طهران- في ذروة التوتر الإقليمي وبعد الضربات التي طالت المنشآت النووية الإيرانية ، يكشف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم رضائي، في لقاء خاص مع الجزيرة نت، عن موقف طهران من مستقبل البرنامج النووي والمفاوضات مع الغرب.
ويرد رضائي على التصريحات الأميركية والإسرائيلية، مؤكدا أن بلاده لم ولن تتنازل عن حقها في التخصيب، وأن التكنولوجيا النووية باتت "محلية راسخة، ولا يمكن اغتيالها بالصواريخ أو باغتيال العلماء".
وفيما يعيد تأكيد ثوابت طهران تجاه الاتفاق النووي، يلوّح بخيارات تصعيدية شاملة من تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وصولا إلى احتمال الخروج من معاهدة حظر الأسلحة النووية .
كما يكشف عن رؤية طهران لإعادة بناء قدراتها النووية في ظل العقوبات، ويرد على التساؤلات حول مستقبل الاستثمار في القطاع النووي، واحتمالات التفاوض مع واشنطن في ظل انعدام الثقة.
وفيما يلي نص الحوار:
هناك نقطتان أراهما مهمتين في هذا السياق، أولا، نعم، لقد ألحقوا أضرارا بمنشآتنا النووية، ونحن بدورنا بصدد التقييم والمراجعة لمعرفة حجم هذه الأضرار، وما زال من غير الواضح حتى الآن مدى الضرر بدقة، والتحقيق مستمر.
لكن النقطة الثانية الأهم أن إيران لن تتراجع عن تخصيب اليورانيوم. نحن لن نقبل إطلاقا بصفر تخصيب ولن نتنازل عن حقنا في امتلاك التكنولوجيا النووية والذي تنص عليه المادتان: الثالثة من النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرابعة من معاهدة حظر الأسلحة النووية، هذا حقنا المشروع وفق القانون الدولي.
أما بالنسبة للمعرفة والتكنولوجيا النووية في الجمهورية الإسلامية، فقد أصبحت محلية ومؤسساتية وقائمة على المعرفة. لا يوجد شيء، لا جهاز ولا منشأة، تم استهدافه بصواريخهم وأُخرج من الخدمة بشكل نهائي، بحيث لا يمكننا إعادة تشغيله.
لم يدمروا مصنعا أو مبنى لا يمكننا تفعيله من جديد. أبدا، كل شيء محلي الصنع، وحتى من خلال اغتيال علمائنا لن يستطيعوا القضاء عليه، لأنه واسع الانتشار وشامل على مستوى البلاد، وشعبنا كذلك لن يتنازل عن حقه في امتلاك التكنولوجيا النووية.
من البداية كانت مبادئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية في التفاوض ثابتة، في ظل أي من الإدارات الأربع الأخيرة في أميركا، بما فيها الحالية، نحن لم نتراجع ولم نغير موقفنا، بل هم من فعلوا ذلك، جاءت إدارة ووقّعت معنا الاتفاق النووي عام 2015، ثم جاءت أخرى ومزقته وانسحبت منه، وبعدها جاءت ثالثة حاولت إحياءه، والآن نسمع مجددا تصريحات جديدة في إدارة الرئيس دونالد ترامب .
موقفنا ثابت، في تلك الإدارة التي احترمت حقوقنا النووية، تمكنا من التوصل إلى اتفاق وهو ما حصل بالفعل، نحن لم نتراجع عن مبادئنا، بل على العكس، اتخذنا إجراءات مقابلة حيث أقرّ البرلمان حينها قانونا ألزم الحكومة بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%.
وبطبيعة الحال، إذا أرادوا مخاطبتنا بلغة القوة وإذا تصرفوا بطريقة غير منطقية، فستكون ردود أفعالنا أشد، كما حصل بعد هجوم الكيان الصهيوني على بلدنا، حين أقر البرلمان قانونا أصبح اليوم ساريا، يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي أننا لا نسمح حاليا لأي من المفتشين بالدخول إلى البلاد ولم نمنحهم الإذن بالتفتيش، ولن نفعل.
ولدينا في المستقبل عدة خيارات، فجميعها مطروحة على طاولتنا، نحن لم نستخدم كثيرا من أدواتنا في الحرب الأخيرة، ولا في الساحة الدبلوماسية، وإذا تطلب الأمر، لدينا خيار الانسحاب من معاهدة حظر الأسلحة النووية، ورغم أننا لم نفعل ذلك بعد، يمكننا جعله قانونا في البرلمان إذا اشتد الضغط علينا، وإذا تم التعامل مع شعبنا بلغة غير محترمة، فبوسعنا تفعيل خيارات أخرى.
ما يهمنا وأساس موقفنا هو استيفاء حقوق شعبنا، السياسية، والنووية، والاقتصادية. ونحن متشائمون جدا بشأن التفاوض بسبب التجارب السلبية مع الأميركيين خلال السنوات الأخيرة حيث كانوا ينقضون العهود، وفي آخر مراحل المفاوضات أشعلوا الحرب.
ومع ذلك، إذا كانت هناك مباحثات تؤدي إلى منافع اقتصادية لشعبنا، وإلى رفع العقوبات، وإلى الاعتراف بحقوقنا النووية، بما في ذلك التخصيب، فسوف ندرسها.
من الأفكار المطروحة تشكيل كونسورتيوم للتخصيب النووي (ائتلاف)، يتم تنفيذه بشكل مشترك بين إيران ودول أخرى، نحن نرحب بذلك وبأي نشاط نووي مشترك سواء في مجال التخصيب أو بناء محطات الطاقة وغيرها.
نحن قبل الثورة الإسلامية في عام 1979، تعاونّا مع الأميركيين لبناء مفاعل طهران البحثي، وفي العقود الأخيرة بعد الثورة كذلك، كان لدينا مشروع مشترك مع الروس لبناء محطة بوشهر النووية.
نحن نرحب بالتعاون أيضا في مجال التخصيب، سواء عبر كونسورتيوم أو بأي شكل آخر. لكن هذا لا يعني أننا سننقل التخصيب إليه ونوقفه داخل إيران. لا، هذا موضوع مختلف. التخصيب سيستمر داخل البلاد، ولن نتنازل عن حقنا.
نحن بصدد التقييم والدراسة ولا يمكننا الآن إصدار حكم دقيق، على منظمة الطاقة الذرية أن تُنهي تحقيقاتها وتقدم تقريرها إلى البرلمان وباقي الجهات، ثم نعلن النتائج.
ما يمكنني قوله الآن هو أن ما حصل أن الحرب استمرت 12 يوما، وقد بدأها الصهاينة بعدوانهم وبدعم أميركي، ثم استمرت بمشاركة الأميركيين، وعندما عجز الصهاينة تدخل الأميركيون مباشرة في هذه الحرب، لكننا لم نتراجع عن أهدافنا.
في هذه الحرب تمكنّا من توجيه ضربات مؤثرة وفاعلة إلى الكيان الصهيوني، ومن ثم إلى الأميركيين. لقد عاقبنا الكيان الصهيوني وتعاملنا معه، وأثبتنا اليوم لهم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قادرة على الدفاع عن نفسها وعن سيادتها، وأنها حتى وإن كان الثمن حربا، لن تتنازل عن حقوقها.