يجتاز
لبنان الممر الانتقالي بين عامين وهو يقف عند مفترق تحديات واستحقاقات لا تزال تتّسم بطابع الخطورة، ولو أنه يسجل له أنه شهد اختراقات وصف بعضها بالتاريخي في السنة الراحلة، ولا سيما منها قرارات حصر السلاح والاتجاه إلى المفاوضات مع
إسرائيل عبر لجنة "الميكانيزم"، لتجنيب لبنان تجرّع أكلاف مدمرة جديدة لحرب تهوّل بها إسرائيل على مدار الساعات.
وتمحورت الحركة السياسية بشكل أساسي، على خط القصر
الجمهوري ، حيث استقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب ملحم رياشي موفدًا من رئيس حزب "القوات
اللبنانية " سمير جعجع، وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد والملفات السياسية عموما وتلك العالقة منها خصوصا.
وأشار رياشي لـ "نداء الوطن" إلى أن شكل الزيارة يعكس مضمونها، أي أنها أتت لتأكيد العلاقة الوطيدة والصريحة بين "القوات" والرئيس
عون. وإذا كان هناك من اختلاف في وجهات النظر والآراء في بعض
القضايا ، فلا يفسد للود قضية.
وقال النائب سجيع عطية بعد زيارته بعبدا «لا يزال فخامته يشدد على ان الانتخابات ستتم في موعدها، وقد اوعز الى السلطة التنفيذية لتقوم بمهامها، علما ان لدي وجهة نظر بأن الأمور لا تزال صعبة سواء في الجنوب او غيره وهناك احتمال تأجيل تقني او اكثر قليلا، وهذا خاضع للنقاش في المجلس النيابي".
دبلوماسيًّا، أكد
وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي "أهمية بناء علاقات متوازنة مع إيران تقوم على احترام سيادة لبنان واستقلاله"، في رسالة رد فيها على تهنئة نظيره الإيراني عباس عراقجي بمناسبة عيد الميلاد وحلول عام 2026. وشدد رجي، على أن "السلام والازدهار هما ما يحتاج إليه كل من لبنان وإيران والمنطقة بأسرها"، داعيًا إلى "فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين". وجدد "الرغبة في إقامة حوار صادق وشفاف يعزز بناء الثقة بين لبنان وإيران"، مؤكدًا "ضرورة أن تكون العلاقة قائمة على مقاربة بناءة ترتكز على الاحترام المتبادل بين الدولتين". واعتبر رجّي أن "التعاون الثنائي يجب أن يتم بين حكومتي البلدين ومؤسساتهما الشرعية حصرًا، بما يحفظ سيادة واستقلال كل منهما، ويحقق رفاهية الشعبين اللبناني والإيراني".
ويشير خبراء في السياسات الأميركية وقضايا
الشرق الأوسط لـ»البناء» إلى أنّ «لقاء ترامب ـ نتنياهو والتفاهمات التي قد يكون أفضى إليها الاتفاق إضافة إلى تصريحات ترامب، يغلب عليها المناخ التفاوضي والخيار السلمي أكثر من الجنوح نحو خيار الحرب، انطلاقاً من وثيقة الأمن القومي الأميركي، وبالتالي أهمية اللقاء أنّه حدّد كيفية إدارة الملفات والحروب في المنطقة وضبط نتنياهو تحت سقف المصالح الأميركية والتوجهات الترامبية، وهذا لا يعني أنّ الحكومة
الإسرائيلية ستتوقف عن أعمالها العسكرية لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في سورية لكن بحدود منع إشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة تهدّد المصالح الأميركية وتعاكس وثيقة الأمن القومي الأميركي مع احتمال استهداف إيران بحال توافرت الظروف لتحقيق هذا الهدف والتغطية الأميركية بالدرجة الأولى»، كما أوضح الخبراء أنّ «ما حصل بين ترامب ونتنياهو هو مقايضة بين دعم ترامب لنتنياهو في ما أراده من الدعم الانتخابي والعفو والمصالح الأمنية الإسرائيلية في سورية ولبنان وغزة وحرية الحركة العسكرية والأمنية في هذه الساحات من دون إشعال الحرب الشاملة، مقابل انضباط نتنياهو تحت سقف المصالح الأميركية قبل أشهر قليلة من الانتخابات النصفية الأميركية». وخلص الخبراء إلى أنّ «العنوان العام للقاء هو إدارة الملفات في المنطقة على قاعدة التوفيق قدر الإمكان بين مصالح ترامب ونتنياهو والولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت عينه».
ولدى سؤال ترامب هل على «إسرائيل» أن تهاجم
حزب الله بعدما حصل إخفاق في اتفاق وقف الأعمال العدائية، قال ترامب إثر اجتماعه مع نتنياهو في فلوريدا «سنرى ذلك، الحكومة اللبنانية في وضع غير موآتٍ بعض الشيء، وحزب الله يتصرّف بشكل سيئ، سنرى ماذا سيحدث».
ويشير ديبلوماسي اوروبي لـ»البناء» الى أنّ «»إسرائيل» تريد أولاً معالجة نهائيّة للسلاح الاستراتيجي للحزب وتحديداً الصواريخ الدقيقة والمُسيّرات التي تحمل المتفجرات والتي استخدمت خلال حرب الستين يوماً، كما يريد إنشاء منطقة عازلة في الجنوب في عمق 7 كلم منزوعة السلاح والسكان واليونفيل وحتى الجيش اللبناني، وهذا ما ستحاول «إسرائيل» تنفيذه في العام المقبل عبر تكثيف ضرباتها العسكرية وعمليات التوغل لتهجير قرى الشريط الحدودي». وحذّر المسؤول من «مرحلة ما بعد رحيل القوات الدولية من الجنوب وفق قرار إنهاء القوات في مجلس الأمن الدولي، وما يمكن أن يُخفي من مخطط في هذا الشأن». وخلص الدبلوماسي إلى القول إنّ «الإعتداءات الإسرائيلية ستستمر على لبنان والتوتر سيبقى سيد الموقف بالتوازي مع استئناف التفاوض عبر الميكانيزم وفق آليات عمل جديدة قد تساهم في تخفيف حدة التوتر لكن الخطر يتأتى من مكانين: الأول مخطط إسرائيلي لإنشاء شريط عازل على طول الحدود، والثاني انتقال الثقل العسكري
الإسرائيلي من جنوب الليطاني إلى شمال الليطاني مع قرب إعلان الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى في جنوب الليطاني بحصر السلاح في يد الدولة».