كيف يظنّ ترامب أنّ بإمكانه أنْ "يغسل يديه" من أوكرانيا؟ وكيف يمكن مجابهة حُمّى الحرب التي اجتاحتْ دوائر السياسة الأوروبية؟ وأخيراً: لماذا تعاقب الولايات المتحدة المهاجرين الشرعيين؟ - للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها نصحبكم في هذه الجولة بين الصحف الأمريكية والبريطانية.
ونستهل جولتنا من صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية التي نشرت افتتاحية بعنوان "ترامب يُصدر إنذاراً نهائياً لأوكرانيا".
وقالت الصحيفة إن إدارة الرئيس دونالد ترامب بصدد جولة جديدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مؤكدة أن تحقيق السلام الذي يحفظ الكرامة هو إنجاز يستحق الثناء.
لكنّ عروض السلام التي طُرحت على مدار السنوات الثلاث الماضية لم تكنْ - بحسب وول ستريت جورنال - "سوى عروض لاستسلام أوكرانيا، وما العرض الأمريكي الأخير سوى إنذار نهائي حتى وإنْ كان في ثوب جديد".
ونوّهت الصحيفة إلى أن الخطة الأمريكية ذات الـ 28 نقطة تنطوي على خفض القدرات العسكرية الأوكرانية، فيما لم توضّح ما إذا كان مسموحاً بوجود قوات أجنبية لحفظ السلام على الأراضي الأوكرانية، وما إذا كان من حق كييف الاحتفاظ بأسلحة بعيدة المدى من عدمه.
ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن هذه الصفقة تُسلّم بوتين كامل إقليم دونباس في الشرق الأوكراني، وتضمن له الاحتفاظ بالأراضي التي استولتْ عليها قواته بالفعل هناك.
كما ستتنازل أوكرانيا، بموجب هذه الصفقة، عن فكرة الانضمام لحلف شمال الأطلسي الناتو، علاوة على إقرار الولايات المتحدة وأوكرانيا لروسيا بالسيطرة على شبه جزيرة القرم – التي استولى عليها بوتين بالقوة في عام 2014.
ورأت وول ستريت جورنال أن هذا "الاستسلام المُدار" سيكون من الصعب على أوكرانيا ابتلاعه، وسيتعذّر على أي زعيم وطنيّ أن يقنع به الشعب الأوكراني؛ حتى مع ما يحمله الموقف من تهديد مُبطّن من جانب واشنطن لكييف بوقف تزويدها بالسلاح وبالدعم الاستخباراتي إذا ما رفضتْ هذه الخطة الأمريكية.
ورأت الصحيفة أن إدارة ترامب عبر هذه الصفقة، إذْ تسلّم بوتين إقليم دونباس في الشرق الأوكراني، فإنها تساعده على الزحف بشكل مباشر باتجاه العاصمة كييف حينما يجد الفرصة مواتية لذلك.
كما أن هذا العرض الأمريكي، بحسب وول ستريت جورنال، كفيل بإضعاف جبهة الحليف الأوكراني، ما يترك الولايات المتحدة في خطر المواجهة المباشرة مع روسيا.
وتساءلت الصحيفة كيف يمكن أن نتصوّر أنْ رئيساً يتقاعس عن معاقبة الصين على شراء النفط الروسي - وبالتالي تمويل الحرب الروسية - يمكن أنْ يخوض حرباً مباشرة من أجل أوكرانيا؟
ولفتت وول ستريت جورنال إلى إصرار ترامب على أنّ الحرب في أوكرانيا هي مشكلة تخصّ أوروبا. وتساءلتْ: "إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يستشِر الرئيس الأمريكي أولئك الذين يعيشون في الفِناء الخلفي لروسيا"؟ – في إشارة إلى القادة الأوروبيين.
واختتمت الصحيفة بالقول إن "ترامب يظنّ أنّ بإمكانه أنْ يغسل يديه من أوكرانيا إذا رفضتْ هي وأوروبا هذه الصفقة، ومن الواضح أن ترامب قد سئم الحرب، لكنّ مهادنة بوتين ستظل تطارد ترامب مدّة رئاسته؛ وإذا كان الرئيس الأمريكي يظنّ أن الناخب الأمريكي يكره الحرب، فلينتظر ويرى كيف أن هذا الناخب يكره الخزي والعار"، وفقاً لوول ستريت جورنال.
وإلى صحيفة مورنينغ ستار البريطانية، حيث نطالع افتتاحية بعنوان "مجابهة حُمّى الحرب التي تجتاح القارّة".
رأت الصحيفة أن "حُمّى الحرب اجتاحتْ بالفعل الدوائر السياسية الأوروبية"؛ ففي ألمانيا – ظهر قانون جديد يفرض على كل مواطن بلغ من العمر 18 عاماً أن يسلّم نفسه للتجنيد؛ وفي فرنسا – أثار قائد القوات المسلحة فابيان ماندون عاصفة سياسية حين حذّر من أنّ الأمة الفرنسية يجب أن تكون على استعداد لكي "تخسر أبناءها"، مع اقتراب شبح حروب أوروبية.
