في المشهد السياسي اللبناني، يُلاحظ أنّ
حزب الله يعمل في المرحلة الحالية على توسيع دائرة تحالفاته
الانتخابية بشكل منظّم ومدروس، تمهيدًا لخوض الاستحقاق النيابي المقبل بثقلٍ أكبر وحضورٍ أوسع.
لا يبدو الحزب متمسكًا بحصر الناتج الانتخابي ضمن الإطار
الشيعي الضيق، بل يظهر استعدادًا لمنح حلفائه فرصًا حقيقية للحصول على عدد من المقاعد غير
الشيعية ، طالما أنّ هؤلاء الحلفاء ينسجمون مع خطه السياسي العام ويؤمّنون استقرار التحالف العريض الذي ينسج خيوطه بصمت.
الفكرة الأساسية التي يسعى الحزب إلى تكريسها عبر هذا المسار هي أنه ليس قوة منعزلة داخل
لبنان ، بل جزء من شبكة تحالفات سياسية قادرة على حماية نفسها وتطوير حضورها، وأنه قادر على تحسين شروط حلفائه وتعزيز مواقعهم داخل السلطة. ومن خلال دعم هؤلاء في دوائر متعددة، يأمل بأن يترجم ذلك لاحقًا إلى وزن تفاوضي أكبر، سواء في
القضايا الحكومية أو في إدارة الملفات الحساسة التي تتداخل فيها الحسابات الداخلية مع المعادلات الإقليمية. بهذا المعنى، يريد الحزب أن يظهر كركيزة ثابتة داخل النظام، لا كلاعب هامشي يعتمد فقط على كتلته التقليدية.
غير أنّ هذا التوجه لا يحظى بإجماع كامل داخل البيئة السياسية الداعمة له. ثمة رأي آخر يرى أنّ تقديم مقاعد نيابية لحلفاء من خارج الدائرة المباشرة للحزب قد لا يخدمه على المدى
الطويل ، ويطالب بضرورة استعادة أكبر عدد ممكن من المقاعد التي سبق أن وُضعت بتصرّف الحلفاء في مراحل سابقة
هذا الرأي يعتبر أنّ وجود كتلة نيابية وازنة ومباشرة للحزب، إلى جانب كتلة
حركة أمل ، من شأنه أن يمنحهما ما يشبه الثلث داخل المجلس النيابي، وهو ما يوازي قوة تعطيلية وسياسية مرتفعة يصعب تجاوزها أو الالتفاف عليها في أي استحقاق أو تسوية.
وبين هذين الخيارين، يستمر
النقاش غير المعلن حول حدود التوسّع او التمسّك بالكتلة الصلبة. فالمعادلة دقيقة، إذ إنّ المبالغة في توزيع النفوذ قد تضعف مركز القرار، بينما قد يؤدي احتكار التمثيل إلى خلق حساسيات داخل التحالفات. ما يبدو ثابتًا حتى الآن هو أن الحزب يتصرف ببراغماتية هادئة، يوازن عبرها بين الحاجة إلى تثبيت حضوره الوطني، وبين الحرص على إبقاء خيوط التفاهم مع حلفائه متماسكة، في مرحلة سياسية دقيقة تتطلب حسابات حذرة لكل خطوة تُتخذ.