آخر الأخبار

ليس عسكريًا فقط... طريقة أخرى يتم الضغط بها على حزب الله!

شارك
كتبت "آرم نيوز":
أكدت مصادر لبنانية مطلعة، أن المواجهة مع حزب الله لم تعد محصورة بالصواريخ أو خطوط التماس جنوب الليطاني، بل يجري منذ أسابيع تنفيذ مقاربة مختلفة، أقل ضجيجا وأكثر تأثيرا، تركز على الضغط على البنية الاقتصادية التي تشكل العمود الفقري لاستمرار الحزب داخل بيئته.

وتكشف مصادر سياسية أن تقديرات غير رسمية وضعتها جهات لبنانية بالتنسيق مع أطراف دولية، تشير إلى أن نحو 55 إلى 65 في المئة من قدرة الحزب على الصمود داخليا لا ترتبط بالسلاح مباشرة، بل بشبكة مالية - خدماتية تشمل رواتب، تعويضات، قروضا صغيرة، ومساعدات اجتماعية دورية، تشكل معا ما يشبه "دولة ظل" موازية للدولة اللبنانية .

تنقل المصادر السياسية عن خبراء مصرفيين، أن حجم السيولة النقدية التي دارت سنويا داخل الشبكات الاقتصادية المرتبطة بالحزب خلال الأعوام الثلاثة الماضية يُقدّر ما بين 1.1 و1.4 مليار دولار، معظمها نقدي وغير خاضع للرقابة الرسمية.

ويوضح الخبراء أن هذه السيولة لا تظهر في شكل ميزانية مركزية، بل موزعة على عشرات القنوات الصغيرة، مثل جمعيات، صناديق تعاضد، شبكات قروض، ومؤسسات خدماتية.

وتبيّن المصادر المطلعة على عمل "مؤسسة القرض الحسن" أن عدد المستفيدين النشطين من خدماتها المالية، سواء عبر قروض مباشرة أو إعادة جدولة ديون أو رهن ذهب، يتراوح بين 220 و260 ألف مستفيد سنويا، مع متوسط قروض صغيرة يتراوح بين 800 و1500 دولار للفرد، ما يجعلها أداة استقرار اجتماعي لا مجرد مؤسسة إقراض.

وخلال سنوات المواجهة مع إسرائيل ، جرى تسويق اقتصاد الظل الذي يديره حزب الله بوصفه "اقتصاد صمود"، لكن مصادر اجتماعية من داخل بيئة الحزب تقول لـ"إرم نيوز" إن الوظيفة تغيرت تدريجيا، خاصةً بعد حرب 2024، ليصبح اقتصاد ضبط واحتواء.

وتوضح المصادر أن التعويضات بعد الحرب لم تُمنح على أساس الضرر فقط، بل وفق معايير "الالتزام والانضباط"، حيث جرى تأخير أو تقليص بعض المدفوعات لعائلات وقرى وُصفت بأنها "غير منضبطة سياسياً".

وتقدّر المصادر أن نحو 20 في المئة من العائلات المتضررة لم تحصل على كامل التعويضات التي وُعدت بها حتى نهاية 2025.

ينقل مصدر سياسي لبناني عن مصادر دبلوماسية غربية تتابع الملف اللبناني قولها إن نزع السلاح الكامل "هدف بعيد ومعقد"، لكن تفكيك الاقتصاد الموازي هدف قابل للتحقق التدريجي. وتقول المصادر الدبلوماسية إن الفكرة الأساسية تقوم على أن السلاح بلا شبكة مالية يتحول إلى عبء على حامله، لا إلى مصدر قوة.

وتشير معلومات خاصة إلى أن نقاشات جرت داخل أروقة رسمية لبنانية حول ربط أي دعم خارجي أو تسهيلات مالية مستقبلية بمدى قدرة الدولة على استعادة جزء من السيطرة على الدورة النقدية داخل مناطق نفوذ الحزب، ولو بشكل جزئي.

ولا تخفي مصادر رسمية لبنانية أن "القرض الحسن" بات يشكل التحدي الأصعب في أي مسار إصلاحي. فالمؤسسة، غير المرخصة كمصرف، تؤدي عمليا وظائف مصرفية كاملة، كالإيداع، والإقراض، والضمانات، وجدولة الديون.

وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن حجم الذهب المرهون لدى مؤسسة القرض الحسن يتراوح بين 8 إلى 10 أطنان، وهو ما يوفر لها قدرة استثنائية على المناورة في بيئة نقدية منهارة مثل لبنان .

تشير مصادر متابعة إلى أن التمويل الخارجي المباشر للحزب تراجع بشكل ملحوظ مقارنة بسنوات ما قبل 2019، نتيجة الضغوط والعقوبات وتغير أولويات الداعمين. هذا التراجع دفع الحزب إلى تعظيم الاعتماد على التمويل الذاتي، أي على ما ينتجه داخل لبنان.

وتشير تقارير مركز "Jamestown" إلى أن الحزب استخدم الذهب المرهون لديه، ليس فقط كوسيلة إقراض، بل كأداة تمويل بديل، في ظل استحالة التحويلات البنكية بسبب العقوبات ، وبهذا يكون "القرض الحسن" تحول من مؤسسة خدمات اجتماعية إلى مصرف رديف ذي طابع أمني واستخباري في جوهره.

وتقول المصادر إن هذا التحول جعل الحزب أكثر حساسية لأي ضغط اقتصادي داخلي، وأكثر انكشافا أمام أي اضطراب نقدي أو اجتماعي في مناطقه.

بحسب تقديرات لخبراء اقتصاديين لبنانيين، فإن تفكيك الاقتصاد الموازي لن يتم دفعة واحدة، بل عبر خطوات تراكمية، أهمها
تشديد الرقابة، تضييق هوامش الحركة، وزيادة كلفة التشغيل، ما قد يؤدي خلال عامين إلى ثلاثة أعوام لتآكل تدريجي في قدرة الحزب على شراء الولاء الاجتماعي.

تختم المصادر السياسية اللبنانية، بالقول إن لبنان دخل مرحلة جديدة، لم يعد فيها السلاح ساحة الاشتباك الوحيدة، ولا حتى الأهم "المعركة الفعلية باتت على الاقتصاد الذي يحمل حزب الله، وعلى الشبكة التي تجعله مقبولا ومحميا داخل بيئته". وتخلص المصادر إلى أن نزع السلاح قد يكون عنوانا سياسيا، لكن تفكيك الاقتصاد هو الاختبار الحقيقي لقيامة الدولة اللبنانية من جديد.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا