أقامت جمعية "مارتش" الحفل الختامي لمبادرة تنظيف وإنارة قلعة
طرابلس الأثرية تحت عنوان "المصالحة من خلال الثقافة"، برعاية وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة، في حرم قلعة طرابلس، بحضور ممثل وزير الثقافة المهندس سركيس خوري، النائب السابق علي الدرويش، ممثل قائد الجيش العميد عبد
الكريم اسعد، محافظ
لبنان
الشمالي ايمان الرافعي، رئيس بلدية طرابلس عبد الحميد كريمة، فيكتوريا دانز ممثلة السفارة
البريطانية .
عطية
بعد النشيد الوطني، أشارت جوانا عطية الى ان "مشروع تنظيف القلعة هو عمل على هوية وعلى انتماء لاعادة احياء مرفق هام بالنسبة للمدينة" .
وقالت: "هذا المشروع يعطي قيمة لهذه اللحظة التي نسعى لنعيد فيها قلعة لا تزال تتمتع بالحضور".
بارودي
وبعد عرض فيديو بعنوان "لمحة عن قلعة طرابلس"، لفتت ليا بارودي الى ان "هذا المكان شهد على عظمة المدينة".
وقالت: "الشكر للحاضرين ولشباب جبل محسن والتبانه والمنكوبين ووادي النحله والملولي وكل المناطق التي شاركت في هذا المشروع، لان وجودنا اليوم ليس فقط لنكرم تاريخ القلعة انما لنحتفل بهذه اللحظة لان هذا المشروع هو جزء من مسار طويل من ماضي الجمعية منذ اكثر من 10 سنوات، والتي سعت لتصلح ما خرب في هذه المدينة بعد حروب ممنهجة، وهي تعمل في اكثر المناطق تهميشا، في مناطق كبيرة تربى فيها الشباب على اصوات الرصاص والخوف وعلى اساس ان لا احد يراهن عليهم ولا يرى وجودهم، وحيث عملت مارش مع الشباب في خطوط التماس بن جبل المحسن والتبانه فانخرط في هذا المشروع المئات من شباب طرابلس في مشاريع مختلفة وخدمات اجتماعية في الاحياء ونجحت في ان تخفف عن الشباب وان يعيشوا معا بكرامة".
اضافت: "القلعة كنز لطرابلس لبنان وتراث وتاريخ، وما يعطي لهذه المبادرة معناها الحقيقي هم الشباب الذين كانوا على جبهات المواجهة، هم من عملوا على تنظيف القلعة ورمموها بإشراف مديرية الاثار وبالتعاون اليوم مع
الجيش اللبناني ".
وتابعت: "هناك تسميات أطلقت على شباب طرابلس من ارهاب وغيره، وهي صفات في غير محلها، ولا بد من تجنب الصفات المسبقة. ان قلعة طرابلس اليوم هي بفعل جهودهم انظف لان هؤلاء يستطيعون القيام بذلك".
وأثنت على دور "الجيش اللبناني الاساسي وهو وجه الدولة الوحيد".
وتحدثت عن الاعمال التي نفذتها "مارتش" بالتعاون مع الجيش اللبناني، والتي "قربت المسافات بين الشباب والجيش الشريك الاساسي في المصالحة وبناء الثقة بين الشباب ومحيطهم".
كرم
وبعد عرض فيلم عن اعمال التنظيف التي جرت في القلعة، قالت سمر كرم من مديرية الاثار: "يسرنا أن نستقبل الجميع في قلعة طرابلس، وجميل ان تكون القلعة هي البيت الذي يستقبل الجميع".
اضافت: "عندما نتحدث عن التراث لا نقول انها مسؤولية الدولة فقط، عندما نقول اننا نريد ان نصون هذا التراث فالامر يضع المسؤولية في سياق
التزام وطني جماعي ومشاركة كل فرد ومؤسسة، فالتراث ليس مجرد حجارة بل ركيزة مهمة لكي نتحدث عن هويتنا الثقافية والذكرى التي ستحفظ من سبق وستحفظ ايضا هذا الجيل" .
وتابعت: "ان المحافظة على الاثار تدخل ضمن مسار كامل من القيم والمعارف والعادات التي تشكل صلة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. من الضروري جدا مشاركة كل القطاعات لنحافظ على تراثنا".
كريمة
بدوره، قال رئيس بلدية طرابلس: "نجتمع اليوم في مكان يحفظ ذاكرة الحرب والانتصارات، في قلعة كانت يوما حامية للمدينة، فتصبح اليوم شاهدة على ميلاد مرحلة جديدة، مرحلة تُثبت أن طرابلس لا تُصلحها السياسة وحدها، بل تُصلحها الثقافة، تُصلحها الإرادة، وتُصلحها قلوب أبنائها حين تتكاتف".
