تواصلت الغارات
الإسرائيلية العنيفة طوال يوم امس على عدد من مناطق الجنوب والبقاع ، في وقت يستمر الجدل حول ما بعد إنجاز الجيش لمهامه جنوب الليطاني، بين دعوات للتمسك بما ينص عليه القرار 1701 باعتبار الانتهاء من مرحلة وقف الأعمال العدائية التي تشمل إضافة لسيطرة الجيش على جنوب الليطاني، انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق ووقف اعتداءاتها، كشرط للانتقال الى مرحلة الحلّ الدائم وفيها بحث مصير سلاح
حزب الله ، شمال الليطاني، في المقابل دعوات تصدّرها رئيس الحكومة نواف سلام تقول بالذهاب الى شمال الليطاني فورا.
وكتبت "نداء الوطن" أن الأجواء التي وصلت من واشنطن إلى الرئاسة الأولى والدولة
اللبنانية تؤكد أن الرئيس الأميركي
دونالد ترامب سيطلب من رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستمرار بالحل الدبلوماسي وتطوير التفاوض مع
لبنان بدل اللجوء إلى الحل العسكري في هذه المرحلة خصوصًا إذا كان التفاوض سيوصل إلى تسليم سلاح "حزب الله".
وحسب هذه الأجواء أيضًا، فإن تقدم التفاوض يعني إبعاد شبح الحرب، وهذا ما يفسر كلام الرئيس عون من بكركي صبيحة الميلاد حيث تحدث عن هذه النقطة والتي استند فيها إلى التطمينات الأميركية أولًا وأجواء اجتماع "الميكانيزم" والاتصالات الدولية الغربية خصوصًا مع الفاتيكان وواشنطن، وبالتالي ينتظر الجميع قمة ترامب ونتنياهو لقراءة تطورات المرحلة المقبلة.
من جهة ثانية، أشار مصدر رسمي لـ "نداء الوطن" إلى أن الغارات الإسرائيلية أمس تدل على أن تل أبيب مصرة على الاستمرار بضغطها العسكري بالتوازي مع المفاوضات. وعبّر عن تخوفه من ارتفاع حجم الضغط وتكثيف الغارات قبل اجتماع "الميكانيزم" المقبل.
وأكد المصدر أن لبنان يفعل كل ما بوسعه لتفادي الحرب وهو يقترب من إعلان انتهاء المرحلة الأولى من قرار حصر السلاح، في حين أن
إسرائيل لا تلتزم بما هو مطلوب منها.
وكتبت" النهار": كانت الحكومة تتعرض لحملة لافتة مركزة من الركنين الدينيين الأساسيين للطائفة الشيعية على خلفية تأكيد رئيس الحكومة نواف سلام الاستعداد للانتقال بعد جنوب الليطاني إلى شمال الليطاني" .
وكتبت" الشرق الاوسط": استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة، إذ وصفها
نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب بأنها «إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد»، فيما وصفها المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان بأنها «حكومة منبطحة».
ويأتي هذا الهجوم على الحكومة قبل نحو أسبوع من الإعلان عن استكمال المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني، والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، في عمق يمتد إلى نحو 40 كيلومتراً شمال الحدود مع إسرائيل. كما يتزامن ذلك مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية في العمق اللبناني، قبيل لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في
الولايات المتحدة .
وكان نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، دعا في خطبة الجمعة السلطة السياسية الى "وقف مسلسل التراجع امام العدو الاسرائيلي وداعميه والتوقف عن تقديم التنازلات المجانية ومن دون مقابل".
أضاف: "لعل أسوأ ما طالعتنا به هذه السلطة على أبواب السنة الجديدة ، نيتها الإنتقال إلى حصر السلاح شمال الليطاني بحسب ما صرح به رئيس الحكومة ،في مبادرة مجانية ومن دون أي مقابل أو ثمن من جانب العدو الإسرائيلي الذي ما يزال مصرا على احتلال الأرض واستمرار العدوان الذي ينزل بأهلنا القتل والدمار والخراب،وقد بلغ الفجور الصهيوني مداه من دون رادع أو وازع".
وتابع الخطيب :"إن هذه السياسة ،أقل ما يقال فيها أنها سياسة استسلام لإرادة العدو وداعميه ،وسياسة تجاهل لكل آلام شعبنا ومعاناته اليومية ،وتجاوز لكل المبادئ التي تقوم عليها الحروب أيا كانت نتائجها، إلا إذا كانت هذه الحكومة تعتبرنا أمة غير لبنانية او أمة مهزومة وعليها تقديم فروض الطاعة ،وتجاوز كل التضحيات التي قدمها أهلنا طوال عقود ماضية على مذبح الوطن دفاعا عن الأرض والعرض". وسأل :"أي سياسة هي هذه التي تقوم على التنازلات ،والتنازلات فقط ،وأي مستقبل ننتظره في حال استمرار هذه السياسة؟"، وقال :"هناك إنطباع بأن هناك ادارة تنفذ ما يفرضه
الاميركيون وليست حكومة تحكم البلاد. لذلك ننصح هذه الحكومة بأن تراجع موقفها وتوقف مسلسل التراجعات ،فنحن لسنا ضعافا ولسنا مهزومين،وأن تأخذ القرارات بناء على هذا المفهوم".
وبدوره قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان أن "ما نريده لهذا البلد حكومة وطنية بحجم مصالح لبنان وأهله، وليس حكومة لوائح دولية، والانبطاح الحكومي إنما يهدد مصالح لبنان، والحكومة هي حكومة بمقدار ما تتحمل من مسؤوليات إغاثة وإعمار وسيادة على الأرض، وليس من مصلحتها أن تتعامل مع البقاع والجنوب والضاحية كندّ يتموضع بجانب الخارج، ولا قيمة للشعارات والمواقف التي لا تتحوّل إلى سياسات سيادية خاصة اتجاه الإرهاب الصهيوني، وخيارنا لبنان وسيادة لبنان، والدفاع الشامل عن العقيدة الوطنية. وإسرائيل لا يمكن أن تربح طالما القرار السيادي موحّد، والسيادة لا يمكن أن تتجزأ، فلبنان لبنان بكلّه، والوطنية لا يمكن أن تتفرّق، والدفاع عن الجنوب أو البقاع أو الضاحية دفاع عن كل لبنان، وقيمة الحكومة في هذا المجال هي بمسؤوليتها اتجاه شعبها وأرضها وسيادتها الحدودية، لأنه لا يمكن التعويل على حكومة منبطحة ".
على الصعيد الميداني شن الطيران الاسرائيلي امس سلسلة غارات مستهدفا جرود الهرمل في البقاع وإقليم التفاح في الجنوب. كما ألقت مسيرة اسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة العديسة. وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر "إكس": " أغار جيش الدفاع قبل قليل على بنى تحتية إرهابية لحزب الله في عدة مناطق بلبنان". وأضاف:" خلال الضربات تم استهداف مجمع تدريبات وتأهيل استخدمته وحدة قوة الرضوان في حزب الله لتأهيل عناصر الوحدة وبهدف تخطيط وتنفيذ مخططات إرهابية ضد قوات جيش الدفاع ومواطني دولة إسرائيل". وتابع: " في اطار التدريبات في المعسكر خضع العناصر الأرهابية لتدريبات رمي وأخرى لاستخدام أنواع مختلفة من السلاح".وأشار الى أنه تم استهداف عدة مستودعات أسلحة وبنى تحتية إرهابية أخرى استخدمها حزب الله للدفع بمخططات إرهابية ضد قوات جيش الدفاع ودولة إسرائيل.
وختم : "في المقابل هاجم جيش الدفاع مبان عدة عسكرية استخدمها حزب الله في شمال لبنان للدفع بمخططات إرهابية، تشكل الأهداف التي تم ضربها إلى جانب اجراء حزب الله تدريبات عسكرية استعدادًا لشن عمليات ضد دولة اسرائيل انتهاكًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان وتهديدًا على دولة إسرائيل".