كان لافتا في الجلسة الاخيرة للحكومة تسريب معلومات صحافية عن انسحاب وزراء "
القوات اللبنانية " من جلسة
مجلس الوزراء احتجاجا على عدم الاخذ برأيهم من موضوع الفجوة المالية.
وكتبت" نداء الوطن": الوقائع تشير بوضوح إلى أن الوزراء المعنيين بقوا في الجلسة حتى نهايتها، وخاضوا نقاشًا تفصيليًا حول المبادئ والمواد التي من شأنها الإطاحة بحقوق المودعين، لا سيما تلك التي تفتقر إلى تحديد واضح للمسؤوليات أو تفتح الباب أمام تحميل الخسائر للفئات الأضعف. ولم يقتصر هذا
النقاش على الاعتراض، بل تَرافق في كل مرحلة مع طرح بدائل عملية وتعديلات ملموسة، رغم ضيق المهلة الزمنية التي أُعطيت لدراسة قانون بهذه الخطورة على مستقبل
لبنان المالي والاجتماعي، مع
العلم ان اقتراحاتهم الجوهرية جوبهت بالرفض من قبل معدي المسودة.
تُشدّد المقاربة على مسؤولية
مصرف لبنان والتزاماته تجاه المصارف والمودعين، وعلى أن أموال الاحتياطي الإلزامي ليست أموالًا عامة أو متاحة للتصرّف، بل هي في جوهرها أموال مودعين اقتُطعت كنسبة مئوية من ودائعهم لتأمين هذا الاحتياطي. وفي موازاة ذلك، لا يمكن إعفاء المصارف من مسؤولياتها القانونية تجاه المودعين، ولا من تبعات خياراتها الاستثمارية التي راكمت الخسائر، علما ان الأزمة شاملة، اقتصادية ومالية ونقدية وسياسية (من سياسات الحكومات)، وليست ازمة تعثر مصرف او اكثر.
في المقابل، ترى القوات ان خطورة المقاربة المطروحة تكمن في تسليمها المسبق بعجز الدولة عن القيام بإصلاحات حقيقية أو زيادة وارداتها، فتذهب مباشرة إلى تحميل العبء للمودعين تحت شعار “أفضل الممكن”. هذا المنطق لا يعيد الثقة بالدولة
اللبنانية ولا بالقطاع المصرفي، بل يكرّس الانهيار كسياسة عامة، ويحوّل الاستثناء إلى قاعدة.
فالحلّ، وفق هذه المقاربة البديلة، يجب أن يبدأ من تحمّل الدولة لمسؤولياتها في تحسين التحصيل الجمركي والضريبي، وفرض الرسوم والغرامات على المخالفات، من الأسلاك البحرية غير الشرعية إلى الكسارات، إضافة إلى إدارة أكثر كفاءة للموارد العامة والأصول. ذلك يؤمن السيولة التدريجية اللازمة لردّ الودائع عبر رسملة مصرف لبنان، وتسديد الديون الخارجية، بما فيها اليوروبوند وديون المؤسسات الدولية.
أما الركيزة التي لا يمكن تجاوزها، فهي المحاسبة. فلا معنى لأي خطة إنقاذ من دون نصّ صريح يضمن حق الملاحقة القضائية، وإجراء تدقيق جنائي شامل، وتتبع حركة الأموال والحسابات المشبوهة، خاصة المستفيدة من عقود أُبرمت مع الدولة خلافًا للأصول.