في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- في تطور مثير للجدل، تعثرت جهود التوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا و إسرائيل في اللحظات الأخيرة بسبب مطلب إسرائيلي بفتح "ممر إنساني" إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، وفقا لتقرير نشرته رويترز نقلا عن 4 مصادر لم تسمّها.
الاتفاق الذي جرى التفاوض عليه في باكو و باريس و لندن بوساطة أميركية، كان يهدف إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا، تشمل السويداء ذات الغالبية الدرزية، التي شهدت عنفا داميا في يوليو/تموز الماضي، أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
وبررت إسرائيل، التي تضم أقلية درزية، تدخلاتها العسكرية في سوريا بحماية الدروز ، بينما ترى دمشق أن هذا الشعار ذريعة لانتهاك سيادتها.
وأدى الخلاف حول الممر، الذي يفصل بينه وبين إسرائيل محافظتا درعا و القنيطرة ، إلى تعليق الإعلان عن الاتفاق خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك .
وفي تحليل لتداعيات الممر المقترح، أشار الدكتور حسن المومني، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، في حديثه للجزيرة نت إلى أن "الممر الإنساني يشكل انتهاكا للسيادة السورية"، محذرا من أن قبوله قد يفتح الباب لمطالب مماثلة في مناطق أخرى، مثل الساحل أو كردستان سوريا.
ومع ذلك، قلل من أهمية هذا الخلاف كعقبة رئيسية، مشيرا إلى تقدم المفاوضات.
واقترح المومني حلا وسطا عبر إشراف طرف ثالث، ك الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة، لضمان عدم سيطرة إسرائيل على الممر.
وأكد على الدور الأميركي الحاسم في الوساطة، الذي عزز الزخم الإقليمي لدعم استعادة السيادة السورية ورفع العقوبات.
وبين أن نجاح المفاوضات يتطلب بناء الثقة عبر خطوات متبادلة، مثل تطمين سوريا بشأن سيادتها وتخفيف مخاوف إسرائيل الأمنية، متوقعا التوصل إلى حل وسط قريبًا بدعم من الجهود الدبلوماسية الأميركية والأردنية، مما يمهد لعملية سلمية مستقبلية.
ومع تصاعد الجدل حول الأهداف الحقيقية للممر، حذر الخبير العسكري العميد مصطفى الفرحات من أن الممر الإنساني قد يكون ذريعة لتحقيق أهداف عسكرية إسرائيلية.
مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحكومة الإسرائيلية التي وصفها بالأكثر تطرفا، قد تستغل الممر لنقل أسلحة وتعزيز الاستخبارات، أو لتشكيل قوات موالية على غرار نموذج جنوب لبنان.
وشكك في دوافع إسرائيل من حماية الدروز ، معتبرا أنها شماعة للتدخل، وحذر من أن فشل المفاوضات قد يدفع بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في قطاع غزة- لتصعيد الهجمات الجوية، مستغلا التوترات لصرف الانتباه عن مشاكله الداخلية.
ورغم ضعف الجيش السوري في مواجهة إسرائيل تقليديا، أكد الفرحات أن المقاتلين السوريين قادرون على إلحاق خسائر عبر عمليات فدائية.
وأضاف أن أي تصعيد قد يعيد تنشيط مليشيات موالية لتنظيم الدولة أو جهة أخرى، مما يعقد المشهد، وختم بالتأكيد على أن التهدئة تخدم القوى الإقليمية والدولية، بينما يسعى نتنياهو للاستفادة من التوترات.
وفي سياق تحليل النيات الإسرائيلية، أوضح الباحث محمد السليمان من مركز جسور للدراسات أن إسرائيل تسعى من خلال الممر لتعزيز نفوذها الإقليمي عبر إبقاء المنطقة في حالة توتر، مستثمرة الجماعات المحلية لدعم أهدافها التوسعية.
ولفت، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن "الممر قد يُستخدم لجمع المعلومات الاستخباراتية وربط قيادات درزية بالسويداء"، محذرا من أنه قد يمهد لتحويل جنوب سوريا إلى بؤر استيطانية، وما إلى ذلك من تداعيات سياسية واجتماعية.
إسرائيل تنشئ خطًا دفاعيًا مع #سوريا#فيديو pic.twitter.com/dkGgqvdYGd
— سوريا الآن – أخبار (@AJSyriaNowN) October 18, 2024
وتحدث السليمان عن دعوات الانفصال أو التدخل الإسرائيلي التي قد تُحدث شرخا بين الدروز وباقي المكونات السورية، مما يهدد النسيج الاجتماعي في المنطقة ودول الجوار.
مشيرا إلى أن "مقاربة سوريا للمفاوضات قد تتغير بعد سقوط الأسد، لكنها ستواجه تحديات بسبب الخروقات الإسرائيلية والمصالح الدولية المتشابكة"، وأضاف أن الحل يعتمد على إرادة السوريين بعيدا عن التدخلات الخارجية.
مع تزايد التحديات أمام الممر المقترح، أكد الباحث مصطفى النعيمي، المتخصص في الشؤون السورية، أن المشروع لن يُستكمل بسبب تعارضه مع الرؤية الدولية لمنع تفكيك الدول، وتأثيره السلبي على أمن الطاقة والأمن الدولي.
وأوضح -للجزيرة نت- أن المشروع يناقض التوجه الأميركي لاستعادة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع التركيز على إنهاء الاشتباكات الداخلية في سوريا ودعم تعافيها.
وأشار إلى أن التوترات الحالية تؤخر الحل السوري، معتبرا أن التحدي الأكبر أمام الحكومة السورية هو استعادة الاستقرار.
وقدم النعيمي مقترحا ببناء شراكات داخلية عبر تعزيز التواصل بين المكونات السورية، تمتد إلى المستوى الإقليمي والدولي، لخلق مجتمع خال من العداء، مما يساعد في حل الأزمة داخليا ثم خارجيا، وقال إن الجهود الدبلوماسية يجب أن تركز على تعزيز الاستقرار الإقليمي لضمان نجاح أي اتفاق مستقبلي.