قال الجيش الإسرائيلي إن الصليب الأحمر في طريقه إلى غزة لتسلم جثمان رهينة إسرائيلي آخر، وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد قالت إنها ستسلم في الـ 11 مساء اليوم بتوقيت غزة (الثامنة مساء بتوقيت غرينتش) جثة من وصفتهم بـ "أحد أسرى الاحتلال التي تم استخراجها اليوم في قطاع غزة" وذلك في إطار صفقة التبادل الحالية مع إسرائيل.
ويأتي ذلك عقب تصريحات لمسؤول رفيع في حركة حماس قال فيها إن الحركة تعتزم الإبقاء على السيطرة الأمنية في قطاع غزة خلال الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع الالتزام بنزع سلاح الحركة.
وقال محمد نزال، عضو المكتب السياسي للحركة، في مقابلة مع رويترز من الدوحة، حيث يقيم عدد من قيادات حماس، إن الحركة مستعدة لهدنة تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات لإعادة إعمار غزة المدمّرة، على أن تعتمد الضمانات المستقبلية على منح الفلسطينيين "أفقاً وأملاً" نحو إقامة دولة.
ودافع نزال عن إجراءات الحركة الأمنية في غزة، بعد تنفيذها إعدامات علنية يوم الاثنين، قائلاً إن تلك كانت "إجراءات استثنائية" خلال الحرب وإن الذين أُعدموا "مجرمون ارتكبوا جرائم قتل".
وقال إن حماس تقترح هدنة طويلة الأمد تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات لإعادة إعمار غزة، موضحاً أن الهدف من الهدنة "ليس التحضير لحرب جديدة، بل منح الفلسطينيين أفقاً وأملاً حقيقياً".
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رداً على تصريحات نزال إن إسرائيل ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار وتواصل تنفيذ التزاماتها، مؤكداً أن حماس مطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن في المرحلة الأولى، لكنها "لم تفعل بعد"، وأنها ملزمة بنزع سلاحها بموجب الاتفاق.
وجاء في البيان الإسرائيلي:"حماس تعرف مكان جثامين رهائننا، والاتفاق واضح: يجب نزع سلاح حماس دون أي استثناءات، وعليهم الالتزام بخطة النقاط العشرين، والوقت يوشك أن ينفد".
وقال البيت الأبيض لرويترز، تعليقاً على تصريحات نزال، إن الرد يكمن في تصريحات ترامب التي قال فيها الخميس: "لدينا التزام منهم، وأفترض أنهم سيلتزمون به".
وكانت حركة حماس قد حثت الوسطاء يوم الجمعة على الضغط من أجل تنفيذ الخطوات التالية في اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، بما في ذلك إعادة فتح الحدود والسماح بدخول المساعدات وبدء إعادة الإعمار وتشكيل إدارة واستكمال الانسحاب الإسرائيلي.
يأتي ذلك بالتزامن مع جهود فرنسية بريطانية، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، على وضع اللمسات الأخيرة على قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأيام المقبلة من شأنه أن يضع الأساس لنشر قوة دولية في غزة.
وتوقف القتال إلى حد كبير في غزة بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أيدتها مصر وقطر وتركيا التي شاركت في الوساطة، لكن الخطوات الإضافية تعطلت لأسباب منها اتهامات إسرائيلية لحماس بالتباطؤ الشديد في تسليم جثث رهائن قتلى.
وتشمل العناصر الأخرى العالقة في الخطة نزع سلاح حماس والحكم المستقبلي لغزة.
وقالت حماس إنها لا تزال ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار وتسليم جثث جميع الرهائن المتبقين، لكن العملية قد تستغرق وقتاً.
وأضافت حماس في بيانها أنّ جثامين الرهائن الإسرائيليين "التي تمكّنت من الوصول إليها جرى تسليمها مباشرة، فيما يتطلب استخراج باقي الجثامين معدات وأجهزة لرفع الأنقاض، وهي غير متوفرة حالياً بسبب منع الاحتلال دخولها".
ومع ذلك لا يزال فريق تركي مكون من 81 مسعفاً، ينتظر موافقة إسرائيل لدخول القطاع الفلسطيني للمشاركة في البحث عن جثث، وفق ما أفاد مسؤول تركي كبير لوكالة فرانس برس الجمعة.
وأشار المسؤول التركي طالباً عدم كشف اسمه إلى أن "إسرائيل لم تكن ترغب في البداية بأن تجري فرق تركية عمليات بحث" في غزة، نظراً إلى العلاقة القريبة بين أنقرة وحركة حماس الفلسطينية.
وأوضح أن السلطات الإسرائيلية "طلبت المساعدة من فريق قطري"، قائلاً إنه "من غير المعلوم حتى الآن متى ستسمح إسرائيل للبعثة التركية بدخول المنطقة".
وفي سياق متصل، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بأن مكافحة المجاعة في قطاع غزة "ستتطلب وقتاً"، داعياً إلى فتح كل المعابر المؤدية إلى القطاع المحاصر والمدمّر لـ"إغراقه بالغذاء".
وقالت المتحدثة باسم البرنامج عبير عطيفة في مؤتمر صحافي في جنيف إن البرنامج يدخل أغذية بمتوسط نحو 560 طناً في اليوم إلى غزة منذ بدء وقف إطلاق النار، إلا أن الكمية لا تزال أقل مما يحتاجه سكان القطاع.
