قال موقع 972 إن المستوطن الإسرائيلي ينون ليفي عاد إلى مسرح الجريمة في قرية أم الخير في الضفة الغربية المحتلة بعد أسبوع واحد من إطلاق النار على الناشط الفلسطيني عودة هذالين الذي تحتجز السلطات الإسرائيلية جثمانه.
وأشار الموقع -في تقرير بقلم سحر فاردي وباسل عدرا- إلى أن ليفي عاد يوجه فريق الحفر بهدوء على الأرض الفلسطينية الخاصة نفسها التي أطلق النار عليها، كأن شيئا لم يحدث، بعد أن احتجز لفترة وجيزة يوم الاثنين ثم وضع تحت الإقامة الجبرية، وأطلق سراحه يوم الجمعة.
وأشار التقرير إلى أن قاضية المحكمة التي نظرت في اعتقال ليفي حكمت بأنه "منع وقوع حادثة شارك فيها عشرات الفلسطينيين كانوا يلقون الحجارة"، وزعمت الشرطة أن الرصاصة التي اخترقت رئة الهذالين لم يعثر عليها قط، وكان ذلك كافيا لإصدار أمر بالإفراج الفوري عن ليفي.
وقال طارق الهذالين، ابن عم عودة، إن "القاتل جاء ووقف بجوار منازلنا مباشرة للإشراف على استمرار العمل الذي كان جاريا عندما أطلق النار على عودة". وأضاف "يشعرني هذا بالغثيان. هذه ذروة القمع، شيء لم نختبره من قبل. لو قتل ينون ليفي كلبا لواجه عواقب أشد".
بعد يوم من إطلاق النار، نصبت العائلة خيمة عزاء أمام المركز المجتمعي الذي قتل فيه هذالين، لكن الجنود اقتحموا الخيمة وطردوا المعزين والناشطين والصحفيين، واعتقلوا اثنين منهم، بعد أن اعتقل 20 قرويا الأسبوع الماضي، بينهم عزيز، شقيق هذالين، الذي اعتقل فور إطلاق النار عندما أشار ينون ليفي إليه للجنود.
وإلى جانب ذلك، رفضت السلطات الإسرائيلية تسليم جثمان هذالين لدفنه، مما أغرق القرية بأكملها في حالة من الحداد والحزن، وأعلنت عائلة القتيل إضرابا عن الطعام، وقالت إحدى النساء "إنهم يطالبون بشروط مهينة للإفراج عنه، أن لا يحضر الجنازة أكثر من 15 شخصا، وأن يدفن في يطا بدلا من أم الخير".
وقالت هنادي هذالين، زوجة القتيل: "منذ حادثة القتل ضاعفوا آلامنا. لن ننهي إضرابنا حتى يفرج عن الجثمان ونتمكن من إقامة جنازة تليق بعودة"، وقالت جارتها إيمان هذالين "كان عودة هو من روى للعالم قصص أم الخير والانتهاكات التي نواجهها. والآن أصبح هو القصة".
وأضافت إيمان أن "قوات الاحتلال تعتقل الناشطين المحليين وتطرد الصحفيين والمتضامنين من القرية لمواصلة القمع". وأوضحت "لهذا السبب قررنا إبراز دورنا كنساء والاحتجاج على هذا الظلم أملا في أن يسمع أحد صوتنا، سواء من الصحفيين أو المنظمات الدولية. نشعر بمسؤولية تجاه أطفال عودة، فوالدهم كان صوتنا في القرية. والآن، جاء دورنا للوقوف معهم ودعمهم".
ومع ذلك لا يزال ضجيج مصدر هذا الكابوس، أي حفارة المستوطنين، يتصاعد في وقت علم فيه القرويون أن المستوطنين الإسرائيليين يريدون إنشاء بؤرة استيطانية جديدة مجاورة لمركز أم الخير المجتمعي، حيث قتل هذالين.
وفي النهار، تجلس نساء القرية على فرش أرضية، يرددن أسماء الله الحسنى بهدوء، وفي جو من الحزن يتحدثن عن مشيئة الله، ويكررن الأسئلة نفسها التي لا إجابة لها: ماذا يحدث في المحكمة؟ متى سنتمكن من إقامة الجنازة؟ متى سيعود المعتقلون؟
ولكن الليالي هي التي لا تطاق -كما يقول التقرير- وكانت من أشدها ليلة الثلاثاء عندما اقتحم جنود مسلحون منزل هنادي بعد يوم واحد من فقدانها زوجها، والد أطفالها الثلاثة الصغار، مع أنها أرملة لا ينبغي أن يراها الأجانب خلال الأشهر الأربعة بعد وفاة زوجها.
وفي هذه الأثناء، كان 12 من أبناء القرية محتجزين، ويروي عيد الهذالين ابن عم القتيل، وهو فنان معروف وقيادي مجتمعي في أم الخير، أن 4 جنود طرقوا عليه الباب فجرا، وعندما وصلوا به إلى المركبات العسكرية، كان أخوه الأكبر عادل وأخوه معتصم هناك، فقيدوهم ووضعوهم في مركبة عسكرية.
ومع 4 رجال آخرين من أم الخير، نقلوا إلى مركز شرطة في مستوطنة غوش عتصيون، حيث يقول عيد "جلسنا في الخارج 10 ساعات معصوبي الأعين، وهناك اتهمونا بمهاجمة المستوطنين وإلقاء الحجارة يوم مقتل الهذالين، ثم "وضعونا في حافلة واقتادونا إلى سجن عوفر . وهناك، صعد الحراس إلى الحافلة، وقيدوا أيدينا خلف ظهورنا بأصفاد معدنية، وأجبرونا على خفض رؤوسنا. وإذا لم نفعل كانوا يضربوننا بالعصي ويهينوننا. امش يا كلب هل أنت حماس؟ هل أنت فتح؟ هل أنت حزب الله؟".
وعندما نزلنا من الحافلة -يقول عيد- قيدوا أقدامنا وعصبوا أعيننا، قبل أن يأخذونا إلى غرفة وأجبروني على خلع ملابسي بالكامل، ثم أجبروني على الجلوس عاريا وهم يضحكون، ربما كانوا يسجلون. طلبوا مني أن أسعل. ثم أعطوني ملابس السجن، وملابس داخلية، ونعالا. لا أعرف هل كانت الملابس نظيفة.
أمضى عيد ليلته في زنزانة مع 11 معتقلا، وفي اليوم التالي أحضروه إلى جلسة محكمة عن بعد، فأمر القاضي بالإفراج عنهم بكفالة قدرها 500 شيكل للشخص الواحد، ومنعهم من الاقتراب لمسافة 100 متر من مستوطنة الكرمل المجاورة لأم الخير أو مناقشة الحادثة لمدة 60 يوما.