آخر الأخبار

الكتابة على الهوامش: معيار للتركيز أم دليل على سهو القارئ؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

يعود الاهتمام بالكتابة في الهوامش إلى عصر ليوناردو دافينشيصورة من: International Institute of Social History, Amsterdam

في العصر الحديث، أصبح الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس، والتطبيقات التي تعرض مقاطع فيديو تتناول شتى مناحي الحياة مثل تيك توك ويوتيوب، هو السمة الغالبة لمعظم الشباب من أبناء هذا الجيل. وبالرغم من ذلك، مازال بعض علماء النفس يسبرون أغوار فن القراءة باعتبارها هواية لا تندثر، ولا تزال الكتب من الأدوات الرئيسية لاكتساب العلم والمعرفة حتى بالرغم من اتساع تأثير شبكة الانترنت باعتبارها المصدر الأساسي الآن للتعلم والتثقف. وتعتبر الكتابة في الهوامش من السلوكيات التي يمارسها بعض هواة القراءة أو يلجأ لها البعض أثناء الاستذكار.

البداية من عصر دافينشي

ويقصد بها تدوين بعض الملاحظات التوضيحية أو الخواطر على هامش الكتاب أثناء القراءة. وتعرف هذه الظاهرة في الإنجليزية باسم Marginalia وتعتبر مثار جدل بين المتخصصين حيث يراها البعض معيارا للتركيز أثناء القراءة وتسليط الضوء على النقاط المهمة، ويعتبرها آخرون دليلا على السهو وانصراف الذهن عن النص المكتوب . ويعود الاهتمام بالكتابة في الهوامش إلى عصر ليوناردو دافينشي، حيث يقال إن الفنان الشهير دون خواطره عن نظرية الجاذبية على الهامش قبل أن يطرح العالم جاليلي جاليليو أفكاره عن الأجسام الساقطة التي أفضت في نهاية المطاف عن اكتشاف نظرية الجاذبية، بمعنى أن مبادئ قانون الجاذبية الأرضية كانت نصب أعين البشر على هوامش مخطوطات أورندل التي كتبها دافينشي خلال الفترة ما بين عامي 1480 و1518، قبل سنوات من ظهور هذه النظرية التي غيرت مجرى العلم. وعلى مر التاريخ ، اشتهر أدباء عظماء بكتابة خواطرهم وأفكارهم على هوامش الكتب أمثال إدجار آلان بو وهيرمان ميلفيل، وقد ساعدت هذه التدوينات "الهامشية" الباحثين الذين جمعوا سيرتهم في أوقات لاحقة على فهم أفكار هؤلاء الأدباء بشكل أفضل وتوصيلها للأجيال التالية.

تذكر وفهم أفضل للمادة؟

ويحرص علماء النفس وطب الأعصاب على دراسة تأثير الكتابة على الهوامش على الجانب المعرفي للقراءة والكتابة. وقد توصلت دراسة علمية نشرتها الدورية العلمية Frontiers in Psychology المتخصصة في طب النفس أن الكتابة على الهامش أثناء القراءة تساعد العقل البشري على تذكر وفهم المادة المكتوبة أو المقروءة بشكل أفضل. وأجرت الباحثة ماريان وولف مدير مركز علاج مشكلات عسر القراءة التابع لجامعة كاليفورنيا لوس أنجليس الأمريكية بحثا يتناول أهمية كتابة التعليقات التوضيحية، وقالت في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني "ساينتيفيك امريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية إن "الكتابة في الهوامش تساعد على فهم المادة المكتوبة بشكل متعمق مما يسهم في تطوير طريقة تفسير القارئ للنص".

وفي تصريحات للدورية العلمية Journal of Language Learning and Teaching المتخصصة في مجال تعليم اللغات، يقول الباحث ديميت يالي المتخصص في تدريس اللغات الأجنبية من جامعة تركيا إنه خلال ورش العمل المتخصصة في تعليم فنون الكتابة، تنطوي التعليقات التوضيحية أو الكتابات في الهامش على أهمية بالغة في مساعدة الطلاب على التعبير عن تفسيراتهم الخاصة للنصوص والاحتفاظ بنوع من "استقلالية التعلم".

ووجدت كاثي مارشال الباحثة في مختبر ميكروسوفت والمتخصصة في مجال الكتابة الرقمية أن الطلاب في العديد من الجامعات كانوا يبحثون في الماضي لدى تجار الكتب المستعملة عن نسخ الكتب العلمية القديمة التي تحتوي على كتابات في الهامش، باعتبار ان هذه الكتابات تمثل خلاصة منقحة لفحوى المادة العلمية في الكتاب. ولكن الاهتمام بالكتابات على الهامش انحسر لدى الطلاب في السنوات الأخيرة مع اعتمادهم على النصوص الأصلية في مكتبات الجامعات ودور الكتب أو المواقع العلمية على الإنترنيت . وفي السنوات الأخيرة، تزايد اهتمام علماء الاجتماع والباحثين بدراسة حواشي الكتب وظهرت دراسات عديدة لتفسير وظيفتها والمغزى منها في المراحل المختلفة من تاريخ البشرية.

المواقع والكتب الإلكترونية

ووجدت دراسة للمخطوطات التي تعود للعصور الوسطى أن بعض الرموز كانت ترسم على الهامش للتعبير عن معاني معينة، مثل رسم أشكال لقواقع للتعبير عن الفرسان الذين يرتدون الدروع، أو إضفاء لمسة فكاهية أو للتسرية عن القارئ بشكل عام. ويقول باحثون إن بعض الكتاب كانوا يدونون على هوامش مخطوطاتهم خشية أن يتركوا مساحة فارغة على المخطوطة، او كشكل زخرفي يضفي لمسة جمالية على الكتاب.

وقد تناولت الكاتبة كاثلين ويلش في مقال بجريدة "الغارديان" البريطانية الاتجاهات الحديثة للكتابة على الهامش، وذكرت أن كتابة التعليقات التوضيحية بجانب النصوص في المواقع الإلكترونية، وهي خاصية تتيحها بعض المواقع أو أجهزة القراءة الإلكترونية تختلف إلى حد كبير عن مفهوم الكتابة على الهوامش من الناحية الأكاديمية البحتة، ولكنها ترى أنه ما دامت هذه التعليقات تؤدي الغرض منها من حيث ترسيخ أفكار معينة عند القارئ خلال محاولة فهم النص، فإنها تظل مقبولة. ويقول الخبراء إن مفهوم الكتابة على الهامش قد يتسع ليشمل قيام البعض بتسطير عبارات أو فقرات بعينها في كتاب معين أو حوار ورد على لسان شخصية خيالية في رواية أدبية، ولكن عندما يحاول غيرهم فهم المغزى من هذه السطور أو تخمين مدلول المكتوب على هامش كتاب معين، فقد تبدو هذه التعليقات غير مفهومة وغامضة. وفي نهاية المطاف، فإن الكتابة في الهامش ورسم الخطوط تحت العبارات بالقلم الجاف أو الرصاص أو حتى بالحبر الفسفوري لا يوجد منها أي ضرر بل وقد تسهم في استيعاب المادة المكتوبة بشكل أفضل.

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار