كتب
ابراهيم
حيدر في" النهار": تطبق التهديدات
الإسرائيلية للبنان على ملفات التفاوض، رغم الضغوط الأميركية لمنع الحرب وإعطاء فرصة للبنان كي يتمكن من تطبيق خطته، وتنفيذ الشروط القاسية حول "
حزب الله " وبنيته العسكرية والمالية، ليتبين أن الدوافع الإسرائيلية للتلويح بالحرب، ترتبط بآلية التفاوض مع
لبنان أولاً بالضغط لتنفيذ الشروط، ولتكريس أمر واقع يقوم على الفصل بين المسار الأمني والمفاوضات، عبر استمرار العمليات ضد "حزب الله" واغتيال كوادره.
تستبق
إسرائيل انتهاء المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، بالتشكيك بقدرة لبنان وجيشه في حصر السلاح، إذ إنها تتحجج بإعادة بناء "حزب الله" لقدراته وأنها ستتولى هي نزعه، ما يعني رفضها طلب لبنان الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة ما لم يتم الاتفاق على ترتيبات حدودية ومنطقة أمنية عازلة. ورغم أن الجيش حقق جزءاً كبيراً من روزنامة خطته جنوباً، إلا أن الوقائع تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة على وقع ما سينتج عن اجتماعات الميكانيزم، في الوقت الذي يستمر فيه "حزب الله" برفض خطة حصر السلاح والتفاوض، ويجاهر بإعادة بناء قوته، وهو ما أكده الامين العام للحزب الشيخ نعيم
قاسم أخيراً، ما يمنح
الاحتلال مزيداً من الذرائع التي يتسلح بها لاستمرار عملياته العسكرية، والأخطر أنه يضعف موقف الدولة ولا يسند المفاوض اللبناني لا بعناصر قوة ولا بالقدرة على المناورة في ظل الضغوط التي يتعرض لها لبنان.
وفي الواقع يبدو لبنان أمام خيارات صعبة، إذ أن الجيش لا يستطيع أن ينزع السلاح بالقوة، تجنباً لصدام أهلي داخلي، فيما موازين القوى لا تسمح للبنان إلا خوض الخيار الديبلوماسي ومناشدة
المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب. فالدولة الآن في حالة ضعف أو أن موقفها لا يستند إلى عناصر قوة ومظلة تقي لبنان من الحرب أو حتى رفض الشروط. ففي حادثة يانوح الأخيرة أجبرت إسرائيل لبنان على تنفيذ أحد شروطها عبر
الأميركيين وهو الدخول إلى المنازل والأملاك الخاصة للبحث عن أسلحة وذخائر، وهو أمر اضطر الجيش لممارسته حيث يمتنع الحزب عن تسهيل مهماته لسحب الذرائع الإسرائيلية، وإذا تخلى عن الدخول يتعرض المنزل للقصف. وهذه المعادلة تريد إسرائيل تكريسها تحت التهديد كجزء مما تريده في التفاوض أيضاً عبر لجنة الميكانيزم. والأخطر أن إسرائيل تريد أن يكون لها اليد الطولى في التحرك وفقاً لتفسيرها اتفاق وقف النار وتثبيت معادلة في الجنوب أنها صاحبة القرار طالما هي المسيطرة أمنياً وعسكرياً.
سيكون مسار التفاوض صعباً في المرحلة المقبلة، لكن المأزق أن "حزب الله" إذا استمر في موقفه المعطل لكل إجراءات الدولة، سيضعها في معضلة أمام ما تطالب به الدول الراعية لاتفاق وقف النار والمشاركة في لجنة الميكانيزم، إذ على الجيش توثيق ما ينجزه جنوباً من السلاح ضمن آلية التدقيق المطلوبة قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية شمال الليطاني وحتى الأولي والبقاع التي ستشتد فيها الضغوط لسحب السلاح، وإذا لم يكن "حزب الله" متعاوناً مع الدولة، سيجر البلاد إلى إلى منعطف صعب وإلى كارثة، وسيبقي لبنان محاصراً ومطوقاً وعاجزاً أمام آلة الحرب الإسرائيلية وضغوطها؟