كشفت تحليلات الحمض النووي لهياكل عظمية عثر عليها في أنقاض مدينة كوبان الأثرية في هندوراس (المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي) عن أدلة جديدة حول انهيار حضارة المايا.
وتمكن الفريق البحثي الدولي من كشف النقاب عن أحد أعظم الألغاز التاريخية، حيث أظهرت النتائج المنشورة في مجلة Current Biology أن المدينة شهدت انكماشا سكانيا حادا قبل 1200 عام، بالتزامن مع التغيرات المناخية التي أثرت على المنطقة.
وكشفت التحليلات الجينية عن هجرة سكانية غير معروفة سابقا بين مدينة كوبان ومناطق المايا الشمالية في المكسيك وبليز، ما يدحض الفكرة السابقة عن عزلة هذه المدينة. كما أظهرت النتائج روابط جينية مدهشة بين سكان كوبان القدامى وشعوب المايا المعاصرة في أمريكا الوسطى والجنوبية، بما في ذلك مناطق الأنديز والبرازيل والأرجنتين.
والأكثر إثارة هو ما كشفته الدراسة عن التغيرات الديموغرافية الدراماتيكية التي شهدتها المدينة. فبعد أربعة قرون من الازدهار كمركز تجاري رئيسي يربط أمريكا الوسطى بأمريكا الجنوبية، بدأت كوبان تشهد انكماشا سكانيا حادا منذ نحو 1200 عام.
وهذا التراجع السكاني تزامن مع الفترة التي شهدت فيها مدن المايا الكلاسيكية الأخرى انهيارا متسارعا.
ويربط الباحثون بين هذا الانهيار الديموغرافي والتغيرات المناخية الحادة التي ضربت المنطقة بين القرنين التاسع والحادي عشر الميلاديين، حيث أدت موجات الجفاف المتتالية إلى تفاقم النزاعات الداخلية وزعزعة الاستقرار الاجتماعي. ومن المثير للاهتمام أن الدراسة لاحظت أن مناطق مثل جبال الأنديز شهدت انتعاشا سكانيا لاحقا، ربما بسبب صعود حضارة الإنكا.
وتكمن أهمية هذه الاكتشافات في أنها تقدم منظورا جديدا لفهم انهيار الحضارات القديمة، حيث تجمع بين الأدلة الجينية والتاريخية والمناخية لتكوين صورة أكثر اكتمالا عن أحد أعظم التحولات الحضارية في تاريخ الأمريكتين.
المصدر: إندبندنت