وقالت عطيفة "وصلت 57 شاحنة الخميس (إلى جنوب ووسط غزة). نعتبر هذا إنجازاً، لكننا لم نصل بعد إلى مستوى يتراوح بين 80 و100 شاحنة يومياً".
كما دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الجمعة، جميع الأطراف الفاعلة إلى وضع حقوق الإنسان في صميم عمليات الإنعاش وبناء السلام، حتى يُصبح وقف إطلاق النار في غزة سلاماً دائماً.
وقال المفوض السامي في بيان من جنيف: "هناك ارتياح عالمي جماعي مع بوادر انتهاء هذه الحرب والمعاناة الإنسانية أخيراً، في هذه المرحلة الحرجة، لا بد من حشد الجميع لضمان استمرار هذا الزخم وتحقيق السلام والأمن الدائمين".
كذلك حذّرت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية حنان بلخي من أن انتشار الأوبئة في قطاع غزة أصبح "خارجاً عن السيطرة" فيما لم يعد يعمل في القطاع بأكمله سوى 13 مستشفى من أصل 36 وبشكل جزئي.
وقالت في مقابلة أجرتها معها فرانس برس إن القطاع الصحي في غزة "فُكّك ولم يتبقَّ سوى القليل جداً من نظام الرعاية الصحية في غزة".
بدوره قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الخميس أنّ معبر رفح سيعاد فتحه "الأحد على الأرجح"، لكنّ السلطات الإسرائيلية أعلنت في وقت سابق أنها لن تسمح بمرور المساعدات الإنسانية منه.
ولا تزال المساعدات تنقل إلى غزة من معبر كرم أبو سالم بشكل أساسي، لكن المنظمات الإنسانية تشتكي من بطء الإجراءات فيه.
واتهم قيادي كبير في حماس إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار عندما قتلت 24 شخصاً على الأقل في عمليات إطلاق نار منذ يوم الجمعة، وتحدّث عن تسليم قائمة بهذه الانتهاكات إلى الوسطاء.
ولم يردّ الجيش الإسرائيلي بعدُ على اتهامات حماس.
وقال في وقت سابق إن بعض الفلسطينيين تجاهلوا تحذيرات من الاقتراب من مواقع تمركز القوات الإسرائيلية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وإن القوات "أطلقت النار للقضاء على التهديد".
وذكر سكان في غزة أنهم شاهدوا طائرات مسيرة وطائرات حربية في سماء جنوب قطاع غزة مع سماع إطلاق نار متقطع من وقت لآخر.
ونقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصادر دبلوماسية عربية وأمريكية، قولها إن السعودية والإمارات والبحرين أصدرت تحذيرات للبيت الأبيض من أن جهود إنهاء الحرب مُعرّضة لخطر الانهيار، بسبب ما وصفوه بتساهل الوسطاء تجاه رفض حماس نزع سلاحها.
وحذّرت السعودية من أنه ما لم يكن هناك رد أمريكي حاسم وتغيير في نهج الوسطاء - مصر وقطر وتركيا - لفرض شروط الخطة على حماس، فإن الرياض لن تستمر في العملية، وفق حديث مصدر دبلوماسي سعودي للصحيفة.
وفي الرسائل المُوجَّهة إلى الولايات المتحدة، ذُكر صراحةً أن السعودية قد تُخفِض مستوى مشاركتها في تنفيذ خطة ترامب، وأنه من غير المُرجَّح حضور مؤتمر إعادة الإعمار الذي تُخطط مصر لاستضافته الشهر المُقبل.
وأعربت الإمارات عن موقف مماثل، لكنها ستواصل جهود إعادة الإعمار في الأجزاء الجنوبية من القطاع، حيث تسيطر إسرائيل عسكرياً. وأوضحت أنها لن تشارك في إعادة إعمار مناطق أخرى ما يُوضع إطار عمل لنزع سلاح حماس، ولسيطرة مدنية وأمنية كاملة من قبل قوات دولية، كما هو موضح في خطة ترامب.
ترامب هدّد الخميس بـ"قتل" عناصر حماس إذا واصلت الحركة "قتل الناس في غزة"، في إشارة على ما يبدو إلى الإعدامات الأخيرة بحق مدنيين فلسطينيين، بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانب آخر، بحث السفير المصري لدى بريطانيا أشرف سويلم مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول الجمعة، مسار تنفيذ المرحلة الثانية لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وقال السفير المصري إن باول أكد تعويل بريطانيا والمجتمع الدولي "على استمرار الدور المصري الفاعل في تنفيذ المراحل التالية من خطة إنهاء الحرب وتحقيق السلام، وكذلك حشد الجهود الدولية والإقليمية لإعادة إعمار غزة، من خلال المؤتمر الذى ستستضيفهُ مصر لهذا الغرض الشهر القادم".
كما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يدرس تقديم تمويل وخبرات للمساعدة في نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها وكالة فرانس برس الجمعة.
وبحسب الوثيقة التي أعدّها مكتب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، يتعيّن على الدول الأعضاء "تقييم واستكشاف سبل تمويل وتوفير الخبرة اللازمة لنزع السلاح" في غزة.