السباق ليس مجرد تقني؛ إنه يعكس صراعًا أوسع بشأن الهيمنة العسكرية، حيث يرى الخبراء أن الليزر قد يحسم مصير النزاعات المستقبلية، لكنه يثير أيضًا مخاوف أخلاقية بشأن الحروب غير الإنسانية.
الولايات المتحدة.. الرائد المتردد في سباق الابتكار
تقود الولايات المتحدة هذا السباق بفضل ميزانيتها الضخمة، حيث خصصت وزارة الدفاع 3.9 مليار دولار لتطوير الأسلحة الفائقة السرعة والطاقة الموجهة في ميزانية 2026.
نظام "هيلوس"، الذي طورته لوكهيد مارتن للبحرية الأميركية، هو النجم الرئيسي: ليزر بحري بقوة 60 كيلووات يمكنه إسقاط الدرونز والصواريخ بسرعة الضوء، وتم نشره تجريبيًا على مدمرات في المحيط الهادئ لمواجهة التهديدات الصينية.
في سبتمبر 2025، أعلن الجيش الأميركي عن برنامج (E-HEL)، الذي يهدف إلى إنتاج 20 نظامًا بقوة 50-300 كيلووات لمواجهة سرب الدرونز، مع منافسة متوقعة بين شركات مثل هانتينغتون إنغلز وكي بي آر في 2026.
ومع ذلك، يواجه الأميركيون تحديات الليزر يعاني من تأثيرات الطقس، ويحتاج إلى طاقة هائلة، مما يبطئ الانتشار الكامل حتى 2027.
كما أن التقارير تشير إلى تأخر أميركي نسبي في الليزر الفضائي مقارنة بالصين، حيث يُعتبر التركيز على التكامل مع الشبكات الإلكترونية ميزة، لكنه لا يعوض الضغط التنافسي.
ويقول ديفيد ستوودت، مدير جمعية الطاقة الموجهة المهنية: "نحن على أعتاب التبني العسكري الأوسع"، مشيرًا إلى أن الليزر يمكن أن يقلل الاعتماد على الصواريخ بنسبة 80 بالمئة.
الصين.. التحدي الصامت الذي يهدد التوازن
في بكين، يُعتبر الليزر جزءًا من "القفزة المزدوجة" نحو الهيمنة العسكرية بحلول 2035، حيث كشفت الصين في يناير 2025 عن مرفق بحثي عملاق للاندماج بالليزر في ميانيانغ، يشمل أذرعًا ليزرية لإنتاج طاقة نووية، لكنه يدعم أيضًا تطوير أسلحة طاقة موجهة.
نظام LY-1، الليزر البحري الذي عرض في سبتمبر 2025، يفوق "هيلوس" في الحجم والمدى، ويُزعم أنه قادر على إسقاط الطائرات بدون طيار على مسافة 10 كيلومترات بتكلفة أقل، مدعومًا بإنتاج جماعي يعتمد على التصنيع الرخيص.
التقارير الاستخباراتية الأميركية تحذر من أن الصين تفوقت في الليزر الفضائي، مع اختبارات لأشعة جسيمات فضائية تهدد الأقمار الصناعية الأميركية.
بحسب معهد راند، يُعد هذا التقدم "ضربة للهيمنة الأميركية"، خاصة مع ارتفاع الإنفاق الصيني على الدفاع إلى 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. السباق هنا ليس فقط تقنيًا؛ إنه استراتيجي، حيث يرى محللون أن الليزر الصيني يمكن أن يحمي أسطول بحري يهدد تايوان.
إسرائيل.. درع الليزر في قلب الشرق الأوسط
في إسرائيل، تحول الليزر من حلم إلى واقع قتالي، ففي مايو 2025، أعلنت وزارة الدفاع لأول مرة عن استخدام نظام "أيرون بيم" لإسقاط درونز حزب الله، مكملًا للقبة الصاروخية التي تعتمد على الصواريخ.
فبقوة عشرات الكيلووات، يدمر "أيرون بيم" الصواريخ قصيرة المدى بتكلفة 2 دولار للطلقة، وتم تخصيص 1.2 مليار دولار له في 2024، بدعم أميركي.
وفي سبتمبر 2025، أكدت إسرائيل نضجه التشغيلي الكامل، مما يجعله أول نظام ليزر عالي الطاقة جاهز للمعركة.
هذا النجاح يعكس الضغط الإقليمي مع آلاف الصواريخ من غزة وحزب الله، حيث أصبح الليزر ضرورة، لكنه يثير مخاوف بشأن الانتشار الإقليمي، حيث تطور إيران أنظمة مشابهة.
الابتكار الأوروبي مقابل الضغط الروسي
في لندن، يُعد "دراغون فاير" رمزًا للابتكار الناتوي، فبعد اختبارات ناجحة في 2024، وقعت المملكة المتحدة عقدًا في نوفمبر 2025 لنشر الليزر على المدمرات، قادرًا على إسقاط درونز بسرعة 400 ميل/ساعة بتكلفة 13 دولارًا للطلقة. باستثمار 100 مليون جنيه، يهدف النظام إلى تعزيز الدفاع ضد التهديدات الروسية في البلطيق.
أما روسيا، فتواجه عقبات رغم تقدمها. نظام "بريسفيت"، الليزر الأرضي لإعماء الأقمار، نشر في 2024، لكن فقدان طائرة Beriev A-60 في نوفمبر 2025 بضربة أوكرانية أضعف البرنامج.
ومع ذلك، يستمر بوتين في دفع الإنتاج، مع التركيز على الليزر في أوكرانيا لمواجهة الدرونز الغربية.
الآفاق.. درع أم سيف مزدوج؟
مع توقعات السوق بأن يصل حجم سوق الليزر العسكري إلى 10.92 مليار دولار بحلول 2033، بنمو 8.4 بالمئة سنويًا، يبدو السباق لا يتوقف، لكن التحديات تبقى بسبب التأثيرات الجوية، الطاقة، والقيود الأخلاقية بموجب اتفاقيات جنيف.
في عالم يشهد تصعيدًا نوويًا جديدًا بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، قد يكون الليزر الحل للدفاع، لكنه يعزز أيضًا السباق التسلحي.
المصدر:
سكاي نيوز