اضاف: "من باب التبانه، إلى جبل محسن، إلى الأحياء المحيطة، شباب كانوا سابقا على طرفي النزاع، ها هم اليوم كتفا إلى كتف، يعملون مع الجيش ومع كل الخيرين، ينظفون القلعة، يحرسون التراث، ويرممون ما حاولت السنوات هدمه. وهذا الانجاز ليس مجرد مبادرة بل رسالة عن طرابلس التي تنهض حين يقرر أبناؤها ذلك".
وتابع: "هنا لا بد أن نتوقف بصدق أمام الجهة التي آمنت بهذا التحول منذ بدايته: جمعية مارتش، التي قرأت في شباب المدينة طاقة لا مشكلة، ورأت في الثقافة جسرا لا حاجزا. شكرا لمارتش على إصرارها أن تكون شريكا مستمرا لا ضيفا عابرا، وعلى أنها اختارت أن تستثمر في الإنسان قبل الحجر، في فن الشارع قبل بيانات المؤتمرات، وفي المصالحة الحقيقية التي تبدأ حين نرى في الآخر إنسانا يشبهنا لا خصما علينا هزمه".
واردف: "نحن اليوم نرفع علم التكاتف، علم القرار بأن نبقى معا، نرفع راية تقول: إن ما توحد هنا في القلعة سيبقى مجتمعا في الشوارع، وإن ما بدأ كمبادرة ثقافية تحول إلى وعد لمدينة: وعد بأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا حين نتركه يفعل ذلك. ومن قلب هذه القلعة، من حجارتها التي سمعت أصوات الصراع وتسمع اليوم ضحكات المصالحة، نعلن أن طرابلس أقوى بوحدة أبنائها، وأن ثقافتنا حين تُزهر تُسقط كل حواجز الخوف وسنوات العزلة".
وختم: "لكل شاب وشابة شاركوا في هذا الإنجاز: أنتم الدليل أن الوطن يمكن أن يُبنى من جديد، بفكرة، بفرشاة رسم، وبابتسامة ثقة في الغد. شكرا لكم، شكرا لمارتش، شكرا لكل من آمن أن مستقبل طرابلس يبدأ هنا، حين نمد يدنا لبعض، لا على بعض".
ممثل سلامة
ثم كانت شهادات من شبان شاركوا في التأهيل، فكلمة ممثلة السفارة البريطانية، أعقبها ممثل وزير الثقافة الذي تحدث عن تجربة "التعاون بإشراف الجيش اللبناني بعد انفجار مرفأ
بيروت والتجربة المتقدمة التي تمكنت من خلالها الجهات المختصة من تحديد مناطق مصنفة تراثية وتمكن لبنان البلد الصغير من تصنيف 34 موقعا من اصل 120 فيما في
اوكرانيا نجحوا في تصنيف 23 منطقة".
وعرض لدور الجيش اللبناني في حماية مثل هذا التصنيف، مثنيا على دور وحدة الجيش التي تولت حماية الممتلكات الثقافية باعتبار ان "تجربة التصنيف رائدة بالنسبة للبنان".
وقال: "التراث في لبنان يمكنه ان يشكل اهم رافعة اقتصادية، فلا تكاد تخلو اي مدينة او اي قرية من موقع ثقافي يمكن ان يكون منتجا بالمعنى الايجابي للاقتصاد الوطني وللتنمية المستدامة".
اضاف: "دور وزارة الثقافة لا يمكن ان يكون ناجحا الا بالتعاون بين كل اللبنانيين، فكل فرد في لبنان يمكنه ان يلعب دوره على قدر احتماله، والتعاون بين كل المؤسسات والجمعيات والمجتمع المحلي يمكن ان يكون منتجا وايجابيا وخاصة في مدينة كطرابلس الغنية عن التعريف بتراثها الاجتماعي والاثري. هذا التميز الطرابلسي دفع وزارة الثقافة الى وضع المدينة على لائحة التراث العالمي".
ونوه بأعمال عدة في المدينة نفذت بالتعاون مع مؤسسات دولية مختصة، حيث أمكن انقاذ احد المباني المعرضة للخطر، مؤكدا "ضرورة حماية مدينة طرابلس الغنية بتراثها كرافعة اجتماعية اقتصادية".
الشهادات
وختاما وزعت الشهادات على المشاركين في المبادرة.