وفي بريطانيا مؤخراً، أثارت وزارة الدفاع لَغطاً عبر بيانٍ اتهمتْ فيه سفينة روسية بالتجسس في "مياه بريطانية" – وفي المقابل لم تظهر تقارير بالقدر الكافي توضّح أنّ السفينة الروسية كانت خارج المياه الإقليمية البريطانية، وأنها لم تنتهك أياً من القوانين البحرية المتعارَف عليها.
ورأت مورنينغ ستار أنّ "من شأن مثل هذه التهويلات أن تستحضر شبح أوّل حرب مباشرة بين قوى عالمية منذ الحرب العالمية الثانية – والحرب الأولى التي يمتلك العديد من أطرافها سلاحاً نوويا".
ونبّهتْ الصحيفة إلى أن القوى الكبرى العالمية الآن في سباق على تعظيم قدرات ترساناتها النووية، ولا يتورّع القادة العسكريون عن التلويح مراراً وتكراراً بالاستخدام الفِعلي لهذه الأسلحة حال احتدام الصراع.
ولفتت مورنينغ ستار إلى حملة لنزع السلاح النووي تنطلق هذه الأيام، وتدعوا إلى وقف التوسّع النووي والحيلولة دون الذهاب للحرب، قائلة إن هذه الحملة "جاءت في وقتها".
ورأت الصحيفة أن الواقع الرهيب الذي تنطوي عليه الحروب النووية، ينبغي تعريف الجماهير بحقيقة وَيلاته، بحيث ينشأ ضغط شعبي يُمارَس بدورِه على الساسة ومُتّخذي القرار.
وكذلك الحال فيما يتعلق بحقيقة مصادر إعادة التسلّح، والتي ستكون على حساب الإنفاق في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والمعاشات التقاعدية – كما اعترف بذلك رئيس حلف الناتو مارك روته.
ورأت مورنينيغ ستار أنّ الأصوات المناهضة للحرب، سواء ظهرتْ في أروقة السياسة أو الصحافة، يجب أن تكون أعلى صَدىً مما كانت عليه في أي وقت.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن ثمة حاجة عاجلة إلى العمل بمزيد من الجديّة من أجل مجابهة التهديد الخطير المُحدق بنا جميعاً والمتمثل في الزحف إلى الحرب بقيادة الطبقات الحاكمة.
ونختتم جولتنا من مجلة نيوزويك الأمريكية ومقال بعنوان "لماذا تعاقب الولايات المتحدة المهاجرين الشرعيين؟"، بقلم راؤول رييس.
ونوّه الكاتب إلى تعديلات جديدة مقترَحة على قوانين الهجرة إلى الولايات المتحدة، من الممكن - في ظلّها - أنْ يُمنَع الأجانب من الحصول على تأشيرة دخول للبلاد - سواء للعمل أو الزيارة أو العيش - لمجرّد معاناتهم من أمراض مثل السُكّري أو السِمنة أو أمراض القلب.
هذا فضلاً عن إمكانية رفْض تأشيرة الدخول بناءً على سِنّ المتقدّم للحصول على هذه التأشيرة، أو لمجرّد احتمال أنْ يشكّل هذا المتقدّم عِبئاً مالياً على الولايات المتحدة، وفقاً لصاحب المقال.
وقال راؤول إنّ هذه التعديلات، التي اقترحتْها وزارة الخارجية الأمريكية، قد تبدو للوهلة الأولى معقولة، لكنها عند التدقيق "غير ضرورية وغير عملية، بل وربما تكون غير قانونية".
ونبّه الكاتب إلى أن هذه التعديلات تفتح الباب للانتقائية وللتعامل غير العادل مع أشخاص يحاولون دخول البلاد عبر البوابة الشرعية وبالطريق القانوني.
ولفت صاحب المقال إلى عَوارٍ في هذه التعديلات؛ لأنّ المتقدّم للحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة يخضع بالفعل لفحوص طبية، لا سيما بخصوص الأمراض المُعدية.
ورأى راؤول أن الولايات المتحدة ليست في حاجة إلى تعديلات جديدة تتجاوز توصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بخصوص المهاجرين.
وأشار الكاتب إلى أنه وبموجب القانون الأمريكي، فإنّ معاقبة أيّ شخص لمجرد معاناته من السِمنة أو من أي مرض أو لمجرد أنه طاعن في السِن - تُعدّ شكلاً من أشكال العنصرية في واقع الأمر.
ولفت صاحب المقال إلى أن ثلاثة بين كل أربعة أمريكيين بالغين يعانون بالفعل من مرض مزمن واحدٍ على الأقل، وفقاً لإحصاءات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وخلص الكاتب إلى أنه لا يرى وَجْهاً لهذه التعديلات سوى الحَدّ من أعداد المهاجرين الشرعيين للولايات المتحدة، وأنّ إدارة ترامب إنما ترسل بتلك التعديلات، رسالة إلى المهاجرين مفادها أنهم يُنظر إليهم بعين الريبة – سواء فيما يتعلق بحالتهم الصحية أو بما يُحتمل أن يتسببوا به من ضرر للولايات المتحدة.
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة