كشفت دراسة علمية واسعة أُجريت في الولايات المتحدة أن اعتماد نهج فردي في الكشف عن سرطان الثدي (فحوصات تهدف إلى اكتشاف المرض مبكرا) يقوم على تقييم مخاطر كل امرأة، بدلا من الاكتفاء بإجراء تصوير الثدي الشعاعي السنوي لجميع النساء، يمكن أن يقلل من احتمال تشخيص سرطانات في مراحل متقدمة، مع الحفاظ على سلامة برامج الفحص.
وشملت الدراسة 46 ألف امرأة شاركن في المرحلة الأولى من دراسة WISDOM، التي نسقتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، ونشرت نتائجها في مجلة JAMA، كما عُرضت خلال مؤتمر سان أنطونيو لسرطان الثدي.
وأظهرت النتائج دعما واضحا للتحول من نهج تقليدي يعتمد على العمر وحده في تحديد مواعيد الفحص، إلى نهج يبدأ بتقييم شامل للمخاطر (تقدير احتمال الإصابة بالمرض) من أجل وضع جدول فحص مخصص لكل امرأة.
وقالت مديرة مركز رعاية الثدي في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، لورا جي إيسرمان، والمؤلفة الأولى للدراسة، إن هذه النتائج "ينبغي أن تُحدث تحولا في الإرشادات السريرية الخاصة بالكشف عن سرطان الثدي وتغيّر الممارسة الطبية".
يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء في الولايات المتحدة، باستثناء سرطانات الجلد. وعلى مدى عقود، افترضت برامج الكشف أن جميع النساء يواجهن مستوى الخطر نفسه، رغم وجود أدلة على أن المخاطر الفردية تختلف بشكل كبير.
وقارنت دراسة WISDOM بين التصوير الشعاعي السنوي للثدي وبين نهج جديد قائم على المخاطر الفردية. وتم تصنيف المشاركات إلى أربع فئات، استنادا إلى العمر، والعوامل الجينية (الصفات الوراثية)، ونمط الحياة، والتاريخ الصحي، وكثافة أنسجة الثدي، باستخدام نماذج مخاطر معتمدة علميا.
وأظهرت الدراسة أن هذا النهج القائم على المخاطر لم يؤد إلى زيادة في تشخيص سرطانات في مراحل أكثر تقدما. كما أُتيح للمشاركات اللواتي لم يرغبن في الخضوع للتوزيع العشوائي الانضمام إلى مجموعة رصدية، حيث اخترن بأنفسهن أسلوب الفحص، واختارت 89 في المئة منهن الفحص القائم على المخاطر.
وقال أحد الباحثين المشاركين في الدراسة إن تحويل الموارد من النساء ذوات الخطر المنخفض إلى النساء ذوات الخطر المرتفع يمثل نهجا فعالا وكفؤا في الكشف عن سرطان الثدي والوقاية منه.
وبيّنت الدراسة أن 30 في المئة من النساء اللواتي حملن متغيرات جينية تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي لم يكن لديهن تاريخ عائلي للمرض، وهو ما يعني أنهن، وفق الإرشادات الحالية، لم يكنّ ليُعرض عليهن إجراء فحوصات جينية.
وإلى جانب المتغيرات الجينية المعروفة مثل BRCA1 وBRCA2 (جينات مرتبطة بارتفاع خطر سرطان الثدي)، أخذت الدراسة في الاعتبار تغييرات جينية أصغر، جرى دمجها ضمن ما يعرف بدرجة الخطر متعددة الجينات (مؤشر يجمع تأثير عدة تغييرات وراثية)، ما زاد دقة التنبؤ ونقل ما بين 12 و14 في المئة من المشاركات إلى فئة خطر مختلفة.
ومنذ إطلاقها في عام 2016، سجلت دراسة WISDOM أكثر من 80 ألف امرأة، وتواصل حاليا تطوير أدوات تقييم المخاطر من خلال مرحلة جديدة تهدف إلى تحديد النساء الأكثر عرضة للإصابة بسرطانات ثدي عدوانية في سن مبكرة، تمهيدا لتقديم برامج فحص ووقاية مخصصة تدعم صحتهن على المدى الطويل.
المصدر:
يورو نيوز