برعاية جامعة ساو باولو ونقابة الصحفيين البرازيليين والمنتدى الفلسطيني اللاتيني ودار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر، وبحضور المؤلفين والناشرين، وعلى مدى أربعة أيام من 5 إلى 8 مايو/أيار الجاري، أطلقت دار ميدل إيست مونيتور ثلاثة كتب مترجمة إلى اللغة البرتغالية:
في حديث للجزيرة نت، يقول نور مصالحة "توقيت صدور كتابي الأول جاء بسبب المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وقد اكتشفنا الكثير من المجازر التي ارتكبت في عام 1948 وما بعده، وبالتالي هناك استمرارية، وهنالك فهم إسرائيلي بأن الحرب على قطاع غزة هي استمرار لما جرى في عام 1948. وهم يتحدثون عن نكبة جديدة بكل صراحة وفخر".
ويضيف مصالحة "كتابي (فلسطين.. أربعة آلاف عام في التاريخ) يركز على طرد الفلسطينيين من أرضهم، وهو يساعد على فهم جذور وأسباب ما يحدث اليوم في غزة. أنا أؤمن بأن جذور ذلك كامنة في الفكر والممارسة الصهيونية ".
ويتابع مصالحة "نحن نمتلك ذاكرة جمعية تغنينا عما جاء به الغربيون مثل شكسبير وهيرودوتس، الذين تحدثوا عن فلسطين. كل المؤرخين والجغرافيين العرب كتبوا عن فلسطين".
ويستطرد "كل مدن فلسطين كانت تجارية، وفي مرحلة لاحقة أصبحت صناعية، كما هو الحال في مدينة نابلس التي نهضت في الفترة المملوكية، واشتهرت بصناعة الحلويات والزيوت والصابون، وكذلك صناعة الزجاج في مدينة الخليل التي كانت تصدر منتجاتها إلى ألمانيا والصين. وبسبب موقعها الإستراتيجي على تقاطع ثلاث قارات، لعبت فلسطين دورا في التجارة العالمية، وهذا ما يكشفه ويؤكده علم الآثار".
وفي حديث آخر مع الجزيرة نت، يقول أحمد الزعبي "أسعى في كتابي إلى البحث عن الهوية الفلسطينية في شتاتها بأميركا اللاتينية. لقد كانت الجاليات قوية في تشيلي والسلفادور وهندوراس، وهي البلدان التي تناولتها أطروحتي للدكتوراه حول الصحافة الإنسانية، بالإضافة إلى البرازيل والأرجنتين".
ويضيف الزعبي: أوضح في كتابي "الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية.. دراسات حول الإعلام والهوية" أن الروابط لا تزال قائمة، حتى مع وجود تكامل واضح في المجتمعات المضيفة.
ويقول "إن ذكرى الخروج القسري تنتقل عبر الأجيال، ويبدو انتماء المهاجرين واللاجئين وأحفادهم إلى فلسطين واضحا عندما يتحدثون عن المشاعر والعادات ووسائل الإعلام، التي لا تقدم رؤية محايدة للأرض المحتلة حتى يومنا هذا".
وعن ثقة الجاليات الفلسطينية بالإعلام المحلي، يوضح الزعبي "أن تلك الجاليات الفلسطينية، بنسبة كبيرة جدا، لا تثق في الإعلام المحلي في الدول المضيفة، وتتلقى أخبارها من خلال الاتصال المباشر بالأهالي والأصدقاء في فلسطين أو في مخيمات الشتات كالأردن وسوريا ولبنان. هذا أولا، ثم من خلال متابعة الأخبار عبر شبكة الجزيرة الإعلامية ومواقع إخبارية مثل ميدل إيست مونيتور وميدل إيست آي والعربي الجديد، بسبب الانحياز الكبير والواضح في التغطية الإعلامية لرواية الاستعمار الصهيوني، والتي تعتمد بشكل كبير على الوكالات الدولية المنحازة للإمبريالية العالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا".
