في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بينما تتوالى المجازر في قطاع غزة تحت نيران الاحتلال، يجد السكان أنفسهم في معركة يومية مع العطش بعدما جعلت إسرائيل من الماء سلاحا خفيا يطاردهم في بيوتهم وأماكن نزوحهم.
وفي خضم هذه الأزمة، برزت رواية إسرائيلية تزعم أن مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سرقوا أنابيب المياه وحوّلوها إلى صواريخ، مع مشاهد مقتطعة من سياقها تم ترويجها كدليل للسردية الإسرائيلية.
فريق "الجزيرة تحقق" تتبع في هذا التقرير خيوط هذا الادعاء، وكشف حقيقة هذه المشاهد، وخلفية وسياق الفيديو الذي اعتمد عليه كدليل.
في 14 أغسطس/آب الجاري، أعلن مكتب "منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق" "كوجات"(COGAT) عن خطة جديدة لتشغيل خطي أنابيب مياه من إسرائيل إلى غزة، وصفت بأنها "مبادرة إنسانية لتحسين وضع المياه".
What we are doing to improve the water situation in Gaza:
💧Two water pipelines from Israel to Gaza are operational, supplying millions of liters of water to Gaza each day.
💧The southern desalination plant is connected to the Israeli power grid (“Kela” line), which increases… pic.twitter.com/6gnpWDiTNQ
— COGAT (@cogatonline) August 14, 2025
لكن هذا الإعلان تزامن مع حملة رقمية إسرائيلية مضادة، إذ روجت حسابات وشخصيات عبر منصات التواصل مقطعا قصيرا قيل إنه يوثق لحظة استخدام أنابيب المياه في تصنيع عسكري لمهاجمة إسرائيل.
الفيديو قدم على أنه "دليل قاطع"، لكن تتبع خيوط القصة أظهر أنه ليس سوى مزيج من التضليل وإعادة تدوير لمواد إعلامية قديمة تم إخراجها من سياقها الحقيقي.
ولم يقتصر انتشار الادعاء على الداخل الإسرائيلي، فقد انتشر الفيديو باللغتين الإنجليزية والإسبانية، وكان أول من نشره حساب باسم "Ncole" على منصة إكس، تحت عنوان "سرقوا أنابيب المياه لصنع الصواريخ لقتلنا، والآن يجب علينا أن نزودهم بالمياه لأسباب إنسانية. لم يطلب من أي دولة أخرى على وجه الأرض أن تفعل شيئًا مجنونا كهذا".
Robaron las tuberías de agua para fabricar cohetes con el fin de asesinarnos, y aun así nos exigen seguir enviándoles agua por “razones humanitarias”.
A ningún otro país en el mundo se le ha pedido jamás algo tan absurdo.
— SissiEmperatriz 🇮🇱 (@GabyLob) August 16, 2025
التغريدة التي نُشرت يوم 14 أغسطس/آب الجاري، تبعتها سلسلة من التغريدات الإسرائيلية الأخرى التي كررت الرواية ذاتها بلغة أكثر حدة، من بينها تعليق يقول "لا يعلم الكثيرون أن أنابيب المياه التي زودت بها إسرائيل غزة لسنوات استخدمت في صناعة صواريخ لقتل الإسرائيليين، إن هذا مجتمع لا يقدس إلا الموت، ومنحهم دولة ضرب من الجنون".
هكذا، تحوّل مقطع قصير إلى أداة لتغذية سردية كاملة تسعى لتبرير الحصار والمجازر تحت غطاء إنساني، وإقناع جمهور عالمي بأن أزمة العطش في غزة هي نتاج "اختيارات الفلسطينيين" لا نتيجة سياسة ممنهجة للاحتلال.
Not many of you know this, but the water pipes that Israel provided to Gaza for years were used to make rockets to murder Israelis. Many around the world are ignorant of the fact that this society praises only death. Giving them a state is sheer lunacy.pic.twitter.com/LfStyshVko
— Vivid.🇮🇱 (@VividProwess) August 16, 2025
Robaron las tuberías de agua para fabricar cohetes con el fin de asesinarnos, y aun así nos exigen seguir enviándoles agua por “razones humanitarias”.
A ningún otro país en el mundo se le ha pedido jamás algo tan absurdo.
— SissiEmperatriz 🇮🇱 (@GabyLob) August 16, 2025
أجرى فريق "الجزيرة تحقق" تحليلا دقيقا للمقطع المصور باستخدام أدوات تحقق رقمية، وتبيّن أنه قديم ويعود إلى عام 2020، وقد نشر ضمن تحقيق استقصائي بعنوان "الصفقة والسلاح" في برنامج "ما خفي أعظم" على شاشة الجزيرة.
الفيديو الأصلي يكشف كيف تمكنت المقاومة من كشف شبكة أنابيب مياه مدفونة تحت الأرض في مناطق المستوطنات الإسرائيلية السابقة داخل غزة، وهي جزء من شبكة قديمة كانت تسرق المياه الجوفية من القطاع وضخها إلى الأراضي المحتلة.
وبالتدقيق، يتضح أن الأنابيب التي ظهرت في المقطع لم تكن جزءا من البنية التحتية الحديثة للمياه في غزة، ولم تنتزع من شبكات عاملة، بل كانت بقايا بنية استعمارية قديمة أعيد تدويرها في الرواية الإسرائيلية لتبرير الحصار وتشويه صورة الفلسطينيين.
تتزامن هذه الحملة مع انهيار المنظومة المائية في غزة، فقد صرح المدير العام لتخطيط المياه والصرف الصحي في بلدية غزة ماهر سالم أمس الأحد بأن البلديات عاجزة تماما عن تقديم الخدمات بسبب نقص المعدات والدخل ومنع الوصول إلى المناطق المتضررة، مؤكدا أن السكان يواجهون أزمة عطش خانقة في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل.