تشهد الأبحاث العلمية في مجال السرطان تطورا مستمرا لفهم الآليات البيولوجية التي تساهم في تطور المرض، خاصة في ظل تزايد معدلات الإصابة بأنواع عدوانية منه بين فئات عمرية أصغر.
وفي هذا السياق، كثّف فريق من العلماء من المملكة المتحدة جهودهم لدراسة الخصائص الخلوية لسرطان الأمعاء، في محاولة لتحديد العوامل التي تساهم في سلوكه المعقّد وانتقاله إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وتوصلت الدراسة، التي أجراها مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة واسكتلندا، بالتعاون مع جامعة إدنبرة، إلى أن خلايا سرطان الأمعاء قادرة على "تغيير هويتها" لتشبه خلايا الجلد أو العضلات، ما يجعلها أكثر عدوانية وقدرة على الانتشار في الجسم.
وأوضحت أن تحوّل خلايا القولون إلى أنواع أخرى من الخلايا – وهي عملية تعرف باللدونة الخلوية – يعد خطوة محورية في تطور سرطان الأمعاء وانتقاله إلى أعضاء أخرى.
وبيّن العلماء أن هذا "التنكر الخلوي" يسمح لخلايا السرطان بتشابهها مع خلايا الجلد، المعروفة بتحملها للظروف البيئية القاسية، أو مع خلايا العضلات، التي تتميز بالصلابة، ما يمنحها قدرة أكبر على البقاء والانتشار.
وركزت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature، على جين يعرف باسم Atrx، سبق ربطه بأنواع عدوانية من سرطان الأمعاء. وأظهرت التجارب التي أجريت على عينات بشرية وأخرى من فئران، أن فقدان هذا الجين يساهم في زيادة النقائل السرطانية إلى الكبد والعقد الليمفاوية والحجاب الحاجز.
ويأمل العلماء أن يؤدي اكتشاف هذه الآلية إلى تطوير علاجات جديدة تستهدف وقف تحول الخلايا ومنع انتشار المرض، ما يعزز فعالية العلاجات الحالية.
وقال الدكتور كيفن ميانت، من معهد علم الوراثة والسرطان بجامعة إدنبرة:
"مع ازدياد إصابة الشباب بسرطان الأمعاء، من الضروري فهم كيف ينمو هذا المرض ويتحول. دراستنا توضح أن السرطان قد ينتشر عن طريق تغيير شكله ليشبه خلايا الجلد أو العضلات، ما يصعّب من علاجه".
وأضافت الباحثة الرئيسية، الدكتورة باتريزيا كاماريري: "يبدو أن الخلايا السرطانية تلجأ إلى هذه الاستراتيجية لتصبح أكثر مقاومة وتنتشر بشكل أوسع في الجسم، تماما كما تفعل خلايا الجلد في مواجهة البيئة المحيطة".
الجدير بالذكر أن دراسة سابقة نُشرت في مجلة "لانسيت" لعلم الأورام، أظهرت أن معدلات الإصابة المبكرة بسرطان الأمعاء بين الفئة العمرية 25–49 عاما في ازدياد في 27 من أصل 50 دولة خضعت للبحث، مع معدلات أعلى لدى الشابات في اسكتلندا وإنجلترا مقارنة بالشباب.
المصدر: إندبندنت