View this post on Instagram
ويقول نور مصالحة "أركز في جميع كتبي على تاريخ وتراث فلسطين الطويل، وهو أمر غير معروف للناس هنا في البرازيل. أريد أن أقول للناس إن المدن الفلسطينية موجودة منذ آلاف السنين، وإن أريحا هي أقدم مدينة في العالم، وإن غزة كانت مدينة مشهورة ومعروفة عبر التاريخ، وقد كانت تتاجر مع الصين والهند وأوروبا، وكان لها مرفآن، على خلاف كل المدن الساحلية الأخرى التي كان لديها مرفأ واحد، لأن تجارة غزة كانت أكبر بكثير من غيرها، ولهذا كانت من أغنى المدن الفلسطينية".
ويقول الزعبي "تاريخيا، كانت شعوب أميركا اللاتينية داعمة للقضية الفلسطينية، إلى جانب بعض الحكومات ذات التوجه اليساري، لكن في المقابل، فإن التغلغل الإسرائيلي في هذه الدول عميق وممنهج".
ويضيف: بالنظر إلى تقرير ماكبرايد، أو "أصوات عديدة وعالم واحد"، الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( يونسكو ) عام 1980، يتضح مدى الحاجة إلى إقامة نظام عالمي جديد للإعلام والاتصال، يهدف إلى تقليص الفجوة الإعلامية بين الدول المتقدمة والدول النامية، والحد من التأثيرات السلبية لهيمنة الإعلام الدولي على استقلال الدول الثقافي، لا سيما في أميركا اللاتينية. وقد سبق إصدار التقرير مبادرة اليونسكو بإنشاء "اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلام" عام 1976 برئاسة السياسي والصحفي الأيرلندي شون ماكبرايد، لدراسة القضايا المرتبطة بالاتصال الجماهيري على المستوى العالمي، وخاصة في ظل التفاوت الهائل في الوصول إلى المعلومة وصناعة الخطاب.
ويرتبط تشويه الأخبار المتعلقة بفلسطين بما تناوله التقرير من قضايا، ويفصل الزعبي "مثل تركز ملكية وسائل الإعلام في أيدي قلة من الجهات النافذة، مما يفتح المجال أمام التلاعب بالسرد الإعلامي وتقديم روايات أحادية الجانب. وفي سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كثيرا ما ينتج هذا التركز تغطية إعلامية تنحاز إلى السردية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية، مما يعيق الإدراك الشعبي العادل للقضية في المجتمعات اللاتينية".
View this post on Instagram
وفي حوار مع الجزيرة نت، تقول المحررة الأولى في دار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر ريتا فريري "قررت دار نشر ميدل إيست مونيتور توفير هذه الكتب الأساسية عن التاريخ الفلسطيني للقارئ البرازيلي لأن الرواية الإعلامية عن فلسطين تدور في جوهرها حول الصراع مع إسرائيل، وتصور إسرائيل على أنها تدافع دائما عن نفسها ضد العدوان والإرهابيين الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، تمحى فلسطين الحقيقية وتجرم مقاومتها".
وتضيف فريري "نريد أن نسهم في استعادة ما محي من الذاكرة، ولذلك ترجمت أعمال نور مصالحة، التي تروي قصة فلسطين منذ آلاف السنين وحتى اليوم، إلى اللغة البرتغالية. في كتابين، يتحدث مصالحة عن أربعة آلاف عام من تاريخ هذه الأرض، بالإضافة إلى مساهمة فلسطين الثقافية الطويلة التي قدمتها للعالم".
وتوضح أن "إظهار نوايا الصهيونية منذ بداياتها أمر مهم لفهم نوايا أولئك الذين يدعمون إسرائيل اليوم، ولخلق مواقف نقدية لدى الناس، وزيادة الوعي بخطة التطهير العرقي والإبادة الجماعية المتعمدة والمستمرة، وتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني".
وتتابع فريري "هذا بالإضافة إلى أننا أطلقنا كتابا باللغة البرتغالية لأحمد الزعبي، يتناول الهجرة الفلسطينية إلى أميركا اللاتينية واستمرار النضال الفلسطيني حتى خارج أرضه. وبهذا، نسهم في إبراز أن الشعب الفلسطيني لا يزال حيا حتى بعد تهجيره، ويحافظ على الصلة بين أميركا اللاتينية وفلسطين حتى اليوم".
وتختم فريري "هذه قصص علينا كشفها لأن إخفاء هذه الحقائق هو ما يديم عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه وذاكرته".